لماذا لم توقف شركات الإتصالات الأروبية والدولية خدمات “VoIp” كما فعلت المغرب؟؟

0
صورة أرشيف
صورة أرشيف
مابريس – نورالدين الشضمي

تقنية نقل الصوت عبر ميثاق الشبكة (VoIP) جاء لتغيير عالم الهاتف التقليدي. إن خطوط الهاتف التقليدية تتجه إلى البطء تدريجيا مع ما تقدمه تقنية VoIP في جميع أنحاء العالم من فوائد ومزايا في التكنولوجيا المتقدمة. ومن المفيد التوقف وإلقاء نظرة على تاريخ VoIP .

تاريخ تقنية تقنية نقل الصوت عبر ميثاق الشبكة (VoIP) يدل على ان هذه التقنية بدأت عام 1995 عندما بدأت شركة صغيرة تسمى vocaltec، وكان يعتقد أنه أول برنامج هاتف إنترنت. وقد صمم هذا البرنامج لتشغيله على حاسوب منزلي ويشبه إلى حد كبير الهواتف المستخدمة اليوم، تستخدم بطاقات الصوت والمصادح (الميكروفونات) والسماعات.و كان يسمى البرنامج “هاتف الانترنت” بستخدام ميثاق H.323 بدلاً من ميثاق SIP بالرغم من أنه أصبح أكثر شيوعا اليوم. مع بداية شركة vocaltec نجاحها مع هاتف الإنترنت، كان نجاحها عام 1996. والعيب الرئيسي الذي ظهر في عام 1995 هو عدم توافر سعة الشبكة العريضة Broadband، وعلى هذا الاساس فان هذه البرمجيات المستخدمة في أجهزة المودم التي أدت عن سوء نوعية الصوت عند مقارنتها مع مكالمه هاتفية عادية. ومن المفيد أيضاً الإشارة إلى ان أحدا من موظفي vocaltec الرئيسيين هو أيضا مؤسس whichvoip.com.

وبحلول عام 1998، زاد معدل استخدام VoIP traffic ليمثل ما يقارب من 1 ٪ من كل الرسائل الصوتية في الولايات المتحدة.وأصبحت الأنظار متجهة إلى إعداد وتهيئة الأجهزة التي مكنت اتصال حاسوب شخصى إلى هاتف PC-to-phone وهاتف إلى هاتف phone-to-phone. وقدمت شركات الشبكات مثل سيسكو ولوسينت المعدات التي يمكن ان تسير VoIP Traffic ونتيجة لذلك بحلول عام 2000 أصبح دفق VoIP يمثل أكثر من 3 ٪ من جميع الرسائل الصوتية.

و من الشركات المعروفة والرائدة في هذا المجال شركة Skype التي ظهرت في منتصف التسعينات وهنالك مجموعة من البرامج الأخرى مثل ،Net2Phone, PC2Call, ZeroPhone…..

في عام 2005، أصبحت قضية ضمان جودة نقل الصوت تأخذ الأولوية على نقل البيانات لتصبح هذه التقنية أكثر اعتمادية لنقل صوت واضح دون انقطاع المكالمات الهاتفية. من المتوقع ان يصل ايرادات مبيعات معدات VoIP وحدها أكثر من 8،5 مليار دولار بحلول نهاية عام 2008. ان معدل النمو الهائل والسريع بتقنية VoIP ومع استخدام التقنيات اللاسلكية.

ومع كل هده الثورة في المجال التيكنولوجي, والجهد الدي تم بدله من طرف علماء ومبرميجين عالميين ليغيروا عصرنا الحالي, والتقدم الحالي في جل البلدان العالمية اقتصاديا, حيث شهدت تطورا سريعا و غير مسبوق في وقت قياسي بالمقارنة مع ما وصلت له البشرية في العصور السابقة، و أصبح لها تطبيقات في جميع المجالات، و في الوقت الذي كان يُنظر إليها على أنها محرك للنمو الاجتماعي و الثقافي و الاقتصادي فقد اتضح _ فجأة_ لدى بعض الجهات أنها لا تخلو من السلبيات، و إن كانت هذه السلبيات على المستوى الاجتماعي قد أصبحت معروفة و تم التطرق إليها في وقت سابق فإن السلبيات الاقتصادية للتكنولوجيا لم يتم الانتباه إليها إلا مؤخرا مع بروز بعض  الإجراءات و القرارت التي أثرت على المستخدمين خصوصا في المغرب.

