معرفة ما يفعله التوتر بدماغك قد تصيبك بتوترٍ أكبر.. أعراض الضغط العصبي لن تتخيلها
تأثير الضغط النفسي على الصحة قد يجعلك تفكر ألف مرة قبل الاستسلام لمشكلاتك.
إذا كنتَ متوتراً فأنا آسفٌ لإخبارك بأن ما ستجنيه من التوتر سيصيبك بتوتر أكبر.. أنت معرَّض للإصابة بضعف في الذاكرة، وتدهور بقدراتك المعرفية في مراحل لاحقة من حياتك.
وإن لم يكن ذلك قد وتَّرك إلى حدٍّ كبير، فوفقاً للدراسة المنشورة بدورية Neurology الأميركية المتخصصة في علم الأعصاب، الأربعاء 24 أكتوبر/تشرين الأول 2018، قد يكون الضغط العصبي سبباً واضحاً لإصابتك بتقلُّصٍ طفيفٍ في حجم الدماغ، وفقاً لموقع Live Science.
خلص الأطباء، وفقاً للدراسة ذاتها التي أُجريت على أكثر من 2000 متطوع أصحاء متوسطي العمر، إلى أنَّ من لديهم معدلات عالية من هرمون الكورتيزول في الدم -الذي يعد مؤشِّراً على الضغط العصبي- أدَّوا أداءً ضعيفاً في اختبارات الذاكرة، وأظهرت الفحوص تقلُّصاً طفيفاً في حجم أدمغتهم، مقارنةً بأولئك الذين كان الهرمون لديهم بمعدله الطبيعي، وكان التأثير في هذه الدراسة أوضح على النساء.
ولكن قبل أن تفزع من هذه النتائج، عليك أن تعرف أنَّ الباحثين أكَّدوا أنَّ نتائج الدراسة لا تعني أنَّ الضغط العصبي يدمر الدماغ، فالدراسة بالأحرى كشفت عن علاقةٍ بين الضغط العصبي ووظائف الدماغ، وهو ما يتسق مع نتائج دراسةٍ معمليةٍ أُجريت من قبلُ على الفئران.
لا تتوتر فهذا طبيعي
قال جاستن إيكوفو تشوغوي، المؤلف الرئيسي لهذه الدراسة وأستاذ الطب المساعد بكلية الطب في جامعة جونز هوبكنز بمقاطعة بالتيمور في ولاية ميريلاند الأميركية.
إنَّ استجابة الجسم للضغط العصبي جزءٌ طبيعي من الحياة، فهو ردُّ فعلٍ طبيعيٌّ عند مواجهة خطرٍ أو تهديد، ويُعدُّ ارتفاع معدل الكورتيزول هو عماد هذه الاستجابة.
ففي لحظات التوتر، ترتفع معدلات الكورتيزول مع هرمونٍ آخر يُسمَّى الأدرينالين، في إشارةٍ للجسم للمواجهة أو الهروب استجابةً للموقف.
لا سيما أنَّ الكورتيزول يرفع مستوى الغلوكوز، أو السكر، في الدم، ويعزز استخدام دماغك هذا الغلوكوز ليمنحك الطاقة، ويثبّط وظائف الجسم غير الضرورية في أثناء هذا الظرف الطارئ، كوظائف الهضم والإنجاب والنمو.
وبحسب إيكوفو تشوغوي في تصريحه لموقع Live، فإنَّ معدلات الكورتيزول يجب أن تهبط بعدما ينقضي الموقف المُسبِّب للضغط النفسي، ومع ذلك، فهذا ليس ما يحدث دائماً.
فقد يستمر الجسم واعياً إلى وجود ضغطٍ نفسي، أو يُبقي على معدل الكورتيزول المرتفع لأسبابٍ أخرى ليست مفهومةً بوضوح حتى الآن، أو أنَّ بيت المرء أو عمله قد يصيبانه بضغوطٍ يومية في هذه الحياة المعاصرة.
وقال إيكوفو تشوغوي إنَّ استمرار ارتفاع معدلات الكورتيزول يمكن أن يدمِّر القلب والجلد؛ لذا فإنَّ فكرة إمكانية تأثير التوتر والمعدلات العالية من الكورتيزول في الذاكرة ووظائف الدماغ- أيضاً ليست فكرةً مفاجئة.
وعليه، فإنَّ من يعانون متلازمة كوشينغ -وهي حالةٌ تُعرَّف جزئياً بأنَّها ارتفاعٌ مستمر في معدل الكورتيزول- يعانون غالباً ضعف الذاكرة ونقص الانتباه والتقلب المزاجي والاكتئاب.
