ذكرى ثورة الفساد على الشعب من الاستقلال إلى الاستغلال

0

كل الشعوب التي ثارت ضد الإقطاعيين والنبلاء لأجل العيش بكرامة ودمقراطية حقيقة…، كل الشعوب التي ناضلت من أجل الحرية والعدالة الاجتماعية والاقتصادية، كل الشعوب التي ثارت على الجهل والأمية، كل الشعوب التي ثارت لأجل بناء مدرسة ومستوصف في قرية ومستشفى وتوفير الماء والكهرباء لمواطناتها ومواطنيها، كل الشعوب التي حاربت لأجل توفير منصب شغل لشاب وشابة نالت ما ضحى من أجله الشهداء الذين بصموا أسمائهم في التاريخ بمداد من ذهب.

إلا أن الاستثناء حصل في بلاد المغرب.

في المغرب، أغلب الذين ضحوا بمالهم وعدتهم وعتادهم وبأرواحهم لأجل الوطن، وحاربوا الاستعمار بكل بسالة في الجبال والتلال والفيافي والقفار، وجاهدوا بالمال والولد والنفس والكفاح والسلاح، كي يحصل المغرب على استقلاله، كان مصيرهم التهميش والإقصاء وبطاقة عليها خط أخضر وأحمر لا تسمن ولا تغني من جوع، وكانت نهاياتهم أنهم تعفنوا في الشوارع المغربية التي مرت منها دبابات الاستعمار في الطرقات سقيت بدائهم، وتحول المجاهدون بعضهم إلى متسول تنكر له المسؤولون في الإدارة بعد جلوسهم في مكاتب فاخرة مجهزة بأحدث وسائل التبريد صيفا، والتدفئة بردا.

خرج الخونة من السراديب والبدرومات، خرج أبناء القواد الذين خدموا المستعمر، خرج المجرمون الذين كانوا يحسنون التعذيب، خرج من مزقوا جلود ظهور أجدادنا بالسياط، خرج من كان يحول المتمردين من أباءنا وأجدادنا إلى حفاة وعراة ويدخلهم في أكياس القمح الكبيرة تم يدخل معهم كم من القطط ويبدأ في نغزها (القطط ) كي تنهش وتقطع لحم أباءنا وأجدادنا بمخالبها الحادة وبعد إخراجهم من الأكياس يرمي عليهم الملح، في أبشع طرق التعذيب بلا رحمة ولا شفقة، تم يجلس القائد الخائن عميل الاستعمار و ينتشي بكؤوس الويسكي الفرنسي والإسباني ويرفع ضحكته عنان السماء، قهقهة، هؤلاء خرجوا ليركبوا صهوة النضال ونسجوا قصص وحكايات مزورة من وحي خيالهم لتضليلنا.

مات الشهداء من أجدادنا، وجلس خونة الاستعمار في الكراسي واعتلوا منصات الخطابة وخطبوا فينا وعضا، وحديثا عن حب الوطن، وطبل لهم الجاهلون، وطبل لهم المستعبدون، وطبل لهم المستفيدون من خيرات الوطن، وطبل لهم من قبلوا العيش على فتات وبقايا هؤلاء الزنادقة الذين حولوا الوطن إلى بقرة حلوب.

المغرب ليس كباقي بلدان العالم،

إنه بلد المعجزات والأحداث التاريخية وبلد الاستثناءات، ما دفع شعوب العالم تعترف أن المغرب ملخص في القولة الشهير "ما دمت في المغرب فلا تستغرب "، وعلى لسان المغنية الشهيرة "الداودية حبيبي منو واحد ماشي جوج"، و المغرب "واحد ماشي جوج".

بعد حصول الشعب المغربي على استقلاله سنة 1956 ، دون الدخول في الأحداث التاريخية والرجوع للمراجع وتقليب المواجع…، نقول وبخلاصة أننا تحولنا من مرحلة الاستقلال إلى العبودية والاستغلال، في المؤسسة والإدارة…

كيف وأن المغرب يتوفر على واجهتين بحريتين، ومخزون وافر لمئات السنين من الفوسفاط، وثروات لا تعد ولا تحصى، ومناخ معتدل تحسدنا عليه جميع دول العالم، ناهيك عن الجبال والتلال والهضاب والمناظر الخلابة، والمواقع الأثرية التاريخية وجمجمة عمرها 300 ألف عام ما يؤكد أننا حضارة ضاربة في عمق التاريخ.

و في الأخير تجد طفلا يتسكع في الشوارع "يشم السيليسيون" ، فتاة تبدل كل جهدها للحصول على تأشيرة سفر لتهاجر إلى دولة خليجية لأجل ممارسة الجنس بثمن مرتفع لتعيل أمها المريضة ووالدها وشقيقها العاطل عن العمل…، عامل يطرد من عمله والدولة جازاها الله خيرا تضمن له كل حقوقه في اللجوء إلى القضاء غير أن الأخير هو المذنب كونه لا يتوفر على مصاريف رفع دعوى قضائية…، مريض في مستشفى، عند رأسه قنينة ماء لخلق التوازن مع قنينة "السيروم" لتبقى مثبتة على مسمار معلق في الحائط.

خرج المجرمون الانتهازيون من الجحور وركبوا صهوة النضال، وزوروا الوثائق والحقائق، واستفادوا من رخص النقل (الكريمات) ، ورخص الصيد في أعالي البحار، ووزعوا ثروات الوطن (كل واحد وفين وصلو جهدو).

ثار أجدادنا على المستعمر حبا في الوطن، واستغل الفاسدون الانتهازيون خيرات وأسماك وفوسفاط الوطن .

قد يعجبك ايضا

اترك رد