توتر أمني في سريلانكا وخوف في أوساط مسلمي البلاد بعد اعتداءات عيد الفصح
تشهد سريلانكا توترا أمنيا كبيرا عقب الاعتداءات التي استهدفت فنادق وكنائس في عيد الفصح نهاية الأسبوع الماضي. وأغلقت الكنائس الكاثوليكية أبوابها وعلقت الصلوات فيها، في حين تفاقم أعداد المسلمين الفارين من منازلهم بسبب الخوف من أعمال انتقامية تطالهم.
أعلن مسؤول كنسي أنه طلب من جميع الكنائس الكاثوليكية في سريلانكا أن تغلق أبوابها وتعلق الصلوات إلى أن تستتب الأوضاع الأمنية بعد الاعتداءات التي استهدفت فنادق فخمة وكنائس كانت تحيي عيد الفصح، وأوقعت 359 قتيلا.
وقال رجل الدين "بناء على توصية قوات الأمن سنغلق جميع الكنائس" مضيفا "لن تقام قداديس للمؤمنين حتى إشعار آخر".
انفجار في بلدة بوجودا
وقالت الشرطة السريلانكية وسكان إن انفجارا دوى اليوم الخميس من أرض فضاء خلف محكمة في بلدة بوجودا على بعد 40 كيلومترا شرقي العاصمة كولومبو.
وأكدت الشرطة أنها تحقق في الانفجار، الذي وقع في وقت يسوده التوتر الشديد في أعقاب تفجيرات انتحارية هزت البلاد أثناء الاحتفال بعيد القيامة يوم الأحد وأودت بحياة 359 شخصا وتسببت في إصابة قرابة 500 آخرين.
فرار السكان من منازلهم خوفا
يقول محمد حسن (41 عاما) السريلانكي المسلم أنه بالكاد غادر منزله منذ الاعتداءات الدامية التي أوقعت 259 قتيلا في سريلانكا في يوم عيد الفصح الاحد، خوفا من ردود فعل انتقامية.
وعلى الرغم من أنه يعمل خارج المنزل في مطبعة، فإن أسرته تتوسل إليه بأن يلزم المنزل في كولومبو عاصمة البلد الذي لا يزال تحت وقع الصدمة.
وأكد لوكالة الأنباء الفرنسية، لدى خروج نادر للصلاة في مسجد بحي ديماتاغودا "هم قلقون ويخشون إن خرجت من المنزل ألا أعود إليه حيا".
وصباح الأحد، نفذ انتحاريون اعتداءات في ثلاثة فنادق فاخرة وثلاث كنائس خلال قداس الفصح، في كولومبو ومواقع أخرى من البلد الواقع في جنوب آسيا. وتقول السلطات إن التفجيرات ارتكبها فصيل إسلامي محلي، وقد تبناها تنظيم "الدولة الإسلامية".
تنديد المجتمع الدولي
ونددت المنظمات المسلمة في سريلانكا بالاعتداءات لكن الكثير من مسلمي البلد يخشون الوقوع ضحية أعمال انتقامية إثر أعمال العنف هذه.
وتقول زارينا بيغوم (60 عاما) المسلمة السريلانكية دامعة أمام مسجد أنها لم تنم إلا قليلا منذ نهاية الأسبوع وتضيف "أعرف أن الناس غاضبون من المسلمين".
وتابعت السيدة التي كانت ترتدي لباسا أسود "قتل رضع كانوا في أحضان أمهاتهم" مضيفة "لم أكن أتخيل وجود كل هذه الكراهية في قلوب (مرتكبي الاعتداءات). والكراهية ستزرع الكراهية".
وأكدت بيغوم "نحن نقبع في منازلنا، ونخاف مغادرتها".
خليط إثني وديني
وفي سريلانكا خليط من الإثنيات والأديان، إذ إن غالبية السكان من السنهاليين البوذيين، إلى جانب 10% من المسلمين الذين يعتبرون ثالث أكبر طائفة في البلاد بعد البوذيين والهندوس. ويعد المسيحون 7% من أصل تعداد سكاني قدره 21 مليون نسمة.
"لسنا أعداءكم"
وتشهد سريلانكا توترات دينية وإثنية. وهي لا تزال تضمد جروح حرب أهلية استمرت أربعة عقود بين الأغلبية السنهالية وتمرد التاميل الانفصالي، وانتهت قبل عشر سنوات.
وكان رهبان بوذيون متطرفون قد شنوا حملات ضد المسلمين. ففي 2013 و2018 تمت مهاجمة متاجر للمسلمين السريلانكيين.
وتسري شائعات بين السنهاليين تقول إن ارتداء ملابس داخلية أو تناول طعام مصدره متاجر ملسمين، قد يؤدي إلى العقم.
دعوة إلى الوحدة والهدوء
واثر اعتداءات الأحد دعا رئيس الحكومة رانيل ويكريميسنغي إلى الهدوء والوحدة في البلاد.
وقال الثلاثاء "إن الأغلبية الساحقة من المسلمين يدينون هذا العمل وهم أيضا غاضبون مثل التاميل والسنهاليين لما حدث".
وعلى الرغم من ذلك يعرب حلمي أحمد نائب رئيس المجلس الإسلامي في سريلانكا عن مخاوف.
وقال "إن مئات الأشخاص قد دفنوا وبالتالي ستكون هناك انفلاتات عاطفية يمكن جزئيا تبريرها".
وأضاف "طلبنا من الحكومة (..) أن تتأكد من ضمان الأمن. (الاعتداءات) لم ترتكبها الطائفة المسلمة بل بعض العناصر الهامشيين".
وكان قد عبر مع مسؤولين سريلانكيين مسلمين آخرين قبل ثلاث سنوات، للسلطات عن القلق من نشاط زعيم الجماعة المتطرفة التي تتهمها سلطات البلاد بتنفيذ الاعتداءات.
وأكد حلمي أحمد "هذا الشخص كان هامشيا وتسبب في تطرف شبان بداعي تعليمهم القرآن (..) لكن لا أحد كان يعتقد أنه قادر على تنفيذ هجوم بهذا الحجم".