مهلا يا سفير فرنسا .. فإن كرامة المغاربة خط أحمــر.. !

0

قد يكون من غير المقبول، مناقشة دواعي إقدام السفير الفرنسي على إهانة المغاربة، لأن توقيت تصريحه، والعوامل التي كانت وراءه، لم تكن بالقوة التي حركت هذه العاصفة ضده مؤخرا، وإن كنا كمغاربة، نرفض الإهانة من أي طرف، لا يسعنا أمام هذه الواقعة، إلا أن نحتج وندين دفاعا عن كرامتنا، التي حاول هذا الدبلوماسي النيل منها، متجاهلا أبسط حقوقنا، التي استرجعناها بعد حصولنا على الاستقلال، والتي لن نقبل الاستخفاف بها، مهما كانت التضحيات المطلوبة منا، من أجل صيانتها والحفاظ عليها، وليسمح لنا سيادة السفير، أنه أخطأ في العنوان .. لأن الوطن لم يتمكن أي استعمار أجنبي عبر تاريخه من الدوس على كرامة أبنائه، واستباحة أعراضهم، ويكفي الصفحات المشرقة لتاريخ المقاومة، التي عجلت برحيلكم ياسفيرعن هذا الوطن المستعد دائما للدفاع عن كينونته واستقلاله.

هكذا نحن المغاربة، وهذه هي طبيعة مجتمعنا العربي الإسلامي، الذي ينتفض لعرضه وشرف وجوده، كلما حاول خصومه تجاوز ذلك، حتى في أحلك الظروف، التي مر منها مع أعتى الإمبراطوريات الاستعمارية .. ويعرف هؤلاء المغرضون أنهم مع بقية دول الغرب الرأسمالي وصلوا فيه إلى القمة، والذي تترجمه الرتب المتقدمة في التفكك الأسري .. الطلاق والشذوذ، التي لا نعاني منها في المجتمعات الشرقية بنفس المواصفات والنتائج .. ويكفي، أنهم قننوا البغاء كنشاط اقتصادي خدمي، يمكن ولوجه وممارسته تحت مراقبة السلطات، وفي واضحة النهار، إلى جانب السماح بممارسة الجنس في سن مبكرة بالنسبة للفتيات، وبموافقة الأسر، ناهيك عن اعتبار الثورة الجنسية جزء من المطالب التحررية، التي تروج لها الرأسمالية الممولة اليوم، بالرغم من كل مضاعفاتها المرضية على الفرد والمجتمع، وحتى إن اعتقدوا عن خطأ أن

ما قالوه في حق المغاربة صحيحا، وأنه يمكن، واعتبار المغرب من الوجهات المفضلة والراقية في السياحة الجنسية الرخيصة، وأننا من الدول النشيطة في تجارة الجنس في العالم العربي، وأن الدعارة أصبحت من أنشطة البطالة المقنعة المدرة للدخل بالنسبة للنساء في المغرب .. وبالتالي، أن جسد المرأة المغربية مستباح، ولا أحد يحرص على كرامته وعفته في المجتمع، إلى آخر المبررات، التي يتحدث عنها هؤلاء الفرنسيون، والتي تكشف زيف ثقافتهم عن حقوق الإنسان، وحرية الشعوب، التي تعلمنا من ثورتهم التاريخية، التي حرضت شعوب العالم على النضال من أجل الاستقلال والحرية في أحلك الظروف التاريخية، التي هيمن فيها الغرب الامبريالي على معظم قارات العالم، وأننا من هذه الشعوب التي ناضلت من أجل استقلالها، ولم تتأخر في أي وقت، حتى وإن كان ميزان القوى في غير صالحها، ولسنا بالضعف والعجز الذي يعتقده هؤلاء المتقولون، الذين خرجوا من الوطن في يوم من أيام القرن الماضي، ويتذكرون روح المقاومة والتحدي، الذي وجدوه في أبناء هذا الوطن القادر على حماية واستكمال استقلاله، مهما كانت فاتورة التضحيات المطلوبة منه لأجل ذلك .

نعم .. هكذا نحن المغاربة، لا نملك خيارات أخرى للسكوت أو الخوف ممن يريدون العبث بكرامتنا .. وسنظل كذلك، حتى يرث اللـه الأرض ومن عليها، مهما كان الثمن الذي سندفعه، فداء لعزة هذا الوطن، الذي تحرر من عربدتهم الاستعمارية  ولا يزال يطالبهم بتصفية ما تبقى من ملفات هذه المرحلة، في شرق وجنوب وغرب الوطن حتى الآن، وليعلم الحالمون من هؤلاء .. بأن المغاربة، قادرون على تقديم كل التضحيات من أجل استكمال تحرير واستقلال وطنهم، ولن تؤثر فيهم هذه المواقف الاستعمارية الرخيصة الجديدة، وأن قيمنا الحضارية الدينية والثقافية، توجهنا دائما إلى الحرص المطلق على شرف البلاد والعباد .. وبالتالي، أننا أكبر من أن نهان بهذه الأوصاف، التي لا يجب أن تكون في لغة هؤلاء الدبلوماسيين الفرنسيين .. وأننا كمغاربة، نعتز بهذا المغرب، الذي ننتمي إليه، ونفتخر بالوفاء والولاء له، كغيرنا من شعوب العالم المخلصة لأوطانها.

