الممثل المغربي ربيع القاطي يتحدث عن تفاصيل حجره في تونس
في هذا الحوار، يتحدث الممثل ربيع القاطي عن تفاصيل حجره في تونس، متمنيا أن ترفع السلطات المغربية قريبا الحجز ويعود إلى البلاد، كما تحدث عن تفاصيل أدائه لشخصية سليمان باشا الباروني التاريخية، إضافة إلى التعبير عن رأيه في أداء المغنية سلمى رشيد في سلسلة “زهر الباتول”، موجها في الختام رسالة إلى الشعب المغربي.
حدثنا عن تفاصيل وجودك بتونس منذ بداية الحجر الصحي؟
أنا لا أقضي حجرا منزليا كما يقضيه الناس، بل حجرا دوليا؛ فأنا من المغاربة العالقين خارج أرض المملكة، كنت أصور مشاهد المسلسل التاريخي “الزعيمان” الذي أؤدي فيه دور سليمان باشا الباروني، وأنا في تونس منذ دجنبر 2019، وكانت نهاية التصوير محددة في 23 مارس، حالما أنهيت التصوير للأسف لم أستطع التوفق في العودة إلى المغرب نظرا لاتخاذ المملكة قرارات مهمة، من بينها إغلاق جميع الحدود في 15 مارس حفاظا على سلامة البلاد.
ظللت عالقا في تونس في مقر إقامتي الذي كنت فيه سابقا، وفي السياق نفسه ظللت ملتزما بالتدابير التي اتخذتها الدولة التونسية من أجل محاربة هذا الوباء للحماية من عدوى الفيروس.
إلى حدود الساعة، ننتظر من المغرب أن يفتح الحدود من جديد، وأن تبدأ الملاحة الجوية لنتمكن من العودة إلى بلادنا.
كيف قضيت شهر رمضان بتونس بعيدا عن الأهل والأحباب؟
رمضان مقدس عندنا نحن المغاربة والأمة الإسلامية، ومن الأشهر التي فضلها الله، هذا الشهر الذي أنزل فيه القرآن هدى للعالمين، عرفت فيه الأمة الإسلامية أولى معاركها لإعلاء كلمة الله، ورمضان بغض النظر عن البعد العقائدي والديني، فهو من الناحية الاجتماعية مقدس، ويكون فرصة لصلة الرحم والتسامح والتآخي، لكن رمضان الماضي مع الوباء الذي اكتسح العالم بأسره، كان مختلفا بسبب مسألة التباعد الاجتماعي التي تعد من القرارات الحكيمة، لعله خير وأتمنى أن تعود الحياة بكل تفاصيلها.
كيف كانت تجربة المسلسل التاريخي “الزعيمان”؟
صراحة أنا تم اقتراحي من طرف صديقة مشتركة بيني وبين المخرج أسامة رزق، الأخت أسماء المدير. المخرج كان بصدد البحث عن شخص يؤدي شخصية سليمان الباشا الباروني، وهو دور البطولة في المسلسل.
الدور لم يكن بالسهل لاختيار الممثل بشكل اعتيادي، فشخصية سليمان الباروني لها أبعاد تاريخية نفسية وسيكولوجية وأدبية، وبالتالي يلزم أن تتوفر شروط خاصة في الممثل الذي سيؤدي هذا الدور، وهو الرهان والتحدي الذي رفعه المخرج، وتم الإعلان عن كاستينغ على مستوى العالم العربي للبحث عن ممثل تتوفر فيه الشروط اللازمة، من بينها الكاريزما والحضور والثقافة والإلمام بالتاريخ العربي، وأيضا بمواصفات معينة، المخرج كان منفتحا على جميع الاقتراحات.
من التواصل الأول مع المخرج أحسست كأننا كنا نعرف بعضنا البعض منذ زمان، وتم التوافق بيننا على مستوى الفكرة والموضوع، خصوصا أنها مادة تاريخية سنتحمل من خلالها مسؤولية تاريخية، فشخصية سليمان باشا الباروني في ليبيا هي من مقام شخصية عبد الكريم الخطابي في المغرب، الثائر الريفي ضد الاستعمار الفرنسي الإسباني، وكأننا نتحدث عن شي غيفارا العالم الحر.
