من يراقب عمال وميزانية الإنعاش الوطني بالخميسات…؟

0

Capture

مابريس / عادل الكرش

تعد مؤسسة الإنعاش الوطني مرفقا عموميا من الأهمية بمكان بالنظر للخدمات القيمة التي يسديها للمواطنين في مختلف المجالات الاجتماعية والاقتصادية والعمرانية والبيئية، فبفعل الميزانية الضخمة الموضوعة رهن إشارة القطاع سنويا، والمبرمجة لإقامة مشاريع استثمارية تتعلق بصيانة الطرقات وتعبيدها وشق المسالك والممرات بالعالم القروي، وتهيئة المجالات الحضرية، وإنجاز الأرصفة وبناء بعض المرافق العمومية، كالمؤسسات التعليمية والمستوصفات الصحية، ودور الطالبات في الجماعات القروية، إلى جانب الاهتمام بالمحيط البيئي عبر المساهمة الوازنة في محاربة ظاهرة التصحر وانجراف التربة بتشجيع حملات التشجير في المناطق الغابوية المتضررة عن طريق توظيف عمال موسميين  وقارين حسب قيمة المشروع وأهميته.

ميزانية الإنعاش الوطني يغلفها الصمت
الأكيد أن الميزانية العامة الموضوعة تحت تصرف إدارة الإنعاش الوطني المتعلقة بالتسيير والتجهيز تعد بالملايير من السنتيمات بالنظر إلى حجم الصفقات والمشاريع التي تقوم بها المؤسسة سنويا لصالح بعض الجماعات القروية والحضرية، وبالنظر أيضا إلى عدد السيارات والشاحنات التي تتوفر عليها المؤسسة ومصاريف التجهيز المكتبي والمحروقات والأدوات المستعملة في مجال البناء والبستنة (المعاول، الفؤوس، خراطيم المياه، رشاشات المبيدات الحشرية، آلات قطع العشب، مضخات إلخ…)، و هي أدوات تجدد سنويا حسب الاحتياجات، ناهيك عن صرف تعويضات العمال الرسميين، الذين يشتغلون في إطار السخرة والحراسة الليلة .. ! إلى جانب العمال الموسميين الذين يتم تجنديهم حسب الأشغال المراد إنجازها في جماعة ما بالنظر إلى قيمة المشروع والأظرفة المالية المرصودة له، وهذه العينة من اليد العاملة مشمولة بسرية كبيرة لأسباب لا يعلمها سوى الرجل الأول بالقطاع، ولأن الإدارة تعمل في الضبابية ولا يوجد من يحاسبها على الخروقات التي قد تحصل نتيجة تهاون أو خطأ في التقدير، فعملية تشغيل اليد العاملة غير بريئة بالأساس، لأنه لا يوجد عقد قانوني مبرم بين الإدارة باعتبارها الجهة المشغلة واليد العاملة يحدد طبيعة الأشغال والأجر الممنوح في إطار عقد الإجارة وهي أمور تحيل مباشرة على شفافية العملية من عدمه، فالمؤسسة شبه العمومية لم تعمل إطلاقا على تقديم تقرير مفصل ومؤشر عليه من الجهات الإدارية المسؤولة يوضح بدقة مجمل العمليات والتدخلات الميدانية والمقاولات المستفيدة يوضع رهن إشارة العموم للاططلاع عليه من باب العلم بالشيء، مادامت الأغلفة المرصودة للصفقات العمومية والأوراش المفتوحة من المال العام تستهدف المواطنين في المقام الأول.

من المستفيد من بطائق الإنعاش الوطني…؟
بطائق الإنعاش الوطني منحة إنسانية تمنح عادة للفئات المعوزة عائلات ذوي الاحتياجات الخاصة، مساهمة من الدولة في التخفيف عنها من عبئ تكاليف الحياة و مصاريف العلاج (…)، وبالمقابل يقوم المستفيد بتقديم خدمات محددة مقابل أجر شهري يتراوح بين 800 و 1200 درهما في أحسن الحالات، والذين لم تعمل الإدارة على تسوية وضعيتهم الإدارية رغم أن منهم من تجاوز عشرين سنة أو أكثر من العمل المتواصل في جميع المناسبات الدينية والوطنية، مما يجعل مصيرهم معلقا وترسيمهم يخضع لمنطق الزبونية والمحسوبية، غير أن القاعدة المتعارف عليها انقلبت رأسا على عقب، ولم يعد الوضع الاجتماعي ولا الإنساني أحد الدعائم الأساسية في تشغيل اليد العاملة، ولم يعد حقا مشروعا للطبقات الكادحة، بل تحول إلى امتياز وحكرا على طبقة معينة تتاجر فيه حسب قوتها ونفوذها في هرم السلطة، فالنصيب الأكبر من البطائق استحوذ عليها رئيس قسم التجهيز، وكذا رئيس قسم المالية والصفقات العمومية وبعض “المتجدرين” في العمالة، فحسب المعطيات المتوفرة والمتداولة بقوة فالموظف (ح-ن) استطاع بفعل العلاقات المصلحية التي نسجها مع الثنائي المتحكم في الموارد المالية للمؤسسة العمومية أن يوفر لذويه (4 أفراد) بطائق الإنعاش دفعة واحدة، ناهيك عن الندماء الذين يحيون معه ليالي المجون والعربدة، أما رئيس قسم التجهيز ورديفه رئيس قسم المالية والصفقات العمومية فقد حولا مقر العمالة إلى ما يشبه دوارا بفعل العدد الكبير من أبناء جلدتهما والأنكى أن الغالبية العظمى منهم تحولوا إلى عمال أشباح لا تربطهم بالمؤسسة إلا نهاية الشهر، فإذا كان الموظفون النافذون استفادوا كل حسب قوة حضوره، فما بالنا بمندوب الإنعاش الوطني وما هي حصته من الكعكة ..؟ علما أن ما يزيد عن 300 عامل موزعون على المستوى الإقليمي تتكفل إدارة الإنعاش الوطني بصرف مستحقاتهم الشهرية.

