A Beautiful Mind.. هل بالغت هوليوود في رسم شخصية جون ناش وأبدعت في خداعنا؟
بعد مشاهدة فيلم A Beautiful Mind، يعي المتفرج تماماً أن مخرجه رون هوارد يتعمد الخلط بين الحقيقة والخيال في أفلامه، ربما لإضفاء نوع من الإثارة والتشويق على القصة.
بعد مشاهدة فيلم A Beautiful Mind.. سترى الفرق عن الكتاب!
الفيلم الذي صدر في العام 2001، مستوحى من كتاب يحمل نفس الاسم للكاتبة الألمانية سيلفيا نصار، المراسلة الاقتصادية السابقة لصحيفة The New York Times.
ويحكي الكتاب السيرة الذاتية لعالم الرياضيات الشهير جون ناش، الحائز على جائزة نوبل في العلوم الاقتصادية في العام 1994.
فما هو الفارق بين قصة جون ناش الحقيقية، وما جاء خلال أحداث A Beautiful Mind؟
تحذير: السطور المقبلة تتضمن حرقاً لأحداث الفيلم!
طالب كَرِه المحاضرات، وتفوَّق على مؤسس علم الاقتصاد الحديث!
منذ اللحظات الأولى للفيلم، يبدو على جون ناش الذي أدى دوره ببراعة الممثل النيوزلندي راسل كرو أمارات التململ والانزعاج كما توحي تعبيرات وجهه.
وذلك بسبب كونه شخصاً غير اجتماعي، ومع مرور القليل من الوقت يمكننا استنتاج أننا أمام شخصية غريبة الأطوار لا يمكنها التعاطي مع الواقع بسهولة.
يذهب ناش المولع بالرياضيات والأرقام إلى جامعة برنستون كطالب دراسات عليا، لكنه ومنذ اليوم الأول يرفض الانتظام في المحاضرات، إذ كان يراها مملَّة وقاتلة لِحسّ الإبداع الخلاق لدى الطلبة.
وعوضاً عن ذلك ينشغل ناش بمراقبة حركة الحَمائم والبَحث من أجل التوصل للقوى الفيزيائية المُسيطرة على الأشياء.
وخلال تلك المرحلة تحديداً، يبدأ ناش برؤية الهلاوس البصرية متجسدة في زميل غرفته الخيالي تشارلز هيرمين.
وقعت في حب ماكسيموس أثناء مشاهدة فيلم Gladiator؟ حقائق صادمة عمّا صدقته من «كذبات تاريخية»
توصل عالم الرياضيات الشهير، بفضل فتاة شقراء في الحانة إلى دحض لنظرية عالم الاقتصاد آدم سميث القائلة إن المصلحة العامة تتحقق عندما يفعل كل شخص ما هو لصالحه.
فوفقاً لناش، إذا فعل أي من زملائه في الحانة ما هو لصالحه واختار الفتاة الشقراء فستفزع الفتاة ولن تختار أي منهم.
هذا بالإضافة إلى أن الفتيات السمراوات سترفضن الشباب لأنهن لن يقبلن أن يكن خياراً ثانياً.
أما إذا اختاروا الفتيات السمراوات، فسيحظين جميعهن بفرصة للمواعدة، وبذلك فإن المصلحة العامة تتحقق عندما يفعل كل شخص ما هو لصالحه ولصالح المجموعة.
في الحقيقة، لم يكن ناش مولعاً بالرياضيات!
خلافاً لما جاء في أحداث A Beautiful Mind، لم يكن ناش مولعاً بالرياضيات، لكنه رغب في دراسة الهندسة الكيميائية.
وبسبب انطوائه الدائم في الطفولة لم يحصل أبداً على درجات جيدة في المدرسة، وإنما على العكس شكَّك الكثير من أساتذته في قدراته التعليمية.
إلى درجة أن البعض ظنّوا أنه يعاني تأخراً في النمو، لكن على الرغم من كل ذلك كان محباً للكيمياء حتى أنه كان يجري التجارب العلمية في غرفته الخاصة.
وفي مراهقته، تعرَّض ناش للتنمُّر من قبل رفاقه في المدرسة؛ لأنهم كانوا يرون أنه متخلِّف عقلياً فلم يكونوا يسمحون لهم باللعب أو المزاح معهم.