كيف كان أداء شخصية تاريخية بالنسبة إليك؟
كنت أمام مسؤولية تاريخية، والحمد لله لما عرض المسلسل تفاعل الناس مع الشخصية بشكل إيجابي، خاصة أنها لم تكن سهلة لا عليّ ولا على المخرج في إطار الاشتغال على أبعادها السيكولوجية والتاريخية والأدبية والسياسية، لأنها قريبة لنا في التاريخ والزمان والمكان؛ فقد عاشت ما بين 1870 و1940، والأمر يتعلق بمناضل من طينة خاصة ومجاهد هو شيخ المجاهدين في ليبا يقال عنه إنه رجل بأمة جاهد بالقلم والفكر والشعر والسياسة، وحين اقتضى الأمر أن يركب صهوة جواده وأن يرفع سلاحه في وجه الغزو الإيطالي الفاشي لم يتردد قيد أنملة.
المخرج أتاح لي السفر من خلال شخصية سليمان باشا الباروني، السفر في الزمان والمكان إلى ليبيا، هذا البلد الذي كان تاريخه مهمشا لفترة من الزمن فحان الوقت لكي يتعرف العالم العربي والليبي على تاريخ كان ربما مهمشا بفعل فاعل، خاصة أن النظام السابق اختزل النضال الليبي في شخصية عمر المختار.
وهذا أمر غير معقول، لا سيما أنه لم يكن لوحده بل كان إلى جانبه مناضلون من طينة عبد النبي بلخير، البشير السعداوي، وأحمد المريض، وكثير من المجاهدين على رأسهم سليمان باشا الباروني، البطل الذي وحد القبائل العربية والأمازيغية بليبيا تحت سقف واحد هو سقف الوطن، وهو أول من أتى بتأسيس الجمهورية الطرابلسية بعد تفكك الإمبراطورية العثمانية.
ما العبر التي استفدت من خلال مسلسل “الزعيمان”؟
مشروع مسلسل “الزعيمان” أنا أسميه “ملحمة الزعيمان”، فهو عمل وطني من حقنا أن نطلق عليه اسم الملحمة، وأود أن أشير إلى المنتج وليد اللافي، ابن ليبيا البار، مثله مثل أسامة رزق، ما أحوجنا إلى شباب واعد سينمائيا، تلفزيا ودراميا، وأن يكون لنا شباب مرتبطون بقضايا وطنهم، هؤلاء الشباب هم أبناء بررة لليبيا، ينبشون في تاريخهم ويمررون رسائل تنتصر للوحدة واللحمة الوطنية التي تنتصر للوطن وللم الشمل والقضاء على الخلافات لكي يبقى الوطن واحدا والأمة واحدة.
أشد على يدي المخرج والمنتج الذي وفر لنا كامل الظروف لكي يكون العمل مواتيا لتحديات اللحظة والمرحلة، خاصة أن ليبيا تعيش تحديات أمنية ومنقسمة، لكن المسلسل يحارب الانقسام وينتصر للوحدة.
كيف كانت تجربة مسلسل “زهر الباتول”؟
مسلسل “زهر الباتول” تظل له خصوصية، خاصة أنه يندرج في إطار الدراما الوطنية، أنا شخصيا أسميه بالتحفة الفنية، وهي سلسلة من أربعة أجزاء من إخراج هشام الجباري، تسافر بالمتلقي في الزمان والمكان إلى حقبة من التاريخ المغربي، بأحداث اجتماعية متخيلة في الفترة ما بين القرن السادس عشر والسابع عشر، والمواطن المغربي في إطار الحجر المنزلي يتوق لأن ينسلخ عن واقعه وأن يسافر لكي ينس همومه، ومن خلال سلسلة “زهر الباتول” حققنا هذه المعادلة الصعبة، وجعلنا المتلقي يشاهد التلفزة ولا يشاهد انعكاس نفسه على المرآة، لأن الأخيرة لن تجلب له سوى الصورة السوداء للوباء وأعداد الإصابات والوفيات بكورونا.
