متى يصبح المغرب عاصمة العالم للملكية الفكرية ؟
ﺃﻛﺪ ﻭﺯﻳﺮ ﺍﻟﺜﻘﺎﻓﺔ ﻭﺍﻻﺗﺼﺎﻝ ﻣﺤﻤﺪ ﺍﻷﻋﺮﺝ، ﻳﻮﻡ ﺍﻟﺜﻼﺛﺎﺀ 5 يوليو ﺑﺎﻟﺮﺑﺎﻁ، ﺧﻼﻝ “ﺍﻓﺘﺘﺎﺡ ﺍﻟﻤؤتمر ﺍﻟﺘﺄﺳﻴﺴﻲﻟﻤنظمة ﻏﺮﺏ ﺇﻓﺮﻳﻘﻴﺎ ﻟﻠﻤﻠﻜﻴﺔ الفكرية وحقوق المؤلف”، ﺃﻥ “ﺍﻟﻤﻐﺮﺏ ﻋﺎﺯﻡ ﻋﻠﻰ ﺗﻘﺎﺳﻢ ﺍﻟﺘﺠﺮﺑﺔ ﻭﺍﻟﺨﺒﺮﺓ ﺍﻟﻤﻐﺮﺑﻴﺔ ﻣﻊ ﻋﺪﺓﺩﻭﻝ ﺇﻓﺮﻳﻘﻴﺔ ﺧﺎﺻﺔ ﻓﻲ ﻣﻴﺎﺩﻳﻦ ﺍﻟﺼﻨﺎﻋﺎﺕ ﺍﻹﺑﺪﺍﻋﻴﺔ ﻭﺍﻟﻤﻠﻜﻴﺔ ﺍﻟﻔﻜﺮﻳﺔﻭﺍﻷﺩﺑﻴﺔ”. كما ﺃﺷﺎﺭ ﺇﻟﻰ ﺃﻥ ﻫﺬﺍ ﺍﻟﻤﺆﺗﻤﺮ ﻳﺮﻭﻡ ﺇﺣﺪﺍﺙ ﻣﻨﻈﻤﺔ ﻏﺮﺏ ﺇﻓﺮﻳﻘﻴﺎ ﻟﻠﻤﻠﻜﻴﺔ ﺍﻟﻔﻜﺮﻳﺔ ﻭﺣﻘﻮﻕ ﺍﻟﻤﺆﻟﻒ ﺑﻬﺪﻑ ﺗﻔﻌﻴﻞ ﺍﻵﻟﻴﺎﺕ ﺍﻟﺘﻲ ﺗﻌﺰﺯ ﺿﻤﺎﻥ ﺣﻖ ﺍﻟﻤﺆﻟﻒ ﺑﺎﻋﺘﺒﺎﺭﻩ ﺣﻘﺎﻣﻦ ﺣﻘﻮﻕ ﺍﻹﻧﺴﺎﻥ ﻣﻨﺼﻮﺹﻋﻠﻴﻪ ﻓﻲ ﺍﻟﻤﻮﺍﺛﻴﻖ ﺍﻟﺪﻭﻟﻴﺔ”.
* أولا – المغرب لا يتوفر على أي “تجربة أو خبرة” في المجال:
للحقيقة والتاريخ نقول أن المغرب لا يتوفر إلا على خبير واحد مستقل، متمرس نظريا وميدانيا، ومعتمد رسميا منذ خمسة عقود في التجارة العالمية لحقوق المؤلف الاقتصادية.
وأي خبير دولي في هذا النوع الجديد من التجارة والاقتصاد، واع بأهمية وخطورة حقوق الملكية الفكرية، لن يجرأ على “تقاسم تجربته وخبرته” مع الغير؛ بل يحتفظ بها لتسخيرها في خدمة وطنه ورفاهية وازدهار مواطنيه؛ وهي ليست بالمجان، ولا تدخل في خانة الثقافة؛ بل هي مكلفة وباهضة الثمن، ويمكنها إخراج أي بلد من الفقر والتخلف مهما بلغ مستوى تدنيه الاقتصادي. كما لا يمكن لأي دولة متقدمة، ماسكة بخيوط اللعبة الاقتصادية العالمية، أن تعرض على “الغير” تجربتها أو خبرتها فقط لتجعل منه منافسا قويا لها… هل يمكن لخبير مقتدر أو صانع ماهر أو مبدع خارق يملك وحده، دون سواه، أسرار مهنة خاصة بصناعة الثروة (مثلا)؛ ثم يخرج للبحث بأعلى صوته عمن يتقاسم معه “تجربته أو خبريه”..أي ثروته ؟
هل الصانع الخبير والتاجر الماهر والمستثمر الحذق “المالك الأصلي لحقوق” “كوكاكولا” (مثلا) “عازم على تقاسم تجربته وخبرته” مع الشركات الأخرى (المنافسة) ومع كل الناس ؟؟؟
الخبرة في مجال حقوق المؤلف: صناعة المعجزات، تبادل تجاري واقتصادي – لا ثقافي:
الخبرة المتخصصة في مجال الملكية الفكرية: سر من أسرار الدولة، يعد من أعز وأكتم أسرار الدول العظمى؛ والخبرة سر نجاح وتفوق الولايات المتحدة الأمريكية التي عملت على استغفال العالم (بما فيه دول أوروبية).. والتي تعرف كيف تدافع عن مصالحها الحيوية وقضاياها المصيرية، اعتمادا على دراسات وتقارير خبيرة، واجتهادات وبحوث علمية أصيلة ونابعة من الذات. وهي الدول الحاضرة حقا والمتواجدة فعلا، بفضل منظريها وخبرائها وفقهائها في ساحة “المعركة الدولية للملكية الفكرية”. حيث تقوم بما يفرضه عليها واجب الدفاع عما تعتبره حقوقا مشروعة ومكتسبة لبلادها واقتصادها و”إنسانها الخاص بها”. والتي تتمثل في حماية ورعاية حقوق “أولي الألباب”: أهل الفكر والمعرفة الحقة والخلق والإبداع الأصيل: المحرك لعجلة النمو الشامل في شتى المجالات والقطاعات: أس التطور والتحضر والتقدم والازدهار…
ولا تطور بدون خبرة وطنية؛ ولا تقدم مع سرقة الأفكار، ولا ازدهار بالسطو على الألقاب.
