مساواة دبلوماسية

0

نشرت صحيفة "إيزفيستيا" مقالا للمحلل السياسي فيكتور أوليفيتش، يوضح فيه سبب رد موسكو بقسوة على الولايات المتحدة.

كتب أوليفيتش:

www.youtube.com فكتور أوليفيتش

إن الإجراءات، التي اتخذها باراك أوباما في نهاية السنة المنصرمة بشأن طرد 35 دبلوماسيا روسيا وحجز مبنيين من ممتلكات البعثة الدبلوماسية الروسية في الولايات المتحدة، فُسرت بأنها آخر محاولة لإدارته لإفساد العلاقات المتدهورة بين موسكو وواشنطن، وتعقيد مسار الحوار لخلفه مع روسيا.

وكان على دونالد ترامب خلال الأشهر الأولى من ولايته إظهار مدى جدية الإدارة الجديدة في تطبيع العلاقات مع روسيا، وإثبات تطابق نهجه في السياسة الخارجية مع ما كان يصرح به خلال حملته الانتخابية.

ولكنه منذ الأسابيع الأولى لتنصيبه، تعرض هو والمقربين منه في الإدارة الجديدة إلى هجمات عنيفة من جانب الحزبين الرئيسين في المؤسسة السياسية الأمريكية والأجهزة الأمنية ووسائل الإعلام. وقد أُعد لروسيا في هذا النزاع الداخلي دور "الفزاعة"، حيث يستمر يوما بعد آخر اتهام موسكو بالتدخل في الشؤون الداخلية للولايات المتحدة من دون تقديم أي إثبات لذلك، وكذلك التدخل في نتائج الانتخابات الرئاسية، وحتى محاولات القضاء على مسؤولين غير مرغوب بهم على أراضي الولايات المتحدة.

وإن الاتهامات الموجهة إلى ترامب من دون أي إثبات بشأن حصوله على مساعدات روسية خلال حملته الانتخابية، كانت سببا في استقالة عدد من أعضاء فريقه، وبدء التحقيقات بهذا الشأن في الكونغرس والمدعي العام الخاص روبرت مولر المدير السابق لمكتب التحقيقات الفيدرالي، ما أدى إلى شل عمل الإدارة الأمريكية.

ولكن، يبدو أن السبب لا يكمن في هذا فقط. إذ إن تقاعس الإدارة الأمريكية لفترة طويلة بشأن رفع الحجز عن ممتلكات البعثة الدبلوماسية الروسية، لم يكن سببه الضغط من جانب الكونغرس والمعارضة السياسية، لأن رفض الخارجية الأمريكية برئاسة ريكس تيلرسون قبول إرسال دبلوماسيين روس بدلا من الذين طردوا، هو دليل على استمرار النهج المعادي لروسيا، الذي سارت عليه الإدارة السابقة. كما أن الموقف الحقيقي للبيت الأبيض من تطور الحوار الروسي–الأمريكي كشفته المحاولات المتعارضة مع القانون الدولي من قبل ممثلي الإدارة الأمريكية بربطهم مسألة رفع الحجز عن الممتلكات الروسية بتنازلات جيوسياسية من جانب موسكو في الشرق الأوسط.

كما أن موافقة الكونغرس ونية دونالد ترامب توقيع مشروع القانون الخاص بتشديد العقوبات ضد روسيا وضعتا عمليا حدا لآمال موسكو في تطبيع العلاقات مع الولايات المتحدة. كذلك، فإن الموقف الأمريكي غير البناء من التعاون مع روسيا، يعني العودة إلى زمن الحرب الباردة والمواجهة الجيوسياسية، ولا سيما أن الرهاب من روسيا المنتشر في وسائل الإعلام الأمريكية لم يترك أي خيار لموسكو. ولذا، وبعد انتظار دام نصف سنة، ردت موسكو بشدة على التصرفات الأمريكية غير القانونية.

RT arabic.rt.com ترامب في الكونغرس الأمريكي

وإن طلب تقليص عدد البعثة الدبلوماسية الأمريكية لدى روسيا إلى 455 دبلوماسيا، يعني عمليا طرد مئات الدبلوماسيين الأمريكيين من روسيا، ليصبح عددهم مماثلا لعدد الدبلوماسيين الروس لدى واشنطن من جانب، ومن جانب آخر يبين لواشنطن ضرر سياسة معاداة روسيا. وإضافة إلى ذلك، أقامت موسكو الحجز على مبنيين من ممتلكات البعثة الدبلوماسية الأمريكية، وهذا يعني أن أي إجراء معاد لروسيا من جانب واشنطن سترد عليه موسكو بالمثل.

وينبغي ألا يغيب عن الذهن أن العقوبات الأمريكية ليست موجهة ضد مصالح روسيا الاقتصادية فقط، بل هي أيضا تقيد تنقلات أعضاء البعثة الدبلوماسية الروسية داخل الولايات المتحدة. لذلك، فإن تشديد الإجراءات المعادية لروسيا في الولايات المتحدة، تتطلب من جانب موسكو اتخاذ إجراءات مضادة، لأنه لم يعد بالإمكان اعتبار إدارة ترامب شريكا موثوقا لتطبيع العلاقات بين البلدين، وخاصة أن مجال التعاون معها يتقلص باستمرار.

ترجمة وإعداد: كامل توما

قد يعجبك ايضا

اترك رد