مابريس – محمد بنعزيز
يومان قبل بدء الحملة الانتخابية زارت زوجة جحا، رفقة عدة نساء من الدرب، منازل المرشحين الأربعة الأكثر ثراء في المدينة، وقد كانوا مرتبكين خائفين من يوم الاقتراع، لذا كانوا يوزعون النقود بهلع.
من المرشح الأول أخذت زوجة جحا مبلغا لإعداد السفوف، أخذت من الثاني مبلغا لشراء ملابس للأطفال، أخذت من الثالث مبلغا خصصته لشراء لوازم الدخول المدرسي وأخذت من الرابع ما تدفع به فاتورتي الماء والكهرباء لمدة ستة أشهر. أما ما تبقى من المرشحين فقد جمعت منهم ما تشتري به خروفا أقرنا لعيد الاضحى المبارك.
بعد أن مر أسبوع من الحملة الانتخابية، حمي الوطيس وبدأ الفرز، حينها اختفت زوجة جحا، لم تعد تظهر في حملة أي من المرشحين، وذلك كي لا تنكشف، وقد أحزنها ألا تحصل على مائة درهم في اليوم من أثرى المرشحين مقابل أن تزغرد بصوتها القوي كلما أهل المرشح الموقر بوجهه السمح.
أثناء اختفائها، كانت زوجة جحا تدق اللوز والكاوكاو وتقلي الجنجلان والنافع، أما فجر اليوم الأخير من الحملة، فقد تلقت زوجة جحا زيارة مهمة، من طرف المرشح الأكثر سخاء، قال المرسول ناقلا كلام سيده:
المرشح الذي تصوت له النساء ينجح، والمرأة إن باعت صوتها وأقسمت على التصويت فهي لا تحنث، لأنها تخشى أن يقع مكروه لأولادها إن أكلوا مالا حراما، وأحسن وسيط في هذه الحملة الانتخابية هن الطباخات والنكافات والكوافورات. وهذه قوة انتخابية لا تتمكن الأحزاب التقدمية من تعبئتها لصالحها.
وقد كانت زوجة جحا طباخة ماهرة في كل عرس وجنازة وعقيقة ووليمة، وكل النساء يتذكرن طبخها اللذيذ والشاي الذي تعده بسعة أعشاب. وهذا ما سيسهل عليها التواصل مع النساء. للبطن ذاكرة صلبة.
بناء على هذه المهارات والكفايات تم اختيار زوجة جحا لشراء الأصوات يوم الاقتراع، وتتلخص مهمتها في زيارة المنازل، تجْمع ست نساء يقسمن ويأخذن مائة درهم للواحدة، تتصل زوجة جحا بسيارة أجرة تحملهن إلى مكتب التصويت فيؤدين واجبهن الوطني، وهكذا تأخذ زوجة جحا خمسين درهما مقابل كل صوت، بينما تحتسب وزارة الداخلية هذا الصوت ضمن المشاركين، وقد شكر جحا زوجته لأنها شرفت البلاد برفع نسبة المشاركين في الاقتراع وقلصت نسبة المقاطعين.