حيث ان لقب خبير أو مستشار قانوني في مجال الملكية الفكرية “لا يحمله أي شخص إلا من أعطى له القانون هذه الصفة”؛ ولا يمكن أن يطلق على أي مهرج أو متطفل؛ ولا يمكن لكل من هب ودب أن يسبح في بحره؛ فهو علم محيط لا يحيط به محيط.
هل المغرب يتوفر على خبراء ؟ من أي مدرسة أو مركز أو معهد (للدراسات والبحوث الاستراتيجية الأمريكية الخاصة بالملكية الفكرية) تخرجوا ؟ هل منهم من له خمسين سنة من الدراسة والبحث والتأليف والممارسة التطبيقية في المجال ؟
أما “الجهات المسؤولة عندنا” في المغرب: فلا تجربة ولا خبرة لها في الاقتصاد الوليد، ولا إلمام لها بحق المؤلف الجديد، ولا تعرف خفايا الملكية الفكرية… إنما توقع بعشوائية وبكل سرية.
* ثانيا – لا مجال للحديث عن “ﺣﻖ ﺍﻟﻤﺆﻟﻒ ﺑﺎﻋﺘﺒﺎﺭﻩ ﺣﻘﺎ ﻣﻦ ﺣﻘﻮﻕ الإنسان”
حيث عفى الله على الزمان الذي كان فيه “حق المؤلف حقا من حقوق الإنسان”. أما في زمن “العولمة الاقتصادية”، فقد أصبح “المؤلف” من غير لحم وعظم، ولا ينتمي لجنس البشر.
كما أن هناك أنواع الإنسان التي تسعى إلى الاستهلاك أكثر فأكثر، دونما إنتاج يذكر. وهناك تلك التي تهضم حقوق الغير، وتستغل أعماله، وتعبث في الأرض فسادا. ولا تتورع عن القيام بكافة أنواع التجاوزات والتعسفات والاعتداءات، لعل أقلها قرصنة “تجربة وخبرة” الغير، ونهب الأعمال التي هي إبداعات فكرية أصلية في مجالات الأدب والعلم والفن (الشاملة للمعرفة، والتجربة والخبرة، والمهارات، والرأسمال غير المادي…)
ودليلنا في ذلك أن المغرب (كغيره من البلدان النامية) قد وقع على عدة مواثيق ومعاهدات دولية واتفاقيات عالمية، وعلى رأسها اتفاقية المنظمة العالمية للتجارة، وأخرى للتبادل التجاري الحر مع الولايات المتحدة الأمريكية – بدون دراسة علمية أو استشارة خبيرة – المشتملة بنودها على مواد تتعلق بحقوق الملكية الفكرية، لعل أبرزها “استثناء الثقافة” و “إقصاء حقوق الإنسان”. ولا أحد من البلدان النامية، مهما بلغ مستواه في سلم المسؤولية، أو شهاداته الجامعية، يدري ماهية ما وقع عليه…
فأقصى اجتهاده أن يقرأ الوثيقة بمرجعيته أو قاموسه السياسي-الثقافي أو الاقتصادي، أو هما معا. ويظن أنه قد فهم، فيوقع. ويكون التوقيع متعارضا مع مصلحة بلاده. وذلك لجهله بأن ما وقع عليه له قاموسه الخاص، وسره المكنون.
هل ينبغي إيقاظ “أصحاب الكهف”..وهم أنفسهم لا يريدون من ينبههم من غفلتهم:
ونحن لا نذيع سرا إذا قلنا إن درجة تقدم الأمم رهين بمدى وعيها بحقوق الملكية الفكرية، وما يرتبط بها من قضايا، إن على المستوى الوطني أو الدولي؛ سيما وأنها موضوع الساعة، بل المحور الذي تدور حوله كافة القضايا الدولية، وإن جاءت مغلفة بعناوين بعيدة كل البعد عن “الملكية الفكرية”، إمعانا في التمويه والتخفي.. وهو أمر مدروس ومقصود من الدول المتقدمة والمنظمات العالمية، حتى لا ينتبه الغافلون لهذه المادة (حقوق التأليف والنشر أو النسخ)، وعلما من تلك الدول أن البلدان النامية ليس لها خبراء اقتصاديين في مجال التجارة العالمية لحقوق المؤلف الاقتصادية ؛ ومن ثمة فلا ينبغي إيقاظهم.
وهذا لا يعني أننا نكرس للقطيعة مع أشقائنا وجيراننا وأصدقائنا في العالم…حيث بإمكاننا، لو خلصت النوايا وتظافرت الجهود، وقدر كل مسؤول أهمية وخطورة الموضوع، والتزم كل خبير بمجال اختصاصه، لجعلنا من المغرب عاصمة عالمية لحقوق الملكية الفكرية.