مسيرة جماعة العدل و الإحسان أو طُوفَان أتباع الخُرَافَة

0

” قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ أَصْبَحَ مَاؤُكُمْ غَوْرًا فَمَن يَأْتِيكُم بِمَاءٍ مَّعِينٍ ” سورة المُلْك .

رُبَّمَا أدرك عبد السلام ياسين – قبل وفاته – أن التأصيل النظري لِلقَوْمَة “الموعودة ” لا يكفيه توظيف آية قرانية كريمة تنطلق من أمر ربَّاني بالعدل و الإحسان ، و تحويلها إلى أيديولوجيا سياسية نَسَفَت أسباب نزولها نَسْفًا ، بل جرَّدتها من جوهر غاياتها الإيمانية العظيمة .

رُبَّمَا أدرك عبد السلام ياسين – ساعة إحتضارِه – أن جماعته المريضة أصابها نفس الداء الذي وَصَفَه بالقول : ” ما يكون الوجود الاستعراضي للحركة الإسلامية في الشارع والجوامع إلاَّ ضربًا من الدعاية المضادة إن كان “جند الله” يحملون اللقب زورًا. إن كانت الأمراض القلبية والنفسية واللسانية والأخلاقية مُعَشّشة تحت الجلباب واللحية والقميص …”.

رُبَّمَا أدرك عبد السلام ياسين – بعد قبض روحِه – وقائع الفشل الذريع لمنهاج التربية الذي إعتمدَه و أضاع في سبيله الدنيوي سنين عمره الطويلة . و لأن توقير أموات المسلمين أمر نبوي سامي فإننا نسأل الله الواحد القهار أن يتجاوز عن سيئاته.

هكذا ننطلق في النقاش مع ما تبقى على قيد الحياة من أتباع جماعة العدل و الإحسان و قياداتها الجديدة – القديمة ، هكذا نصارحُهم بالقول السَّديد قصد التمعن في فسادِ عقيدتهم الدينية-السياسية التي إِنْبَنَت على ” فَدْلَكَة ” التَوْفِيقيَة بين أيديولوجية الإخوان عند حسن البَنَّا و ثورة ولاية الفقيه الخميني و صوفية الإبتداع الغارقة في وحل الرؤى الخرافية المُسَيَّسَة.

و لعلَّ هذا التشبيك الثلاثي الضَّال يخالف حقيقة المنهاج النبوي الذي تَتَبَجَّحُ بمشروع خلافته جماعة العدل و الإحسان ، فلا يمكن لعاقل ذو عقيدة سليمة تصديق كل هذا العبث الفقهي السياسوي الذي يتلاعب بالمترادفات اللغوية لنيل لقب ” الفكر المُجَدَّد “. لأن منهاج الرسول المعلم محمد الصادق الأمين بريء من هذا التجَدُّد الخرافي المُؤَسَّس على تَلْبيسَات إبليس، التي يحاول من خلالها دهاقنة الجماعة ركوب موجة متقادمة قصد الوصول إلى شاطئ السلطة و التمكين لمرحلة الحكم غير الراشد .

فالجماعة الموعودة وفق منهاج عبد السلام ياسين، كلَّفَها الله سبحانه أن تُقَاتِل في سبيله وسبيل المستضعفين. فعَيْنُها الواحدةُ على سنته وسَوْطِ قَدَره، والعين الأخـرى على التماس أسباب القوة الحسية والمعنوية لتغيير موازين القوى لصالحها.

و هذا ما جعل دهاقنة الجماعة يعلنون حالة استنفار قصوى تستهدف بالأساس الركوب على أحداث إقليم الحسيمة و إعادة ضبط إيقاع مسيراتها التضامنية المزعومة و إعلان النفير العام بين أتباعها قصد تصفية حسابتها السياسوية الفوق-شبابية.

فبَعْد فشل مسيرة اليسار الفوقي اللاشعبي التي إعتبروها – لأسباب تكتيكية – مسيرة حزبية بلون إيديولوجي واحد لا يعكس تنوع المجتمع المغربي و أنها أبعد من أن تكون مسيرة الشعب المغربي.

ها نحن نراهم يستعدون لتنظيم مسيرة الجماعة بصِبَاغَة خُرافِية واحدة قد تجعلنا من جديد نسمع عن نزول جبريل عليه السلام و مُباركته لحراك “الريف الياسيني” الذي يريد دهاقنة الجماعة تغيير مسارِه نحو سبيل القومة المفقودة و الفاقدة بدورها لمشروع البديل الإقتصادي المنشود.

و رغم أن جبريل عليه السلام نزل بالوحي المُبين على خاتم الأنبياء والمرسلين ، فإن أتباع عبد السلام ياسين يُتحِفونَنَا -دومًا و أبدًا- بخرافة نزول جبريل في مسيراتهم و اصطفافه إلى جانب معسكرهم السياسي مع مَدِّهِم بتمور حلوة المذاق . و تِلْكُم فتوحات عقيدتهم ” المُجَدِّدَة ” التي لا تتوانى عن تسفيه الملائكة و إقحامهم في الصراع السياسوي كوسيلة للشحن المعنوي و تجييش الوجدان بالتَّمَايز الملائكي و التَّمييز العقائدي عن باقي مكونات الشعب المغربي .

وقبل الختم ؛ لا بأس من تذكير دهاقنة جماعة ” العدل و الإحسان ” بقول أمير المؤمنين علي -رضي الله عنْه- في خطبته البليغة : ” فَقَدْ جَرَّبْتُمُ اَلْأُمُورَ وَ ضَرَّسْتُمُوهَا وَ وُعِظْتُمْ بِمَنْ كَانَ قَبْلَكُمْ وَ ضُرِبَتِ لَكُمْ اَلْأَمْثَالُ وَ دُعِيتُمْ إِلَى اَلْأَمْرِ اَلْوَاضِحِ فَلاَ يَصَمُّ عَنْ ذَلِكَ إِلاَّ أَصَمُّ وَ لاَ يَعْمَى عَنْ ذَلِكَ إِلاَّ أَعْمَى، وَ مَنْ لَمْ يَنْفَعْهُ اَللَّهُ بِالْبَلاَءِ وَ اَلتَّجَارِبِ لَمْ يَنْتَفِعْ بِشَيْ‏ءٍ مِنَ اَلْعِظَةِ وَ أَتَاهُ اَلتَّقْصِيرُ مِنْ أَمَامِهِ حَتَّى يَعْرِفَ مَا أَنْكَرَ وَ يُنْكِرَ مَا عَرَفَ ، فَإِنَّ اَلنَّاسَ رَجُلاَنِ مُتَّبِعٌ شِرْعَةً وَ مُبْتَدِعٌ بِدْعَةً لَيْسَ مَعَهُ مِنَ اَللَّهِ سُبْحَانَهُ بُرْهَانُ سُنَّةٍ وَ لاَ ضِيَاءُ حُجَّةٍ “.

قد يعجبك ايضا

اترك رد