حاولنا من خلال السلسلة أن نصنع له تلفازا يسافر من خلاله وينسلخ من همومه، وكان سفرا إيجابيا، خاصة أن لدينا خصاصا في الأعمال الرومانسية، وهو ما جعل المتلقي يرتبط بالسلسلة ونسب المشاهدة تدل على ذلك؛ إذ تجاوزت عشرة ملايين على القناة الثانية.
ما رأيك في أداء سلمى رشيد التي أدت إلى جانبك بطولة “زهر والباتول” رغم أنها في بداياتها في مجال التمثيل؟
أداء جميل وذكي ولها كل المقومات لكي تصير ممثلة هائلة، هي في خطواتها الأولى لكنني أشجعها كل التشجيع والتنويه، ذكية وفنانة تتميز بحضور، لها جمال وبهاء، وهي أشياء مطلوبة في الممثلة؛ إذ يفضل أن تكون لها كاريزما وجمال حتى حينما تمر أمام عدسات الكاميرا لا يكون مرورها مرور الكرام، بل كما يقال “الكادر يحب وجهها”.
شاهدناك في رمضان في عدد من الأعمال التلفزية، كيف كانت فترة التصوير؟ وكيف استطعت التوفيق بينها؟
صحيح، لكن الأمر المهم أنني لا أشتغل طيلة السنة، ربما المسؤولون عن البرمجة في القناتين الأولى والثانية هم من ارتأوا أن الأعمال تتوفر فيها شروط إبداعية، وبالتالي تم بثها في رمضان، وهو أمر مبدئي وجوهري بالنسبة إليّ أن لا أشتغل فقط لرمضان بل طوال السنة، حتى يكون الاشتغال فيه أريحية ولكي أمنح لكل شخصية وقتها، وهو ما يمكن ملاحظته؛ فشخصيتي في مسلسل “الإرث” تختلف تماما عن شخصية القايد ناصر في “زهر الباتول” أو السيد يوسف في فيلم “الماضي لا يعود”، فكل شخصية لها أبعاد سيكولوجية واجتماعية مختلفة، وهو ما جعل من حضوري في موسم رمضان الماضي لافتا، فكل التعاليق والنقاد المهتمين بالشأن التلفزي أكدوا ذلك، وهو ما أطمح إليه، أطمح أن لا أكرر نفسي وأن أؤدي أدوارا مختلفة.
ما جديدك الفني؟
جديدي هو فيلم سينمائي ألعب بطولته، سيخرج عقب أزمة كورونا، تم تصويره السنة الماضية وأؤدي فيه دور البطولة، وهو من إخراج محمد فكران، مخرج فرنسي مغربي، ويحمل عنوان “النزال الأخير”، ألعب فيه شخصية هشام التي ستكون مفاجأة للمتلقي المغربي، وسيكون للفيلم وقع خاص على وجدانه.
على المستوى التلفزي هناك عدة اقتراحات على قناة “ام بي سي 5″، وهناك اقتراحات على المستوى العربي، ويهم الأمر عملا تاريخيا جديدا حاليا أقوم بالمفاوضات بشأنه.
ما هي رسالتك إلى الشعب المغربي خلال الظروف الحالية؟
رسالتي أولا إلى السلطات المغربية التي أتمنى أن تفك عنا هذا الحصار وأن تعيدنا إلى وطننا وأهلنا، فقد اشتقنا إلى بلادنا، وأتمنى للشعب المغربي الرقي والازدهار وأن يحفظنا الله من هذه الجائحة وأن يجنبنا شر بلائها، وأن نكون كشعب استخلصنا الدروس والحكم من هذه الأزمة، وأن يتم التعامل مستقبلا مع المحيط والبيئة والطبيعة بشكل عقلاني حتى لا تعيق تقدمنا واستمرار حياتنا.