من الشرق إلى الغرب.. لماذا يقدس البشر هذه النباتات منذ آلاف السنوات؟

0

في العديد من الأدبيات الدينية والثقافية، يُنظر للنباتات على أنها رموز روحانية، ومصدر للحيوية والنشاط، وعلاج للأمراض والجروح، وفي بعض الحالات كان يُنظر إليها كوسيط مع الآلهة، ويمتلئُ التاريخ بالنباتات التي حظيت بمكانة مقدسة لدى البشر. في السطور التالية نخبركم عن 8 من هذه النباتات.

الحبق المقدس

يشبه الريحان كثيراً، وهو من نفس فصيلته، وله مكانة عالية عند البوذيين، وكذلك في ممارسات الأيورفيدا الطبية، إلا أن الأمر مختلف تماماً لدى أتباع الديانة الهندوسية؛ كما يقسم المسلمون على القرآن والمسيحيون على الإنجيل واليهود على التوراة، يقسم الهندوس على حزمة من الحبق الذي يعد أقدس نبات لديهم وهو الدرجة التي تصل بين الأرض والسماء، ويعتبر البيت الهندوسي غير مكتمل إذا لم يوجد هذا النبات في أحد أركانه.

في أدبياتهم، يعتقد الهندوس أن الإلهة (فرينده) خدمت (كريشنا) وأتباعه كحارسة للأرض المقدسة في فيندرافان، مدينة الحج والعبادة حيث ينمو هذا النبات بوفرة، وهم يعتقدون كذلك أن الإلهة تولاسي كانت امرأة اسمها بريندا، رمت نفسها على رفات زوجها المتوفي فاحترقت معه، وتحوّل شعرها إلى هذه العشبة، فطلب الإله فيشنو من الكهنة أن يبجلوا تلك العشبة المقدسة لتصبح رمزاً للعفة والوفاء والخلود وحث النساء خصوصا على الصلاة لها لتحميهن من الترمل والحزن وآلام المخاض.

أما في الصين، فيطلق على هذه العشبة (جيو تشنغ تا)، أي البرج ذو التسعة طوابق لأنه يشبه أبراج المعابد الصينية.

بينما كان الرومان يعتقدون أن زارع هذا النبات يجب أن يزرعه وهو يسب ويلعن كنوع من الوقاية من الشرور بصفة عامة، ومن الثعابين والعقارب بصفة خاصة، وكذا لضمان الحصول على محصول جيّد، ولهذا السبب ظهر التعبير الفرنسي «semer le basilic» أي «يزرع الريحان»، يقصدون بها أن الشخص يهذي ويتفوه بالحماقات والكلام غير المقبول. ولا زال هذا النبات يستخدم حتى الآن لعلاج اللدغات السامة.

زهرة اللوتس

على الرغم من أن جذورها موجودة في الأرض، يمكن لزهرة اللوتس أن تطفو على سطح الماء.

بالنسبة لمن نشؤوا نشأة روحانية شرقية، تحمل زهرة اللوتس الكثير من المعاني؛ إذ تمثل الحياة والخصوبة بالنسبة للهندوس، وتمثل النقاء لأتباع الديانة البوذية.

تحمل هيئة الإله براهما ووضعية جلوسه شكل زهرة اللوتس

تقول الأسطورة الهندية إن الإله براهما قد خرج من زهرة لوتس نمت في سرة الإله فيشنو، ويعتقد البعض أن أيادي وأقدام الإله براهما على شكل لوتس وأن عيونه تشبه بتلاتها.

كما تعلم الهندوسية أتباعها أن بداخل كل شخص روح اللوتس المقدسة.

الهِدال

ينمو الهدال أو الدبق في الشام والمغرب العربي وكل مناطق أوروبا تقريباً.

قبل ظهور الديانة المسيحية في أوروبا، كان كهنة الدرويد هم القائمون بمهام الطب في بريطانيا وبلاد الغال، يعالجون المرضى بالأعشاب والنباتات. وبالنسبة إليهم، كان نبات الهدال عنصراً رئيسياً ليس في عملهم فقط، بل كذلك في معتقداتهم الوثنية.

في تلك الفترة، كانت ديانة الشعوب الوثنية القديمة في بلاد الغال وبريطانيا وأيرلندا وراينلاند (ألمانيا القديمة) قائمة على عبادة الشمس، وبالنسبة إليهم كان هذا النبات يمثل جوهر روح إله الرعد تارانيس معبودهم الأول، ولذلك فإن شجرة الهدال كانت مقدسة لديهم.

عند دخول فصل الشتاء كان رئيس الكهنة يقطع فروع الهدال بمنجل ذهبي، ليتم استخدامه في الشعائر الدينية وعلاج المرضى؛ فقد كانوا يعتقدون أنه ترياق ضد السموم، ويساعد في زيادة الخصوبة في البشر والحيوانات ويحمي من السحر.

في الحقيقة، لم يكن كهنة الدرويد القدماء مخطئين بخصوص الفوائد الكبيرة لهذا النبات، لكن الأجزاء الخارجية منه فقط هي الصالحة للاستخدام، أما الداخلية فمن الممكن أن تكون سامة.

صبّار ويليامز

يُطلق عليه أيضاً البيُّوت، وهو أحد أندر أنواع الصبّار الخالية من الأشواك، ولا ينمو سوى في المكسيك وصحراء جنوب غرب ولاية تكساس الأميركية.

في القديم، اعتقد السكان الأصليون من هنود الهويشل أن هذا النبات مقدس ويساعدهم على التحدث مع الآلهة، ولا عجب في ذلك، فهو يسبب الهلاوس التي يمكن أن يعتقد صاحبها أنه يرى رؤيا أو أنه انتقل إلى عالم آخر.

