جلالة الملك يوجه “الأمر اليومي” للقوات المسلحة الملكية بمناسبة الذكرى ال 58 لتأسيسها
وفي ما يلي النص الكامل ل” الأمر اليومي ” :
“الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وآله وصحبه. معشر الضباط وضباط الصف والجنود.
يطيب لنا في هذا اليوم الأغر، أن نحتفل جميعا بالذكرى الثامنة والخمسين لتأسيس القوات المسلحة الملكية، باعتبارها محطة بارزة في تاريخنا الحافل بالأمجاد والمنجزات. وهي مناسبة جليلة نستحضر فيها روح مؤسسها وواضع لبنتها الأولى زعيم الأمة وأب التحرير جدنا الملك المجاهد، جلالة المغفور له محمد الخامس ، قدس الله روحه، ورفيقه في الكفاح والدنا المشمول بعفو الله ، جلالة الملك الحسن الثاني ،طيب الله ثراه ، الذي اعتمد بعبقرية وبعد نظر في بناء جيشنا الحديث ، على أساس مبادئ الإيمان بفضيلة العمل ، والمثابرة في الجهد ، واستشراف المستقبل.
معشر الضباط وضباط الصف والجنود.
إن تخليدنا اليوم لهذا الحدث التاريخي، يعد وقفة إجلال وإكبار لكل رجالات الوطن، الذين أبلو البلاء الحسن، وقدموا التضحيات الجسام، ليظل المغرب حرا شامخا منتصرا بتلاحم وطيد بين العرش والشعب. ونغتنم هذه المناسبة لنتوجه بالتنويه والإشادة لمجهودات مختلف مكونات قواتنا المسلحة الملكية، البرية والجوية والبحرية والدرك الملكي ، معربين لها عن تهانينا الخالصة بهاته المناسبة العزيزة على قلوبنا وقلوب جميع المغاربة، التي تتجلى فيها كل معاني التضحية والاستقامة والشرف والتفاني الكبير في تنفيذ أوامر قائدكم الأعلى ورئيس أركان الحرب العامة للقوات المسلحة الملكية ، بالإضافة إلى سهركم الحثيث على خدمة وطنكم وحماية أمنه ومقدساته.
كما إن الإنجازات المهمة التي تحققت، ولاسيما في عهدنا، ستظل مصدر فخر واعتزاز ليس فقط لهذه القوات المسلحة، ولكن أيضا للشعب المغربي قاطبة، شاهدة على الدور الذي ما فتئت تقوم به ، مشكلة على الدوام الحصن الحصين لحماية مكتسبات أمتنا، والدرع الواقي لمجدها وعزتها ، متأهبة باستمرار لتأدية الواجب المقدس ، بشجاعة وحزم ونكران ذات ، في سبيل الحفاظ على وحدتنا الترابية، وحماية حدودنا البرية والبحرية والجوية.
معشر الضباط وضباط الصف والجنود.
إن تأديتكم لواجباتكم بأمانة وإخلاص وحس مهني ، وانخراطكم في خدمة قضايا تهم مجتمعكم وسلامة أفراده ، يجعلنا أكثر اطمئنانا على ما نتوخاه من تطوير وتفعيل لقدرات جيشنا ، علميا وتقنيا وميدانيا، وفق رؤية فاعلة ومتجددة ، توازن بين متطلبات الظرفية الآنية والتحديات الأمنية المستجدة ، التي ما فتئت تتنامى خطورتها في هذه الظرفية الدولية والإقليمية الدقيقة ، مع ما يقتضيه ذلك من تحيين مستمر واكتساب المعارف الجديدة وتأهيل حثيث في مجال تدبير الأزمات، ومجابهة الكوارث الطبيعية ، والتصدي لانعكاساتها.
كما أن جهدكم وعطاءكم الزاخر في نطاق العمل الإنساني ، يشكل نموذجا رائعا للتآزر والتآخي، يشهد عليه دور طواقم المستشفيات الميدانية، التي أصدرنا تعليماتنا السامية بنشرها ، بكل من غينيا كوناكري ومالي ، كتعبير صادق عن تضامننا مع أشقاءنا الأفارقة ، وتأكيدا لانتمائنا الإفريقي.
وإن المهنية العالية والكفاءة والتنظيم العقلاني الذي ميز عملكم في هذا المجال، كان مثار إعجاب وإشادة ، كما هو الشأن أيضا بالنسبة للمستشفى العسكري الميداني بالزعتري، الذي يواصل مهمته الإنسانية بالأردن الشقيق، بحنكة وتجرد وثبات .