وبسبب الملل وميله للعدوان في تلك المرحلة، كان يستمتع بتعذيب الحيوانات عبر وضعهم على كراسي موصولة بالكهرباء.
استمر حب ناش للكيمياء وإجراء التجارب العلمية حتى العام 1945، عندما فاز بمنحة للدراسة في معهد كارنيغي للتكنولوجيا وكان يرغب في التخصص بالهندسة الكيميائية.
لكن مدير قسم الرياضيات جون سينغ كان له رأي آخر، إذ أقنعه بالتخصص في الأرقام.
وفي العام 1948، تخرج العالم الأميركي من معهد كارنيغي، وحصل على منحة دراسية لاستكمال الدراسات العليا في جامعة برنستون.
تلميذته الجميلة أليشيا لارد وقفت إلى جانبه في كل الأوقات
كان ناش خلال A Beautiful Mind على علاقة بتلميذته الجميلة أليشيا لارد التي كان لها دوراً كبيراً في حياته.
ففور تشخيص إصابته بالهلاوس البصرية وقفت زوجته إلى جانبه ولم تتخل عنه.
وكانت أليشيا تتذكر كل مواعيد أدويته، وحرصت بشكل كبير على إعادته للتدريس في الجامعة.
وعندما توقف عن تناول الأدوية، ما تسبب في الهلاوس من جديد ولم يرغب في الذهاب إلى المستشفى كانت أليشيا إلى جانبه أيضاً رغم علمها بخطورة ذلك.
الحقيقة تخالف الفيلم مرة أخرى، إذ لم تكن علاقته بأليشيا منذ دراستها الجامعية، لكن علاقتهما بدأت بعد تخرجها في قسم الفيزياء.
إذ كانت أليشيا تطمح إلى أن تكون ماري كوري التالية، وهي عالمة فيزياء شهيرة فازت بجائزة نوبل.
لكن وقوفها الدائم بجانب ناش منعها من تحقيق طموحها، وبعد علمها بمرضه لم تكن الأمور تسير على خير ما يرام كما جاء في الفيلم.
إذ طلبت أليشيا الطلاق من ناش في العام 1963، وبالفعل انفصل الاثنان لكنهما عادا إلى بعضهما وتزوَّجا مجدداً في العام 2001.
أليشيا لم تكن الفتاة الوحيدة في حياته
خلافاً لأحداث الفيلم، أليشيا لم تلك المرأة الوحيدة في حياة ناش، فقبل زواجهما كان ناش على علاقة رومانسية مع الممرضة أليناور ستير.
وقد أسفرت تلك العلاقة عن حمل ستير من ناش، وهو الطفل الذي لم يرغب لمدة طويلة في الاعتراف به، كما أنه رفض الزواج من ستير.
ولم يقتصر الأمر على ذلك، فقد كان لديه ميول جنسية مثلية أثناء الكلية، لكنه عمل على إخفائها لأنها كانت غير قانونية خلال ذلك الوقت.
وفي العام 1954، تم القبض عليه في عملية استهدفت الرجال المثليين في سانتا مونيكا.
وبسبب ذلك الأمر طُرد ناش من منصب مستشار الجيش الأميركي، إذ كان يعمل لصالح وكالة الأمن القومي التابعة للحكومة الأميركية.
مُصاب بالهلاوس السمعية.. وليس البصرية!
وفقاً لرواية A Beautiful Mind، كان هناك 3 أشخاص خياليين في حياة ناش هم:
- رفيق غرُفته أيام الجامعة تشارلز هيرمين.
- ابنة اخته الصغيرة مارسي.
- رجل الاستخبارات العسكرية وليام بارشر، الذي – وفقاً لتخيلات ناش – جَنّده من أجل فكّ شفرات التواصل بين الاتحاد السوفييتي وعُملائه داخل الولايات المتحدة الأميركية.
جون ناش كان مُصاباً بالهلاوس السمعية وليس البصرية، كما ورد في A Beautiful Mind، لكن كاتب السيناريو أكيفيا غولدسمان اختار الهلاوس البصرية حتى يسهل تخيل حالة ناش من قبل المشاهدين.
وفي تشخيص الطبيب النفسي لطبيعة مرض ناش قال لزوجته إن الهلاوس تمكنت منه بسبب شعوره الدائم بالوحدة.
وهو أمر ليس صحيحاً، فعلى الرغم من ظهور العالم الأميركي وحيداً أغلب مشاهد الفيلم فإن والدته فيرجينيا وأخته مارثا كثيراً ما كانتا تقدمان الدعم النفسي لناش.
