مهرجان تيفلت: بين تعزيز الهوية الثقافية وتبدير الأموال العامة
تُعدّ المهرجانات المحلية جزءًا هامًا من الثقافة والتقاليد في العديد من الأقاليم والعمالات على الصعيد الوطني، حيث تُتيح فرصة للاحتفال بالتنوع والتراث، وتُساهم في تعزيز التفاعل الاجتماعي وتنشيط الاقتصاد المحلي.
ولكن، في بعض الأحيان، تُثير هذه المهرجانات جدلاً حول كيفية إنفاق الأموال العامة على تنظيمها. فبينما يرون البعض أنها استثمار ضروري للحفاظ على الهوية الثقافية وتنشيط السياحة، يرون آخرون أنها تُمثل هدرًا للمال، خاصة في ظل الظروف الاقتصادية الصعبة التي تواجهها بعض الجماعات المحلية.
في الوقت الذي بدت فيه ملامح برامج مهرجان تيفلت في الظهور، والذي لا يزال في مراحله الأولى ضمن الساحة الوطنية، وهو في دورته الثالثة، كثر عليه القيل والقال من قبل بعض الجمعيات الحقوقية ووسائل الإعلام، حيث بادر البعض بتضخيم حجم هذا المهرجان أكثر من اللازم على طريقة “التطبيل”، فيما وجه البعض الأخر انتقادات في طريقة دعمه.
حجج معارضي المهرجان:
- هدر الأموال: يجادل البعض بأنّ الأموال التي يتمّ إنفاقها على المهرجان يمكن استثمارها بشكل أفضل في مجالات أخرى أكثر أهمية مثل التعليم أو الرعاية الصحية أو البنية التحتية.
- الفساد: قد تُستخدم الأموال المخصصة للمهرجانات في أغراض غير مشروعة مثل الرشوة أو المحسوبية.
- الظلم الاجتماعي: قد تُستفيد بعض الفئات من المهرجان أكثر من غيرها، ممّا يُؤدي إلى تفاقم التفاوت الاجتماعي.
- التأثيرات البيئية: قد تُسبب المهرجانات بعض التأثيرات البيئية السلبية مثل تلوث الهواء أو الضوضاء.
حجج مؤيدي المهرجان:
- تعزيز الهوية الثقافية: يعدّ المهرجان فرصة للاحتفال بالتقاليد والعادات المحلية وتعزيز الشعور بالانتماء، ويُساهم في تعريف الأجيال القادمة بثقافتهم وتاريخهم.
- تنشيط السياحة: يجذب المهرجان السياح من داخل وخارج البلاد، مما يُساهم في تنشيط الاقتصاد المحلي وخلق فرص عمل جديدة.
- الدعم الاقتصادي: يساهم المهرجان في دعم الشركات المحلية من خلال زيادة الطلب على خدماتها مثل المطاعم والفنادق والمتاجر.
- التبادل الثقافي: يتيح المهرجان فرصة للتبادل الثقافي وتعزيز التفاهم والتسامح بين مختلف الجهات.
من الناحية التقنية، شهد مهرجان تيفلت في السنوات الأخيرة بعض الإشكاليات الخاصة بالتنظيم، حيث واجهت إدارته تحديات مثل عدم وصول الصوت للجماهير في الخلف بسبب تجهيزات ذات نوعية رديئة.
ويرى بعض الباحثين والمختصين في مجال تنظيم المهرجانات على الصعيد الوطني، أن مهرجان تيفلت من الناحية التقنية لا يزال يفتقد إلى بعض الأمور المهمة خصوصا في المجال التنظيمي، حيث شهد في السنة الماضية بعض الأخطاء الكارثية، بعدما اعتذرت المغنية دنيا بطمة عن حضورها على منصة ساحة مولاي الحسن، في آخر لحظة بسبب إحيائها لحفل في أحد الكاباريات بمدينة الدارالبيضاء، مما جعل إدارة المهرجان في حرج أمام المئات من الجماهير ممن حضروا الحفل، هذه الفضيحة التي كانت ترند على مواقع التواصل الاجتماعي منها الوطنية والدولية.
وفي نفس السياق التنظيمي، ففي الوقت التي تكافح فيه الدولة و النقابات والجمعيات الصحفية والمجلس الوطني للصحافة، من أجل محاربة مهنة التسول بمهنة الصحافة، نجد الشركة المنظمة للمهرجان تمنح اعتمادات بالجملة لأصحاب الصفحات الفايسبوكية الاسترزاقية بدون طلب بطاقة المجلس الوطني للصحافة و اعتماد مختوم من المؤسسة الإعلامية الرسمية، حيث عملت هذه الشركة على تضييق الخناق على منابر إعلامية معترف بها على الصعيد الوطني والدولي خلال الدورات السابقة، بالإضافة إلى تواصل سيئ مع وسائل الإعلام الوطنية.
يرى بعض الخبراء أن مهرجان تيفلت لا يزال بحاجة إلى تحسينات تنظيمية كبيرة لتفادي الأخطاء المذكورة، وتعزيز جودة الفعاليات المقدمة.
أخيرًا، يجب على الإدارة الحالية للمهرجان أن تأخذ بعين الاعتبار ملاحظات المعارضين والمؤيدين على حد سواء، وأن تسعى لتحسين الشفافية في إدارة الأموال وتقديم فعاليات تعكس التنوع وتعزز الهوية الثقافية دون التسبب في تأثيرات سلبية على ساكنة مدينة تيفلت.
متابعة…