لا نمتلك في الأمانة العامة للنقابة المستقلة للصحافيين المغاربة، إلا هذه المشاعر الوطنية، اتجاه هذه المواقف الاستعمارية الجديدة، التي لم يتحرر أصحابها من الماضي، ويعتبرون أنفسهم أحرارا في النيل من كرامة الوطن، الذي أصبح يتمتع بالاستقلال والحرية، التي ينعمون بها، وتلك هي العقلية الاستعمارية، التي لا زالت تعتقد أنها حرة في التصرف مع الشعوب، التي كانت تستعمرها في يوم من الأيام .. ! .

لن نكون بالدعارة الأخلاقية، التي  تحدث بها هؤلاء السفهاء، ضد عزة المغرب وكرامة أبنائه، ويمكن أن نختزل القضية، بأننا أكبر من إهاناتهم الوضيعة، وبإمكانهم النظر إلى المرآة لمعرفة كم وكيف عيوبهم التي لا تحصى، رغم كل الفروق بيننا .. كما أن ما يرونه فينا لا يقاس بالوضاعة والتعفن والانحراف، الذي يعيشون فيه، والذي لم تتمكن كل المساحيق وعمليات التجميل من إخفائه.

قبل الختم، ليسمح لنا إخواننا في الأحزاب والنقابات والمجتمع المدني، الذين استنفروا المغاربة للاحتجاج أمام السفارة الفرنسية في الرباط، أن التعبئة للاحتجاج، لا يجب توظيفها لصالح أحزابهم ونقاباتهم وجمعياتهم، باستغلال الهشاشة والبطالة والفقر لتجنيد المغاربة للدفاع عن كرامة وطنهم .. ذلك، أن المغاربة لا يستحقون هذه السلوكات الانتخابية الدعائية الرخيصة، وهم مستعدون للدفاع عن كرامتهم رغم كل المعاناة اليومية، التي يعيشونها على أيديكم في هذا الزمن الرديء، الذي وجدوا أنفسهم فيه بين المطرقة والسندان، سواء كانوا في الأغلبية أو المعارضة، ولكن من أجل الوطن وكرامته كل شيء يهون، بالنسبة للمغاربة جميعا، الذين لا تحركهم المواقف التي يحركها أصحابها للغايات، التي يمتلكون وحدهم خلفياتها وأسبابها، حتى وإن كانت ظروفهم المعيشية، لا تتلاءم مع قوة هذه الروح التلقائية، ضد من تسول لهم مواقعهم ومصالحهم، احتقار هؤلاء المواطنين المحتجين، على دعارة ما قاله السفير الفرنسي، وليعلم من يناورون على البلد، أن المغاربة واعون بجميع التحركات التي تستهدف الوطن، وأنهم سيكونون بالمرصاد لكل المناورات، التي تحاك من هنا وهناك، ويردون على جميع المواقف بالردود التي تناسبها في الوقت الملائم.

مرة أخرى .. نقولها وبالوضوح الوطني الخالص، إن كرامة الوطن، خط أحمر يا حفدة “ليوطي” وليعلم السفهاء، الذين أرادوا إهانتنا، أننا لن نسكت عن حماقاتهم وانتقاداتهم، واتهاماتهم بالوسائل المتاحة أمامنا،  وذلك، هي الروح الوطنية، التي لن نتنازل عنها مهما كانت التكاليف، التي سندفعها مقابل أن يظل هذا الوطن وأبناؤه بالعزة والوقار والاستقلال، الذي يعيش فيه أي وطن في هذا العالم اليوم.

بقي لنا في النقابة المستقلة للصحافيين المغاربة، أن نوضح أن مضمون العنوان، غير موجه للعقلاء والمتنورين من الشعب الفرنسي، بقدر ما هو موجه للذين يحنون للزمن الاستعماري، وللذين لا يعترفون بحقوق الشعوب الأخرى، وباستقلالها وكرامة أبائها، وهذا أقل ما يمكن أن يقال لهم من المغاربة، الذين

لا يقلون عنهم غيرة ووطنية وإنسانية .. وليتذكر السفير الفرنسي في نهاية المطاف، إن كانت له ذاكرة سليمة، أن المغاربة  أكبر من الأوصاف التي تعلمها عنهم .. وأنه وغيره لا يعرفون كيف يدافع المغاربة عن وطنهم ومقدساتهم.

مابريس تي في : الأمانة العامة للنقابة المستقلة للصحافيين المغاربة

اترك رد