عمال السخرة خرق للقانون
لم ينته بعد عهد الاستعباد والاسترقاق في إقليم الخميسات، فما تزال أعمال السخرة قائمة وبتشجيع من مسؤولين نافذين بالعمالة وأذنباهم، ولا يسلم هؤلاء العمال من القمع المسلط عليهم والاحتقار والإذلال، إذ غالبا ما يتم استدعاؤهم خارج أوقات العمل الرسمية للفيلات والإقامات المعلومة للقيام بأعمال الكنس والطبخ والتصبين وتحميم الزوجات ووضع الحناء لهن، بل والاستعانة بالعاملات في جميع المناسبات بخلاف ما تنص عليه القوانين المنظمة للمرفق شبه العمومي، والتي تمنع منعا كليا استغلال عمال الإنعاش في أعمال السخرة لدى الغير، كونها تتنافى جملة وتفصيلا مع طابعها الإنساني والاجتماعي الصرف، كما أن ثمة بنود تمنع تشغيل النساء في الدور السكنية وغيرها، لكن بعض المسؤولين لا يجدون حرجا في الدوس على القانون لتحقيق المصالح الشخصية وإرضاء الزوجات.. !، ولا نعتقد أن الإدارة المركزية الممثلة للقطاع ستغض الطرف عن التصرفات المضرة بتوجهاتها العامة، لأن ذلك يعد تاشيرا صريحا على استمرار الفوضى والتسيير الارتجالي وتبذير ميزانيات ضخمة في مشاريع محل تساؤلات عميقة، ناهيك عن تشغيل اليد العاملة المطبوعة بممارسات غير مسؤولة المتحكمة في مراكز القرار.

الصفقات العمومية والشفافية المفقودة…؟
من البديهي والطبيعي أن يتحول إقليم الخميسات إلى وكر للفساد والمفسدين على امتداد ربع قرن أمام غياب المراقبة القبلية والبعدية لطريقة صرف المال العام في جميع المرافق العمومية، مما عطل مشروع التنمية وتأهيل المنطقة، ولا نعتقد أن مؤسسة الإنعاش الوطني بمعزل عن الجو العام المتحكم في مسالة تدبير وتسيير الشأن المحلي المتسم بالارتجالية والفوضى والتلاعب بالقانون وتعطيله خدمة للمصالح الشخصية للوبي الفساد، وتأسيسا على ذلك، تشير العديد من المصادر القريبة أن الصفقات العمومية وأدونات الطلب الخاصة بشراء أدوات ومعدات البناء، والتجهيز المكتبي وصيانة العتاد المعلوماتي و الأوراش الكبرى المتعلقة بفتح المسالك الطرقية بالعالم القروي، وبناء القناطر، والدور السكنية والمدارس بالعالم القروي ودور الطالب، ناهيك عن القيام بعمليات التشجير في المناطق المهددة بالتصحر وانجراف التربة، وكذا القيام بعمليات تسييج المقابر إلى جاب بناء السدود التلية والآبار الارتوازية وغيرها من المشاريع ذات النفع العام تتحكم فيها الجهات المعلومة بالعمالة، وتحولها لمقاولين بعينهم وجماعات بعينها لأسباب سياسية ومصلحية صرفة.
وينشط القطاع والمشرفين عليه بهمة وحماس زائدين في المواسم الفلاحية السيئة برصده أغلفة مالية كبيرة للتخفيف على الفلاحين الصغار من آثار الجفاف بتسطير جملة من المشاريع الاستعجالية، الاستفادة منها تمر طبعا عبر قنوات خاصة، تمرست في تمرير صفقات عمومية بملايين السنتيمات في جنح الظلام، دون اللجوء إلى المساطر القانوينة المعمول بها.

من يتحكم في القرار
إن قراءة الوضع العام لمؤسسة ما  يرتبط ارتباطا وثيقا بالقائمين عليها، إن أول ما يشد انتباه أبناء منطلقة زمور داخل أروقة ومكاتب إدارة الإنعاش الوطني، هم الموظفون الرسميون، فاغلبهم عمروا طويلا في أقسام الإدارة ويعدون على رؤوس الأصابع، ويتم الاستعانة بالأيدي العاملة من العنصر النسوي،

وتشير مصادر عليمة أن بعضهم تحولوا إلى أداة من أدوات تسهيل العمليات الممجوجة، وإبرام الصفقات العمومية بين الإدارة والمقاولات، ولا نعتقد أن المندوب الإقليمي للإنعاش الوطني غافل عما يجري ويحاك داخل إدارة تسير بالملايين السنتيمات، وتضيف نفس المصادر أن الإدارة بحاجة إلى عملية تطهير واسعة تحقيقا للتنمية العادلة ووقف النزيف الذي يتهدد المال العام.

قد يعجبك ايضا

اترك رد