في الأيام القليلة الماضية استفاق المغاربة على خبر صادم يتمثل في قرار الوكالة الوطنية لتقنين المواصلات ”ANRT“ و هي أعلى هيأة مغربية مختصة في الاتصالات و التكنولوجيات المرتبطة بها حظر خدمة الاتصال عبر الصوت ”VoIP“ و المدمجة في عدد كبير من التطبيقات الشهيرة عالميا كـ ”واتس آب“، ”سكايب“ و ”فايبر“ و هي التطبيقات التي تلقى رواجا كبيرا بين المستخدمين المغاربة من جميع الفئات، القرار الجديد يجد مشروعيته حسب الوكالة في كون هذه التطبيقات تشتغل في الفضاء المغربي من دون تصريح، على أساس أن استغلال خدمة ”VoIP“ يتم عبر رخصة خاصة من الوكالة و لا تستغل إلا من طرف شركات الاتصالات المرخصة في المغرب، بالإضافة إلى ذلك _ وهنا مربط الفرس_ تشير الوكالة إلى الخسائر المالية الفادحة التي أصبحت تتكبدها شركات الاتصالات الوطنية من جراء تزايد استخدام هذه التطبيقات، و هو سبب يبدو كافيا بنظر الوكالة لكي يجعل من خدمة VoIP تكنولوجيا غير مرغوب فيها ما دامت عائدات استخدامها لا تستفيد منها شركات الاتصالات الوطنية، ينضاف إلى ذلك حديث عن مخاوف أمنية حقيقية خصوصا مع تزايد حدة استعمال الوسائط التكنولوجية في الأعمال الإرهابية.
العقلية القديمة التي تسيير المجال التكنولوجي في المغرب
لمادا لم توقف جل شركات الإتصالات الأروبية خدمات “VoIP”؟؟, بكل بساطة لأنها دول ديمقراطية تعترف بحقوق شعوبها وبالقوانين التي تحكم المجال العنكبوتي, ومنذ بداية خدمات “VoIp” في التسعينيات من القرن الماضي, وجدوا حلول إستباقية بخطة “رابح رابح”, بتقديم خدمات إضافية في المجال الإنترنت مع عروض كثيرة في مجال الهاتف الثابت كالمكالمات الدولية بثمن رمزي, وهذا الحل كان حل وسط, أم في الدول العربية فهي دائما ما تتجه نحو الحل الردعي والقمعي في حقوق شعوبها ولو في أبسط الأشياء “العربي” دائما ما يأتي بالحل السهل كما يقول المثل المغربي  “إقطع هبرة تبرا”, وهذا ما فعلته,  الوكالة الوطنية لتقنين الاتصالات في المغرب, ليس الأول من نوعه في العالم فقد سبقته قرارات أخرى في نفس الاتجاه، كان أهمها ما وقع في البرازيل قبل أسابيع حينما قررت محكمة برازيلية حظر العمل بتطبيق التراسل الفوري واتس آب لمدة 48 ساعة ابتداءا من 16 و إلى غاية 17 ديسمبر الماضي، و بررت المحكمة قراراها بالاستجابة لرغبة شركات الاتصالات البرازيلية و التي ترى أن مصالحها أصبحت مهددة بشكل كبير بسبب النمو المتواصل لهذا التطبيق في البرازيل حيث تعتبر هذه الأخيرة من أكثر الدول استعمالا لتطبيق التراسل الفوري واتس آب عالميا، إلا أن هذا الحظر لم يدم سوى ساعات قليلة بسبب الضغط الشعبي الكبير حيث قرر القضاء البرازيلي من جديد رفع الحظر عن تطبيق واتس آب مبررا ذلك بكون أن هذا الأمر غير دستوري، كما أنه يضر بمصالح ملايين المواطنين، و هو ما يفيد أن المحكمة قررت الحفاظ على مصالح الشعب بدل الدفاع فقط عن شركات الاتصالات العملاقة.
و في الوقت الذي نرى فيه كيف أن القضاء البرازيلي مثلا أنصف شريحة واسعة من محدودي الدخل و هم الفئة الغالبة في البلاد و الذي أصبحوا يعتمدون على هذه التكنولوجيا في التواصل بعد أن أثقلت كاهلهم مصاريف الاتصالات الباهظة فإن السلطات في المغرب اختارت الحل الأسهل و هو الحظر الكامل لخدمات الاتصال عبر الصوت VoIP من دون مراعاة للعدد الهائل من المواطنين الذين يستعملون هذه التقنية للتواصل أو حتى لأغراض أخرى و متناسين أنهم  يدفعون اشتراكات الإنترنت كما هو مطلوب منهم بالإضافة إلى أن تعرفة الاتصالات في المغرب ما زالت تعتبر مرتفعة بالنسبة للغالبية العظمى من المغاربة محدودي الدخل.
إن ما يجب أن يفهمه القائمون على الوكالة الوطنية لتقنين الاتصالات ANRT و غيرها من الهيئات المنظمة للقطاع أن الحظر قد يكون فعلا أسهل الحلول المتوفرة و لكنه لن يكون أبدا أكثرها واقعية و قد يأتي بنتائج عكسية خصوصا مع حملات المقاطعة التي انطلقت خلال الأيام الماضية، و عليه فإن المطلوب من المسؤولين عن القطاع إيجاد حلول ذكية و مبتكرة بدلا من البحث دائما عن الحلول السهلة !
قد يعجبك ايضا

اترك رد