ولم ينتصر ناش وأليشيا على مرض الفصام بالحب والتفاني كما جاء في الفيلم؛ إذ أُودع ناش في مصحة الأمراض النفسية 8 مرات وكان حينها يتم علاج الأمراض النفسية بالصدمات الكهربائية.
وبعد خروجه في المرة الأخيرة من المستشفى استقال ناش من عمله بمعهد ماساتشوستس للتكنولوجيا وسحبت جميع أمواله، ليغادر بعدها إلى أوروبا.
إذ أخبر ناش زوجته حينها أنه مستعد للتخلي عن جنسية الولايات المتحدة والهجرة للأبد.
ولكن أليشيا لحقته إلى أوروبا وأعادته مرة أخرى للوطن.
جون ناش درّس الرياضيات وحصل على جائزة نوبل
ذكرت أحداث A Beautiful Mind أن ناش الذي شُخص مرضه بالسكيزوفرينيا الارتيابية أو ما يُعرف بفُصام الاضطهاد وجنون العظمة، لم يستمر بالعلاج حتى لا يتأثر عقله، وعوضاً عن ذلك اختار تجاهل الهلاوس البصرية.
وخلال هذا الوقت أقنعته زوجته بالعودة لأروقة الجامعة والقيام بنشاط مفيد للمجتمع.
وبالفِعل ذهب ناش للجامعة واعتاد على ارتياد المكتبة، وهناك التفّ حوله الطلبة للاستفادة من علمه إلى الدرجة التي أقنعت رئيس قسم الرياضيات بضم ناش لأعضاء هيئة التدريس.
وفي العام 1994، زاره في الجامعة البروفيسور توماس كينغ من لجنة جائزة نوبل ليخبره بأنه مرشح للفوز بجائزة نوبل عن نظرية الألعاب والسلوك الاقتصادي.
وعلى الرغم من أن ترشيحات جائزة نوبل عادة ما تكون سرية، فإن لجنة الجائزة بعثت بكينغ حتى يتم التأكد من قوى ناش العقلية وأنه لن يسبب أي إحراج في حفل توزيع الجائزة.
وأثناء جلوسهما معاً التفت أساتذة جامعة برنستون حول ناش ليعطوه أقلامهم، وهو عُرف جامعي اعتاد عليه أعضاء هيئة التدريس تقديراً لدور أي أستاذ يضيف للعلم.
في الحقيقة تخلى ناش عن تناول الأدوية بالفعل واختار تجاهل هلاوسه السمعية، كما أرسلت لجنة نوبل بالفعل البروفيسور يورغين ويبل من أجل التأكد من الصحة العقلية لجون ناش.
لكن مشهد الأقلام الذي أثر فينا بشدة لم يكن حقيقياً، ولا يوجد عرف كهذا من الأساس في جامعة برنستون.
خطاب جون ناش أثناء تسلُّم جائزة نوبل لم يحدث!
«لقد كنت دائماً أثق بالأرقام، في المعادلات والمنطق وبعد سنوات من المطاردات سألت ما هو المنطق بحق حتى توصلت إلى أهم اكتشاف في حياتي وهو المعادلات الغامضة في الحب، حيث لا وجود للأسباب المنطقية، أنا هناك بسبب وحدك، أنت كل أسبابي، ولهذا شكراً».
كان هذا هو آخر مشاهد فيلم A Beautiful Mind وأكثرها عبقرية وتأثيراً في وجدان المشاهدين، وعلى الرغم من عبقريته وجماله فإنه من وحي خيال المخرج وليس حقيقياً بالمرة.
جوائز الفيلم
حصد فيلم A Beautiful Mind على 4 جوائز أوسكار لأفضل فيلم وأفضل مخرج والتي حصل عليها رون هاوارد.
وكذلك أفضل كتابة سيناريو مقتبس لأكيفا غولدسمان وأفضل ممثلة مساعدة والتي نالتها جينيفر كونلي.
كما فاز راسل كرو بجائزة الغولدن غلوب وجائزة البافتا لأفضل ممثل دور رئيسي.
The post A Beautiful Mind.. هل بالغت هوليوود في رسم شخصية جون ناش وأبدعت في خداعنا؟ appeared first on عربي بوست — ArabicPost.net.