«أتمنى لو أدهس خاشقجي بسيارتي ثم أموت».. الناشطة السعودية منال الشريف تكتب تعليقاً على قتله
ترددت أصداء اختفاء جمال خاشقجي، الصحافي السعودي البارز والكاتب في صحيفة واشنطن بوست Washington Post، بين الصحافيين والناشطين ومنتقدي الاستبداد في جميع أنحاء العالم.
كان أول لقاء لي مع كتاباته في عام 2011، في أولى سنوات الربيع العربي، بجريدة الحياة، وهي الصحيفة السعودية التي كتب كلانا فيها. دعا في كتاباته إلى اغتنام اللحظة، وطالب بإجراء إصلاحات داخل المملكة العربية السعودية. وبسبب آرائه الشجاعة مُنع من الكتابة ومن التغريد على موقع تويتر لأكثر من عام. وبعد أن أعلن الولاء لوليّ العهد الجديد في أول تغريدة له بعد عام من الصمت، قبل أن يمنع مرة أخرى نهائياً في شهر سبتمبر/أيلول من عام 2017، إثر نشره تغريدات قيل إنها تتسم بالتعاطف مع جماعة الإخوان المسلمين، وكذلك بسبب انتقاد الاعتقالات التي تعرّض لها بعض رجال الدين السعوديين البارزين وآخرين، والتي نفذت في نفس الشهر. ثم تصاعدت الأمور وأسفرت عن رحيل خاشقجي عن السعودية خوفاً من تعرضه إلى الاعتقال والسجن.
لا أعلم ما إن كان منحنا الفرصة للتعبير عن آرائنا في نفس الصحيفة مرة أخرى، قدراً أو من قبيل الصدفة، إلا أن هذه المرة كانت في صحيفة واشنطن بوست. وأخيراً، صار يمكننا الكتابة دون الخضوع للرقابة. إن قوة المنفى الاختياري هي استطاعتك أن تكتب صراحةً دون خوف من الملاحقة القضائية. ولم نكن نعرف أن السلامة مسعى لا يزال غير مضمون، وأنه قد يؤدي إلى الاختفاء.
أرسل لي جمال ذات مرة عبر البريد الإلكتروني، تغريدة مروّعة أُرسلت له بعد دعمه حملة مطالبة لحق المرأة في القيادة #Women2Drive بشكل علني. فقد عبرت التغريدة عن التمني أن أدهس جمال بسيارتي، ثم أصطدم بجدار وأموت. وبهذه الطريقة سيستريح العالم من منال وجمال.
نصحني جمال، بكلماته الطيبة، بأن أتجاهل هؤلاء الناس وأن أواصل القيادة بأمان. وما قدمه لي من دعم -في الوقت الذي صمت فيه الجميع أو كانوا خائفين جداً من التحدث- كان يعني كل شيء بالنسبة لي.
كتب جمال أحد أقوى مقالاته الأخيرة بعد أن حضر منتدى أوسلو للحرية، حيث يُمنح نشطاء حقوق الإنسان والمعارضين من جميع أنحاء العالم منبراً لسرد قصصهم. وتساءل في هذه المقالة، عما إذا كان التعبير عن الرأي بكل صراحة لا يزال يستحق كل هذا العناء في هذا العالم الظالم، «الشيء المحبط هنا ليس فقط تكرار القصص وتشابهها، كما لو أن الطغاة كانوا يستقون نهجهم من بئر واحد مسمومة، بل اللامبالاة التي تجتاح العالم».
يخشى المعارضون السعوديون الذين يعيشون في الخارج منذ فترة طويلة من الذراع الطويلة للسلطات. فقد أفادت بعض التقارير عن وقوع عمليات اختطاف، إلا أنه على حد علمي لم توجد اغتيالات حتى الآن. وكل ذلك ما هو سوى جزء من خطة تديرها الدولة لإسكات الانتقادات الموجهة للقيادة السعودية.
في شهر مايو/أيار الماضي، تعرض الأمير نواف بن طلال الرشيد، وهو شاعر سعودي قطري، إلى الاعتقال في الكويت ونُقل إلى المملكة العربية السعودية. وفي حين أن الرشيد لم يشارك في أي نشاط سياسي، اعتبرت السلطات السعودية أن تأثيره يُشكل تهديداً.
وتعرضت لجين هذلول الهذلول، وهي ناشطة سعودية بارزة، وصديقة شخصية لي، إلى الاختطاف على أحد الطرق السريعة في دولة الإمارات العربية المتحدة وأُعيدت إلى المملكة العربية السعودية. ووضعت قيد الحبس الانفرادي، دون ضوء الشمس أو إمكانية الوصول إلى المحامين. وقد رُحل زوجها الممثل والكاتب السعودي فهد البتيري، من الأردن إلى المملكة العربية السعودية، وكان الراكب الوحيد على متن طائرة تجارية. وفي وقت لاحق تعرض للضغط من قبل السلطات لتطليقها.
وفي الفترة بين سبتمبر/أيلول عام 2015 وفبراير/شباط عام 2016، نُقل ثلاثة أمراء سعوديين كانوا يعيشون في الخارج ويشاركون في أنشطة سياسية سلمية ضد الحكم السلطوي في الرياض عنوةً إلى المملكة العربية السعودية، ولم يسمع أحد عنهم شيء منذ ذلك الحين.
على الرغم من مدى فظاعة جميع هذه الحوادث، فإن النتائج، وإن كانت غير واضحة المعالم، لا يبدو أنها انتهت بالاغتيال. وهذا ما يبعث على الأمل في أن يكون المثقف الوطني جمال خاشقجي، لا يزال حياً ولم يُقتل كما تُشير القصة التي تبنتها المصادر التركية.
يظهر في الملف الشخصي لجمال على موقع تويتر عبارة، «قل كلمتك.. وامش». وبقدر ما أشعر بالعجز والانهيار الآن، فإنه لا يزال يريدنا أن نقول الحقيقة. قد نرحل جميعاً أو نختفي، لكن كلماتنا ضد الطغيان والظلم لا يمكن اختطافها أو حبسها، الحقيقة ستكون وستبقى دائماً حرة.
– هذا الموضوع مترجم عن موقع صحيفة The Washington Post الأميركية.
The post «أتمنى لو أدهس خاشقجي بسيارتي ثم أموت».. الناشطة السعودية منال الشريف تكتب تعليقاً على قتله appeared first on عربي بوست — ArabicPost.net.