الضغط النفسي والدماغ
وفي الدراسة الجديدة، استفاد إيكوفو تشوغوي من قاعدة بيانات دراسة فرامنغهام للقلب، وهي الدراسة التي كانت مدعومةً من الحكومة وتتبعت صحة آلاف المقيمين بمدينة فرامنغهام في ولاية ماساشوستس الأميركية منذ أكثر من 70 سنة. وشملت دراسة إيكوفو تشوغوي 2231 شخصاً في عمر الـ49 غير مصابين بأي مرضٍ عقلي.
في بداية الدراسة، أُجري اختبارٌ نفسيٌّ، وتقييمٌ للذاكرة ومهارات التذكر لكل مشارك، واختُبرت ذاكراتهم ومهاراتهم مرةً أخرى بعد ذلك بنحو 8 سنوات. وفي نهاية الدراسة، قدَّم المشاركون عينة دم للاختبار.
كان لدى نحو 2000 منهم عدد من فحوص الرنين المغناطيسي على الدماغ، أُجريت في فتراتٍ مختلفة طوال هذه السنوات الثماني لقياس حجم الدماغ.
ووجد الباحثون أنَّ الأشخاص أصحاب المعدلات المرتفعة للكورتيزول كان لديهم نتائج منخفضة في اختبارات الذاكرة ومهارات التذكر مقارنةً بأصحاب معدلات الكورتيزول الطبيعية. وارتبط ارتفاع معدل الكورتيزول كذلك بتضاؤل الحجم الكلي للدماغ.
وقال إيكوفو تشوغوي إنَّ الدراسة مجرَّد لمحة بشأن تأثيرات الكورتيزول في فترةٍ زمنيةٍ واحدةٍ لمجموعةٍ واحدةٍ من الناس، أغلبهم من أصولٍ أوروبية.
وأضاف أنَّه في ظل التأثيرات الخطرة المعروفة لارتفاع معدلات الكورتيزول على وظائف الجسم كافة، يجب على الأطباء والناس عامَّةً أن يهتموا باحتمالية تلف الدماغ من جرَّاء تأثير هذا الارتفاع في معدل الكورتيزول.
يقول إيكوفو تشوغوي: «لقد وجدت الدراسة قصوراً في الذاكرة وتقلصاً بحجم الدماغ لدى أفرادٍ في متوسط العمر قبل أن تبدأ أعراض ذلك بالظهور عليهم» في نشاطهم اليومي الطبيعي، وأضاف: «لذا فمن المهم أن يجد الناس طرقاً لتقليل الضغط النفسي».
وقال بول جورج، أستاذ الأعصاب وعلوم الأعصاب المساعد بكلية الطب في جامعة ستانفورد الأميركية، والذي لم يكن مشاركاً في الدراسة، إنَّ هذه الدراسة المجتمعية «طرحت العديد من الأسئلة التي تحتاج إلى بحوثٍ أعمق عن كيفية تأثير الكورتيزول على الدماغ والإدراك».
وصرَّح جورج لموقع Live Science، بأن «أهم نقاط القوة في هذه الدراسة فحوص قياس حجم الدماغ باستخدام اختبارات تصويرٍ متعددة لتقييم التغييرات التي طرأت عليها . كذلك، فإنَّ حجم هذه الدراسة يضيف إلى تأثيرها، وقد استُبعِدت العوامل الأخرى المُشوِّشة مثل الاكتئاب».
وأضاف أنَّ هذه الضوابط أساسيةٌ في دراسة الموضوعات ذات الطبيعة الوبائية؛ فلا يمكن أن يتيقن الباحثون بدقةٍ من سبب الضغط النفسي أو وجوده أو استمراريته؛ لأنَّهم يعتمدون على عينة دم تؤخَذ مرةً واحدة في الصباح لقياس مستوى الكورتيزول.
يتفق تشوغوي مع هذا التقييم، ولكن يبقى لتقليل الضغط النفسي منافع كثيرة. قال إنَّ أكثر ما يساعد عليها هو النوم الجيد وممارسة الرياضة وأساليب الاسترخاء، أو أن تطلب من طبيبك وصف دواءٍ لتقليل الكورتيزول إذا اقتضت الحاجة.
The post معرفة ما يفعله التوتر بدماغك قد تصيبك بتوترٍ أكبر.. أعراض الضغط العصبي لن تتخيلها appeared first on عربي بوست — ArabicPost.net.