الزواج عبر “الفيس بوك” .. موضة العصر
مابريس – NGI
في عصر انتشار وسائل التواصل الحديثة التي تمتاز باقتصار المسافات والاستعانة بأجهزة ذكية لاختصار الوقت والتواصل بأسرع وقت ممكن وتلبية جميع احتياجاتنا .. بات من الصعب الاستغناء عن هذه الأمور في شتى مناحي الحياة، وفي موضوعنا اليوم؛ سنتحدّث عن قضية تأثرت بهذه التكنولوجيا وساهمت في إيجادها بشكل أسرع بغض النظر عن النتائج، وهي قضية “الخطّابة” أو البحث عن الزوج أو الزوجة.
ففي الزمن البعيد لم يكن التعارف بين العريس والعروس إلا في يوم الزفاف، بحكم العادات والتقاليد التي كانت سائدة وقد لا تزال عند بعض العائلات المحافظة على هذه التقاليد. وتطور الأمر إلى الرؤية الشرعية التي تسمح للرجل والمرأة التحاور مع بعضهما ومعرفة الآخر من خلال جلوسهم أمام العائلة قبل البتّ في أمر الموافقة من الرفض.
وبعد ذلك، اختلقت العادات والتقاليد وأصبح هناك انفتاح بين الحضارات العربية والغربية، والتي أدى إلى نسخ بعض العادات الغربية إلى مجتمعاتنا، فأصبح الشاب والفتاة يجلسون مرة أو أكثر معاً خارج المنزل للتعرّف أكثر على بعضهم البعض في فترة تتبع مرحلة “قراءة الفاتحة” والتي تسبق مرحلة “توثيق عقد الزواج” في المحكمة.
وكان اختيار الزوج لزوجته في السابق يتم عن طريق رؤية أمه أولاً للعروس عن طريق ما تسمى “الخطّابة”، وهي امرأة تكون في العادة كبيرة في العمر، وتعرف جميع الفتيات المقبلات على الزواج في الحي أو المنطقة التي يعيشون فيها، وهي تدلّ أهل العريس على الفتيات ليختاروا منهم عروساً لابنهم. وفي مرحلة أخرى، كانت الأم تبحث عن عروس ابنها من خلال ملاحقة الفتيات في المناسبات التي تشارك فيها، وأكثرها مناسبة حفل الزفاف، لأن الفتاة تكون بكامل حليتها وزينتها فتراها الأم وتعجب بها، فإن لم تكن الفتاة مخطوبة يتم الحديث مع أهلها بخصوص تحديد موعد للقاء ومن ثم الخطبة إن تمت الموافقة. وقد يكون الشاب قد رأى الفتاة في مكان عام وتبعها وعرف منزل أهلها وأرسل أهله لخطبتها.
وللرجوع إلى موضوعنا الرئيسي، وهو “تأثير التكنولوجيا الحديثة على موضوع الخطبة والزواج”، فكان للتقنيات الحديث تأثير كبير وملحوظ، حيث أن التعارف أصبح يتم من خلال التواصل عبر الهواتف وأصبح الرجل يتعرّف على زوجته المستقبلية من خلال مواقع الانترنت المختلف، حيث يبدأ الأمر من المنتديات المنوّعة والتي يشارف فيها مجموعة من الشباب والإناث، فقد يعجب بها وأفكارها فيتم التراسل من أجل إتمام التوفيق بينهما بالزواج.
وانتشرت في فترة أخرى، المواقع التي تهتم بالزواج، حيث تقوم من خلال طلب البيانات الخاصة بالرجل والمرأة من دون ذكر اسمهما، والتقريب بينهما في دائرة التركيز على الصفات التي طلبها كل منهما للآخر وفقاً لما أرسله للموقع. وتطوّر الأمر بعدها حتى أصبح في مواقع التواصل الاجتماعي، وأشهرها “الفيس بوك” و”الواتس آب”، حيث أصبح هناك صفحات متخصصة للبحث عن شريك العمر، وأصبحنا نلاحظ أب بعض الأمهات والأخوات ينشرن مواصفات لبناتهم أو أخواتهم اللاتي لم يأتي نصيبهم بعد على صفحات عامة تمتلىء بالأعضاء من كلال الجنسين.
ومن أبرز الصفحات التي تفاعلت مع موضوع الزواج، “ملتقى سيدات الشارقة”، حيث شارك الموجودين بنشر بوست جديد قال فيه: “بناء على طلبكم قسمنا البوست لقسمين.. هذا البوست مخصص للعرسان فقط .. يلي عندها عريس حابة تفرح فيه تكتب مواصفاته ضمن هالبوست”. وسرعان ما انهالت التعليقات المثنية على أهمية هذا الملتقى في توظيف مواقع التواصل الإجتماعي للتخفيف من مشكلة العنوسة التي ترتفع معدلاتها بنسب مضطردة في البلاد العربية بالمقابل استهجن البعض الآخر هذه “البوستات”، معتبرين أنها تهدد التقاليد والأعراف السائدة في المجتمع وتنتهك “حرمة الزواج وخصوصيته”.
وفي صفحات اجتماعية أخرى على الفيس بوك أو تويتر، تفضل عضوات تحديد شروط مواصفات العريس أثناء كتابة البوست وتطلب ممن لا تتوفر بهم هذه المواصفات عدم المشاركة في التعليقات، في محاولة منهن للحد من التعليقات الساخرة أو المستهجنة على هذا الأسلوب في البحث عن الرجل المناسب.
ولـ “مواقع الزواج” مجموعة من الإيجابيات والسلبيات مثلها كمثل أي وسيلة للتوفيق بين الأزواج. وتتمحور إيجابياتها في التعرف على الطرف الآخر وطريقة تفكيره، وهل هناك توافق فكري بينهما، حيث أنه في الزواج التقليدي لا تستطيع ذلك، بل تكتفي بما يذكره الأهل من مواصفات الطرف الآخر، أو بما يظهره الطرف الآخر لهم حتى إن كان تصنعاً. وثانياً .. تعجيل الزواج بإيجاد شريك الحياة في أقرب وقت ممكن، بالإضافة إلى إيجاد حلول لأهل الأوضاع الخاصة؛ كالفقراء والعقيمين وذوي الاحتياجات الخاصة.
أما السلبيات الموجودة في هذه المواقع المنتشرة في الانترنت، منها كثرة الرجال غير الجادين الذي لا هم لهم إلا إنشاء علاقات غير شرعية، مما ينتج عنه كثر الخداع الغش، بالإضافة إلى تعويد الشاب والفتاة على مكالمة الجنس الآخر، فقد تصل بينهما إلى الانحراف، حيث أن المكالمة بين الجنسين قد تحوي على اللذة والشهوة. ومن السلبيات الأخرى عدم تقبل المجتمع لهذه الطريقة في الزواج، حيث أن غالب المجتمع يرى أن البنت التي في الانترنت سيئة، والشاب الذي في النت أسوأ، فلذلك إذا عُرض موضوع الزواج بهذه الطريقة على الأهل رفضوا بشدة، وإن لم يرفضوا كانوا متخوفين جداً. وفي حال حصل الزواج بين الاثنين فإن حياتهم في الغالب تكون مبنية على الشك والريبة، فالرجل يشك في زوجته إذا دخلت النت، والمرأة تشك في زوجها خارج النت وداخله.