هل حاول محمد بن سلمان إقناع روسيا بدعم “ناتو عربي”؟
يرى المحلل السياسي غيورغ ميرزايان أن السعودية تسعى إلى تعزيز التعاون مع روسيا وإقناعها بدعم مشروع "ناتو عربي" إلا أن خلافات البلدين حول إيران وسوريا لن تسمح بتحقيق ذلك.
وزار ولي ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان آل سعود، الثلاثاء 30 يونيو/حزيران، العاصمة الروسية. ويعد وزير الدفاع السعودي الأمير محمد بن سلمان، بحسب بعض المراقبين، الرجل الثاني عمليا في المملكة، وهو مفوض بمناقشة أهم المسائل التي يتوقف عليها إلى حد بعيد بقاء النظام السعودي، بحسب ميرزايان.
وكانت مسألة النفط بطبيعة الحال إحدى أبرز المسائل المطروحة خلال زيارة الأمير إلى موسكو. ويعتبر الحفاظ على المستوى المعقول من أسعار الوقود أهم مصلحة تجمع بين المملكة العربية السعودية والاتحاد الروسي.
وقد وافقت "الأوبك" وعدد من الدول الثالثة (بما في ذلك روسيا)، في 25 مايو، على تمديد الاتفاق حول خفض إنتاج النفط، والذي يسري مفعوله منذ مطلع العام الحالي، حتى نهاية الربع الأول من العام 2018 المقبل.
وكتب غيورغ ميرزايان، وهو الأستاذ المساعد في قسم العلوم السياسية في الجامعة المالية التابعة للحكومة الروسية، في مقال نشرته وكالة "نوفوستي"، أنه إذا كان انخفاض أسعار النفط يهدد فقط بتخفيض النفقات في روسيا، فإنه يمثل بالنسبة للسعودية خطرا على العقد الاجتماعي ذاته بين آل سعود والمجتمع، ولذلك ساعدت الرياض موسكو على تخفيض حصص إنتاج النفط، وأطلقت وسائل الإعلام العالمية على هذا التعاون اسم "تحالف نفطي".
إقرأ المزيد بوتين يستقبل محمد بن سلمان: روسيا والسعودية تعملان معا للتوصل لحل الأزمة السورية
وحاول الجانبان، خلال زيارة الأمير السعودي إلى موسكو، توسيع هذا التحالف. ويرى وزير الطاقة الروسي، ألكسندر نوفاك، أن التعاون الروسي السعودي في مجال النفط من الممكن أن يرتقي إلى مستوى جديد، قائلا: "تتكشف هناك آفاق جديدة للتعاون الثنائي وتنفيذ مشاريع مشتركة خاصة باستخراج ونقل وتدوير الهيدروكربونات في أراضي الدولتين وفي بلدان ثالثة، وللتعاون التكنولوجي".
إلا أن تعميق التعاون الاقتصادي بشكل حقيقي غير ممكن، بحسب بعض المسؤولين السعوديين على الأقل، دون تعميق التعاون السياسي بالتوازي مع ذلك.
وعلى الرغم من أن الأمير محمد بن سلمان أعلن في موسكو عن وجود العديد من النقاط المشتركة بين البلدين وكذلك "آلية واضحة" لتجاوز الخلافات الموجودة، فإن الخلافات المذكورة تحمل طابعا مبدئيا، خاصة فيما يتعلق بالأزمة السورية.
ومن المعروف، بحسب ميرزايان، أن موسكو تؤيد إيجاد تسوية سياسية للأزمة في سوريا بمشاركة كافة القوى الداخلية والخارجية على أساس الواقع الموجود على الأرض، أي على أساس النجاحات العسكرية والسياسية لدمشق. إلا أن السعودية توافق فقط على تسوية الأزمة بشرط استبعاد إيران ورحيل الرئيس السوري بشار الأسد. لكن هذه المعادلة غير قابلة للتطبيق حاليا، ولذلك يؤيد آل سعود إطالة الحرب الأهلية السورية من خلال المماطلة في مفاوضات جنيف وتمويل المسلحين الذين يحاربون الأسد، وبينهم أعضاء جماعات إسلامية متشددة.
ويواصل الكلتب: تتمثل نقطة الخلاف الثانية بين الجانبين في الموقف من إيران، إذ تحاول الرياض حاليا تشكيل حلف إقليمي لاحتواء الجمهورية الإسلامية، بل ووقف تأثيرها على الشرق الأوسط. وفي إطار هذه الخطة تحديدا، قامت المملكة بـ"توظيف" الرئيس الأمريكي دونالد ترامب من خلال عقد صفقات واتفاقات بقيمة 350 مليار دولار مع واشنطن، وكذلك دعوتها لإقامة "ناتو عربي".
وعلى ما يبدو، بحسب ميرزايان، ناقش الأمير محمد بن سلمان في موسكو مشاركة روسيا في هذا المشروع، الذي تنظر القيادة الروسية إليه بسلبية، لأنها لا تريد دخول في مواجهة مع إيران. وقد لا يروق لموسكو بعض جوانب سياسة إيران في المنطقة (وعلى سبيل المثال موقفها من إسرائيل)، إلا أنه لا توجد في علاقات البلدين أي تناقضات كبيرة على خلاف علاقات روسيا والسعودية، التي تدعم مختلف الجماعات الإرهابية السنية بحسب الكاتب.
ويبدو أن الرياض ستحاول إقناع موسكو بذلك من جديد خلال قيام الملك السعودي سلمان بن عبد العزيز آل سعود بزيارة إلى روسيا.
وأعرب الرئيس الروسي فلاديمير بوتين عن قناعته بأن زيارة الملك سلمان، وهي أول زيارة لملك سعودي إلى روسيا في تاريخ العلاقات بين البلدين، ستعطي زخما جيدا لتطوير العلاقات بينهما، إلا أن من غير المرجح أن تدفع هذه الزيارة إلى انضمام روسيا إلى مشروع "الناتو العربي" و/أو تغيير موقف موسكو من سوريا.
ويقول ميرزايان إن لروسيا موقفا فريدا في الشرق الأوسط، لأنها تحافظ على علاقات عمل جيدة مع جميع دول المنطقة ولا تسعى إلى إعادة بناء المنطقة وتغيير النظم فيها بحسب طموحاتها، وكذلك لا تتطلع إلى أن تصبح دولة قيادية في المنطقة.
ومن الممكن للكرملين اليوم أن يلعب دور وسيط مثالي في العديد من الأزمات التي تورطت السعودية فيها، بما في ذلك الأزمة اليمنية، التي يتحمل الأمير محمد بن سلمان مسؤولية شخصية عنها.
كما يمكن لموسكو أن تساعد على تحقيق التوازن في المنطقة، أي أن تقوم بتعزيز طرف من أطراف النزاع (من خلال توريد الأسلحة على سبيل المثال) دون أن تقف إلى جانب تلك الجهة بشكل واضح.
ويختتم المحلل السياسي الروسي بالقول إن الرياض، على ما يبدو، بحاجة أكبر إلى دعم موسكو وليس العكس.
المصدر: "نوفوستي"