حتى يومنا هذا يستخدم السكان الأصليين من قبيلة تاراهومارا صبار ويليامز ليساعدهم في سباقات الجري التقليدية لديهم والتي تصل لمسافات طويلة تبلغ حوالي 320 كيلو مترا خلال يومين؛ إذ يستخدم كمخدر موضعي ومسكن لآلام المفاصل كما أن مضغه يساعد في التغلب على التعب والعطش.

وقال الكاتب الأميركي كين كيسي مؤلف رواية One Flew Over the Cockoo’s Nest، التي تحولت فيما بعد إلى واحد من أنجح أفلام السينما في العالم، أنه كتب هذه الرواية تحت تأثير الهلوسة التي يسببها هذا النبات.

الطقسوس

لطالما كانت هذه الشجرة الصنوبرية المعمرة رمزاً للميلاد والخلود.

تشكل أشجار الطقسوس جذوعاً جديدة داخل اللحاء الفارغ لجذوع الأشجار القديمة، ولهذا السبب ترمز إلى القيامة والبعث، ولها مكانة لدى المسيحيين، وكانت هناك عادة وضع براعم هذه الشجرة داخل توابيت الموتى، ولا تزال المدافن البريطانية الحديثة تتميّز بوجود شجر الطقسوس فيها، وفي أوروبا القديمة كان كهنة الدرويد الوثنيين يقدسونها أيضاً لذات السبب.

وللمفارقة، فإن هذه الشجرة التي ترمز للحياة سامة، ويمكنها قتل المواشي إذا اقتاتت من بذورها أو لحائها أو أوراقها الإبرية الشكل، وفي وقت من الأوقات،‏ اعتُقِد أن تزيين البيت بالطقسوس يتسبب بموت أحد أفراد العائلة.‏

ويقدر عمر إحدى هذه الأشجار (نوع الطقسوس التوتي)، بحوالي 5 آلاف عام، أي أنها أقدم من أحجار ستونهنج الشهيرة، وتوجد في قرية فورتينجال في بيرثشاير الإسكتلندية، وتعد أقدم شجرة في بريطانيا.

وفي عام 2016 أعلنت السلطات التركية شجرة طقسوس تبلغ من العمر 4112 عاماً، موجودة في مدينة زنغولداق شمال تركيا، معلماً طبيعياً، فضلًا عن أنها واحدة من بين أكبر خمس أشجار في العالم، وهي من أقدم الأحياء الأناضولية المتبقية من العصر البرونزي إلى يومنا هذا، ولذلك فهي محط رعاية وحماية.

الماريغوانا

يعتقد أتباع الديانة أو الحركة الرستافارية أن شجرة الحياة المشار إليها في الإنجيل هي نبات الماريجوانا وأن استخدامه مقدس؛ فهو جزء لا يتجزأ من ما يطلق عليه الرستافاريون «جلسات التأمل»، وهي تجمّعات اجتماعية يناقش فيها الأعضاء الحياة من منظور الراستا.

كما وصفه الرستافاريون بأنه «النبات المقدس» أو «عشب الحكمة» لأنهم يعتقدون أن التدخين يوفر لهم المزيد من المعرفة والحكمة، وقرب إلى الله ، والكون والكيان الداخلي الروحي.

الريحان

هو من الأعشاب التي نستخدمها عادة في صلصة البيتزا أو المعكرونة، تشتهر زراعته في بلاد الهند حيث يُشكّل الريحان جزءاً هاماً من الثقافة الهندية والهندوسية، ويسمّونه عشبة السعادة؛ إذ يعبده الهندوس في الصباح والمساء كإحدى التقاليد المنتشرة لديهم، ويشتهر استخدامه لدى النّساء في الخليج العربي كعطر للجسم، ويُطلقون عليه هناك اسم المشموم.

وبالنسبة لطوائف المسيحية الأرثوذكسية، وخاصة في الكنيسة اليونانية، يعد الريحان عشبة مقدسة؛ إذ يعتقدون أنه نبت حيث سقط دم يسوع بالقرب من قبره، ومنذ ذلك الحين، ارتبط الريحان بالمسيحية، لا سيّما خلال الصوم الكبير.

وفي الإسلام، ذُكر الريحان مرّتين في القرآن الكريم في سورة الواقعة ﴿فرَوْحٌ وَرَيْحَانٌ وَجَنَّةُ نَعِيمٍ89﴾ وفي سورة الرحمن ﴿وَالْحَبُّ ذُو الْعَصْفِ وَالرَّيْحَانُ12﴾، كما ورد ذكره في الحديث الشريف «من عرض عليه ريحان فلا يرده فإنه خفيف المحمل طيب الرائحة».

عشبة الحرمل

لهذا النبات تاريخ طويل من الاستخدام الطبي في شمال أفريقيا والشرق الأوسط، ومن بلاد فارس إلى الهند، كما كان يُستخدم للوقاية من شرور الحسد.

يعود استعمال الحرمل إلى عهد الإغريق، حيث استعملوا مسحوق البذور في العلاج من الديدان الشريطية، ولا تزال البذور تستعمل في هذا الغرض في الطب الشعبي، كما تستعمل في إدرار اللبن عند النساء، وتقوية الناحية الجنسية عند الرجال.

وقد أثبتت الدراسات أن بذور هذا النبات تحتوي على مواد قاتلة للكائنات الحية الدقيقة، وأنها تؤثر في الديدان الشريطية، كما أنها تنشط الجهاز العصبي.

The post من الشرق إلى الغرب.. لماذا يقدس البشر هذه النباتات منذ آلاف السنوات؟ appeared first on عربي بوست — ArabicPost.net.

قد يعجبك ايضا

اترك رد