ومن جانب آخر، فإن استمرار تواجد التجريدات العسكرية المغربية على الساحة الإفريقية ، ضمن عمليات حفظ السلام التابعة للأمم المتحدة ، بكل من جمهوريتي الكونغو الديمقراطية والكوت ديفوار، والتي تعززت مؤخرا بإيفاد تجريدة عسكرية إلى جمهورية إفريقيا الوسطى، في إطار مجهودات الأمم المتحدة من أجل استتباب الأمن والاستقرار في هذا القطر الإفريقي، ليكرس موقفنا الثابت ومصداقية انخراط بلدنا في دعم الأمن والسلام الدوليين.
معشر الضباط وضباط الصف والجنود.
لقد برهنتم دائما على صواب النهج السليم الذي وضعناه لهذه المؤسسة العريقة، المجندة للدفاع عن قيم التضامن النبيلة، مما يجعلنا نشعر بالرضى والتقدير لما أنجزتموه من أعمال، وقطعتموه من مراحل على درب التحديث والتطور، مهيبين بكم أن تواصلوا الجهد والعمل، من أجل تطوير وتنمية مواردنا البشرية من حيث كفاءتها وجودة أدائها، وذلك عبر تمكينها من تكوين عسكري جيد ومتنوع، منبعث من قيمنا الحضارية، ومنفتح باستمرار على المحيطين الإقليمي والدولي.
كما نحثكم على تعزيز الدور الفعال والمتزايد، الذي تقوم به معاهدنا ومراكزنا التكوينية ووحداتنا في إطار التعاون العسكري مع الدول الشقيقة والصديقة، وخاصة في إفريقيا ، من خلال تمكين أطرها من استكمال تكوينها، وجعل ذلك حافزا للرقي نحو المزيد من التميز والإشعاع والجودة والمصداقية. في هذا الإطار، تندرج المساهمة الفعالة لمراكز التدريب التابعة لقيادة المنطقة الجنوبية، في تكوين وإعادة تأهيل الوحدات العسكرية لبعض الدول الصديقة.
معشر الضباط وضباط الصف والجنود.
إن عزمنا سيظل قويا للحفاظ على قوة جيشنا ومناعته ، ومده بكل مقومات الحداثة والفعالية ، مع مواصلة العمل الدؤوب الذي أرسينا قواعده ، لتوسيع مجال استفادة أفراد قواتنا المسلحة من الخدمات الاجتماعية اللازمة ، ومن وسائل العمل الحديثة ، من معدات وتجهيزات ومرافق ضرورية ، للنهوض بواجبهم الوطني في أحسن الظروف.
كما نواصل مسيرتنا ، بنفس الثبات والإيمان ، على درب البناء والتقدم، مستلهمين دائما الدروس والعبر من رمزية ودلالة هذه المحطة التاريخية ، محافظين على إرث أسلافنا في صيانة وطننا ومقدساته ، ملتزمين بواجب الوفاء والعرفان لهم بالجميل ، وفي مقدمتهم الملكان الراحلان ، جدنا المنعم محرر البلاد ومؤسس القوات المسلحة الملكية ، صاحب الجلالة الملك محمد الخامس رحمه الله ، ووالدنا المنعم، باني المغرب الحديث ، صاحب الجلالة الملك الحسن الثاني ، طيب الله ثراه ، متضرعين إلى المولى عز وجل أن يشملهما بواسع رحمته ، ويسكنهما فسيح جناته ، ويجزيهما خير الجزاء على ما أسدوه للوطن من جليل الأعمال.
كما نسأل الله العلي القدير في هذه اللحظة الجليلة ، أن يشمل برحماته شهداءنا الأبرار ، الذين أبوا إلا أن يقدموا أرواحهم فداء لوحدة الوطن وعزته ورفعته مبتهلين إليه سبحانه وتعالى أن يعينهم على خدمة وطنهم والتضحية في سيبله ، سائلين الله جل جلاله أن يوفقكم ويسدد خطاكم لما فيه الخير لبلدكم ، ملتزمين بواجب الطاعة والامتثال لقائدهم الأعلى ، أوفياء للعرش العلوي ، رافعين دائما عاليا شعارنا الخالد: الله – الوطن- الملك