أصبحت بتكوين (Bitcoin) حديث الساعة في العالم الاقتصادي، وفي البداية، لم تكن قيمة هذه العملة الرقمية تعادل سوى بضعة سنتات، أما الآن، يتم تداولها بما يزيد على 50 ألف دولار لكل عملة من أصل 21 مليون وحدة متاحة.
أشارت صحيفة (Washington post) الأميركية إلى أن القيمة التي اكتسبتها هذه العملة رفعت من مكانتها، حيث أعلنت شركة “تسلا” (Tesla) عن استثمارها 1.5 مليار دولار من احتياطاتها النقدية البالغة 20 مليار دولار في البتكوين.
كما صرح “بنك أوف نيويورك ميلون كورب” (Bank of New York Mellon Corp) المرموق بأنه سيستخدم بتكوين في إدارة الأصول نيابة عن عملائه، ومن المرجح أن تنسج على خطاه شركات أخرى من وول ستريت. فهل سيشكل بروز هذه العملة الرقمية، التي لا يزال تداولها يقتصر على الشركات وصناديق التحوط والأثرياء، خطرا على بقية الناس؟
يكاد يكون من المستحيل أن تحل بتكوين أو غيرها من العملات الرقمية محل الدولار الأميركي كعملة احتياطية عالمية، على الأقل على المدى القصير، وإن تقلب سعر بتكوين وإمداداتها المحدودة للغاية، يجعلها غير مؤهلة لاتخاذ هذا الدور، وينطبق الأمر ذاته على العملات الرقمية الأخرى مثل “دوجكوين” (dogecoin)، التي بدأت كمزحة في عام 2013 لتصبح قيمتها السوقية الإجمالية الآن حوالي 6.9 مليارات دولار، بمعدل 5 سنتات للوحدة الواحدة.
وأشارت الصحيفة إلى أن الخطر الأكثر إلحاحا هو استغلال العملات الرقمية في عمليات غسيل الأموال والاحتيال، كما يتضح من لائحة اتهام فدرالية حديثة تتهم 3 عملاء للمخابرات العسكرية من كوريا الشمالية بارتكاب جرائم إلكترونية، بما في ذلك إنشاء تطبيقات زائفة للعملات الرقمية، وسرقة عملات رقمية “حقيقية” من صنع شركات في سلوفينيا وإندونيسيا. باستثناء التكنولوجيا المستخدمة، فإن الاحتيال المالي وسرقة البنوك ليست جرائم جديدة.
من منظور السياسة العامة، فإن أهم سبب للتركيز على بروز عملة بتكوين هو ما تكشفه من المخاطر التي تنطوي على التزام الاحتياطي الفدرالي الأميركي بسياسة معدلات فائدة صفرية، وكان الهدف من اتباع هذه السياسة خلال جائحة فيروس كورونا هو التصدي للانهيار الاقتصادي وذلك من خلال تشجيع المستثمرين على المراهنة بأموالهم على المشاريع التي تخلق فرص عمل، بدلا من استثمارها في السندات الحكومية، ومع محدودية فرص الاستثمار الإنتاجي، لجأ الكثيرون إلى الاستثمار في عملة بتكوين.
وبالنسبة للبعض، من الجنوني عدم التحوط ضد معدلات الفائدة الصفرية، والتي تكون في الواقع دون الصفر مقارنة بالتضخم، وحسب رئيس شركة “تسلا” إيلون ماسك، “حين يكون للعملة الإلزامية سعر فائدة حقيقي سلبي، فإنه وحده الأحمق الذي لا يبحث عن بديل آخر”، ويوم الجمعة الماضي، تعهدت وزيرة الخزانة جانيت يلين بمراقبة بتكوين وظواهر المضاربة الأخرى عن كثب.
وتحث الصحيفة وزيرة الخزانة الأميركية والجهات التنظيمية الأميركية الأخرى على النظر في ما تكشفه هذه الأسواق عن العواقب الواقعية للسياسة النقدية والمالية الحالية، الإيجابية منها أو السلبية، المقصودة أو غير المقصودة.