هنا نطبق قانونا خاصا بنا
انتقلت الأسبوع الفارط وبالضبط يوم الخميس 5 يوليوز برفقة زوجتي إلى الجماعة للمصادقة على وثيقة تتعلق باتفاق بيني وبينها، ما إن دخلنا إلى مصلحة تصحيح الإمضاء حتى لاحظت أن لا شيء تغير سوى تبديل كراسي 100 درهم بكراسي أخرى تقدر قيمتها بأكثر من 3000 درهم للكرسي الواحد. فعوض أن يحس بعض موظفي المصلحة أن الإدارة تفكر في راحتهم كي يؤذوا عملهم بدون توتر وبدون جهد، أصبحوا أكثر تعجرفا؛ لا يقدمون للجماعة ولا للدولة أي قيمة مضافة من خلال العملية الروتينية التي يقومون بها، فهم لا يعرفون أن القيمة المضافة التي يقدمونها للجماعة وللدولة ترتبط ارتباطا تاما بجودة الخدمات التي يقدمونها للمواطنين وبحسن استقبالهم والاستماع إلى شكواهم وتظلماتهم وبتطبيق القانون حرفيا، قانون يلزم على الجميع احترامه وليس تغييره حسب المدينة والإقليم والحي ونوعية السكان..القانون يجب أن يحترم من طرف الجميع لكي نساهم جميعا في بناء مغرب بنموذج تنموي جديد يحس فيه المواطن بأن موظفي الدولة في خدمته وليس في خدمة بعضهم البعض، ويشعر بالكرامة وبالأمان المادي والمعنوي وبحرية التعبير المقيدة باحترام الآخر والقانون والدين والمؤسسات.
ونحن ننتظر دورنا في أجواء يشوبها العشوائية في التسيير، لا حضت مواطنا غاضبا من تصرفات ضابط الحالة المدنية بالتفويض الذي رفض المصادقة على أوراقه بطريقة مستفزة ومتعجرفة، فما العيب في أن يخصص دقيقة واحدة لتذكيره بأسلوب حضاري أن القانون يلزم تطبيقه ولا يمكن تجاوزه لأن احترامه فيه حماية لحقوق المواطن؟
يتصرف هذا الموظف وغيره بطريقة غير لائقة مع المواطنين؛ لايجيبون على أسئلتهم ولايعيرونهم أي اهتمام..تطبعوا بالعشوائية في التسيير والتواصل فأصبحت عش يخيم على عقولهم ويعكر صفو كل من “زغبو الله” وأراد أن يختصر الوقت لقضاء أغراضه عندهم.
جاء دورنا أنا وزوجتي، فطلب من كل واحد منا بطاقته الوطنية، بعدها طلب مني عمل نسخة لهما، خرجت خارج الجماعة لأحضر له النسخ متسائلا بداخلي ما الفائدة من المحافظة على هذه الوثائق الشخصية وكيف يتم أرشيفها – لم يسبق أن طلب مني القيام بمثل هذه العملية في أي جماعة من مدينة الدار البيضاء، لكن في هذه المنطقة التي تسمى السوالم والتي تبعد عن الدار البيضاء ب 30 كيلومتر، لاحظت أن لهم قانون خاص بهم، منطقة “زغبني الله” السكن بها منذ الربيع العربي إلى اليوم، كنت أبحث عن منطقة بدون ضجيج وذات هواء نقي، لكني للأسف وجدت نفسي وأهلي محاطين ببعض النماذج التي تحتاج إلى قدر كبير من التربية على كل المستويات، نماذج يصعب التعايش معها – ، فبعدما أحضرت له النسخ، وقعنا في السجل المخصص للتوقيعات، قدمت له أربع دراهم عن كل ورقة (لا أفهم لماذا 4 دراهم وليس درهمين كما هو معمول به في الوثائق الأخرى)، شكرته ورحلت. في طريقنا إلى المنزل، قلت لزوجتي غريب أمر هذا الموظف لم يطلب مني هذه المرة أن أقوم بنسخة للعقد الذي وقعناه لكي تبقى بأرشيف الجماعة، ما إن وصلنا إلى المنزل حتى اكتشفت أنه تنقصنا ورقة، رجعت إلى الجماعة في حدود الساعة 3 و10 دقائق زوالا لأطلب منه النسخة المتبقية، لكن مفاجأتي كانت كبيرة حينما لم يعيرني أي اهتمام وأنا أطلب منه الوثيقة الأصلية التي نسيها عنده؛ قال لي مترفعا أن تلك النسخة يحتفظ بها بقسم الأرشيف، فقلت له لماذا لم تخبرني بذلك، فسكت دون أن يقدم لي ولا تفسيرا واحدا، قلت له إذا كان ذلك قانونيا ما عليك إلا أن توقع لي ورقة تعلل فيها احتفاظك بمثل هذه الأوراق الشخصية بالأرشيف، جوابه كان هو الرفض والصمت وكأنه يقول لي : هنا نطبق قانونا خاصا بنا. ربطت الاتصال بالمحامي، فأكد لي أن ما يقوم به هذا الموظف غير قانوني وما علي إلا أن أهاتف المفوض القضائي للحضور لمعاينة المخالفة، واش أنا معاندي ما يدار غير نتسنى عون قضائي تيجي، تركت له الورقة وراسلت وزير الداخلية كي لا يترك مثل هذه النماذج من الموظفين المتعجرفين الذين لا يحترمون لا المواطن ولا القانون، تصرفاتهم لا تبت بصلة بالتوجيهات الملكية السامية باحترام المواطن وخدمته على أحسن وجه، فخروقاتهم للقانون وتصرفاتهم المتعجرفة التي تأجج غضب المواطنين وتجعلهم يعانون في صمت، تجعل شريحة كبيرة من المواطنين البسطاء تلوم جهات أخرى تعمل ليل نهار وبجد وإخلاص، ظنا منهم أنها على علم بما يقع داخل مثل هاته المصالح التي تتواصل على مدار الساعة بشريحة مختلفة من المواطنين.
وحتى لا أكرر ما حصل لي في هذا اليوم المشئوم بحضرة المشئومين، ذهبت في اليوم الموالي إلى الدار البيضاء أنفا للمصادقة على وثيقة أخرى، العملية دامت دقيقتين لا غير، لم يطلب مني الموظف لا نسخة للأرشيف ولاهم يحزنون، واش هادو عندهم قانون وهادوك عندهم قانون؟
في ختام رسالتي التي وجهتها في اليوم الموالي للسيد وزير الداخلية، اقترحت عليه أن يفرض على كل المصالح التي لها علاقة بخدمة المواطن بكتابة وبالتفصيل الاجراءات القانونية اللازم اتبعاها من طرف المواطنين في كل حالة من الحالات وتعليقها في مكان بارز بكل مصلحة، إجراءات ستمكن من تفادي الشطط في استعمال السلطة ومن توجيه المواطن إلى القانون الذي يحتكم إليه الجميع، مع وضع رقم أخضر يمكن من التدخل الفوري لكبح جماح هذه النماذج من الموظفين الذين يعيقون تنمية المواطن والبلد، بلد يعمل صاحب الجلالة الملك محمد السادس على جعله من بين البلدان المتقدمة.