يكرم المهرجان الوطني للمسرح الذي تنظمه وزارة الثقافة في دورته الواحدة والعشرين والذي تحتضنه ولاية تطوان من 15 نونبر إلى 22 منه الفنان القدير أنور الجندي الذي يعتبر واحدا من سلالة آل الجندي التي ساهمت في بناء صرح الفن المغربي الراقي والمشهود لها بما قدمته من أعمال خالدة في مجالات المسرح والإذاعة والتلفزيون والسينما.
وعندما يكرم المهرجان الوطني للمسرح الفنان المحبوب أنور الجندي يكرم ضمنياعائلة ” الجندي” وعلى رأسها العبقري والأسطورة المرجعي الشامخ كجبال الأطلس الراحل الحاج محمد حسن الجندي والفنانة الراحلة الحاجة فاطمة بنمزيان والفنان حسن حسن الجندي والمخرجة الدكتورة هاجر الجندي.
وعندما يأتي الإعتراف والتكريم من “الوطن” فإنه يكون إستثنائيا، له حلاوة وطعم خاصين، هو إعتراف بكفاءة وكفاح وعطاء الفنان القدير أنور الجندي منذ ولج الميدان و ظل حاملا لمشعل ” فرقة فنون لفاطمة بنمزيان” قرابة 36 سنة ، إذن هذه ألإلتفاتة تعتبر عرفانا لكون الرجل شكل واحدا من النيازك الفنية التي ستظل بلادنا تفتخر بعطاءاته على مستوى التأليف والتمثيل والإخراج، ولكونه أيضا يشكل واجهة فنية أصيلة ساهمت في الإرتقاء بالحركة المسرحية الوطنية في الوقت الذي كان فيه المسرح قد دخل في غيبوبة تامة، ولكونه أيضا علامة مضيئة في مجال التأليف حيث تحتفظ له الخزانة المغربية بالعديد من المؤلفات تلفزيا وإذاعيا ومسرحيا،فهو من المساهمين المُعترف لهم بتأثيث فضاء البيت الفني المغربي بشكل نظيف وهادف …
وظل الفنان الكبير أنور الجندي يتحاشى التكريمات لا لشيء سوى لكونه ظل يؤكد بأن ما يقوم به هو واجب وطني يدخل ضمن مسؤوليات الفرد المغربي كل من زاويته وإهتمامه، لكن الوقت قد حان لنكرم الرجل وبمبادرة من وزير الثقافة شخصيا الدكتور الحسن عبيابة الذي أصر على تكريم هذا الفنان الذي عرف بأخلاقة العالية في الوسط الفني في مهرجان يشهد لمة العائلة الفنية المغربية.
الفنان أنور الجندي سبق له وأن كرم خارج أرض الوطن وهو يقوم بجولاته وصولاته في دول أروبا وأمريكا وإفريقيا بعروضه المسرحية مع الفرقة الرائدة ” مسرح فنون لفاطمة بنمزيان”، نتذكر هنا التكريم الذي حظي به بمدينة سوشو الفرنسية عندما تسلم تذكار تكريمه من عمدة المدينة وبحضور السيدة قنصلة المملكة المغربية لمدينة ديجون وذلك بعد تقديم مسرحية ” السلامة وستر مولانا” التي كانت تتطرق لموضوع السلامة الطرقية، ثم تكريما آخر بمدينة اونلي سوبوا بضواحي باريس من طرف عمدة المدينة وبحضور منتخبي المدينة من أصول مغربية، ثم تكريم ولا أروع بمدينة ليل الفرنسية من طرف السيدة مارتين أوبري بحضور السيد القنصل العام للمملكة المغربية، وتكريم رابع بمدينة روتردام الهولندية بحضور الهيئة الديبلوماسية ونجوم الرياضة والثقافة والمسرح من مغاربة هولندا…
وتجدر الإشارة على أن الأستاذ والفنان أنور الجندي رسم أولى البدايات عام 1974في إطار المهرجان العربي الحديث الذي أقيم تحت إشراف وزارة الشؤون الثقافية وذلك بالمشاركة في مسرحية “القضية” بدور طفل فلسطيني بعد ذلك جاءت تجارب عديدة على أكثر من صعيد تلفزيا سينمائيا وإذاعيا بحيث لم تقتصر التجربة الفنية للفنان والأستاذ أنور الجندي على التمثيل فقط بل قام بكتابة وإقتباس وإخراج وإعداد عدة أعمال دون إغفال عالم الصغار مسرح الطفل، وتميزت مسيرته الفنية بعطاء أكبر حين تأسست فرقة “مسرح فنون” في سنة 1983 والتي أضحت تسميتها ” مسرح فنون لفاطمة بنمزيان” في 2017 بعد رحيلها لكونها هي المؤسسة تغمدها الله بواسع رحمته.
هذه لمحة مختصرة عن مسيرة كبيرة لفنان كبير خلق الإستثناء في الساحة الفنية المغربية والعربية، وإستطاع أن يُغني الحياة الفنية المغربية بالعديد من الروائع سيبقى التاريخ يذكره بها، وهبه الله كل القدرة على الكتابة بالعربية الفصحى وبالعامية البيضاء ، إضافة للتمثيل والإخراج، ولم يخرج من جلباب أبيه كما فعل العديد من الفنانين المغاربة والعرب، بل رسم لنفسه طريقا خاصا به، فحقق نجاحات كبيرة في مسيرته الفنية…