لماذا أفرجت إدارة ترمب عن المعونة العسكرية لمصر؟ مذكرة سرية تكشف الأسباب التي اقنع بها وزير الخارجية الأميركي الكونغرس
تم النشر: AST 26/09/2018 17:53 تم التحديث: AST 26/09/2018 17:57 لماذا أفرجت إدارة ترمب عن المعونة العسكرية لمصر؟ مذكرة سرية تكشف الأسباب التي اقنع بها وزير الخارجية الأميركي الكونغرس وزير الخارجية الأميركي مايك بومبيو/ رويترز الأكثر قراءة شاهد.. أردوغان يخرج من قاعة الأمم المتحدة أثناء كلمة ترمب خرائط البشر والسكان لا البلدان والجغرافيا، هي ما نحتاجه لنعرف أين يتواجد الإنسان بكثافة على ظهر الكوكب سرّب معلومات للموساد عبر ملابس نسائية، وجنّد 11 عاملاً لصالح إسرائيل.. الجاسوس الذي أوقع بين مرتضى منصور وفريد الديب ادّعوا أن أجدادهم أيرلنديون واستخدموا بيانات مشردين.. هكذا حاول بن علي وعائلته الحصول على جوازات سفر مزورة حرب عالمية باردة على الأبواب! الملاكمة التجارية مع الصين تزيد البطالة في أميركا وتوقظ التنين العسكري النائم
كتب وزير الخارجية الأميركي، مايك بومبيو، في أغسطس/آب 2018، إلى الكونغرس، شارحاً أسباب إفراجه عن 195 مليون دولار أميركي من المعونة العسكرية لمصر، وذلك بعد حجبها من إدارة ترمب في وقتٍ سابق بسبب مخاوف تتعلَّق بحقوق الإنسان في مصر.
وبعيداً عن تأكيدات المُشرِّعين أن مصر تحرز تقدُّماً في ملف حقوق الإنسان، تُحدِّد مذكرة تفاهم عُرضت على بومبيو أن القرار يرقى إلى لائحة اتهام مشينة لكيفية تعامل الحكومة المصرية مع مواطنيها، واصفةً الإعدامات خارج نطاق القانون والمحاكمات الجائرة، والرقابة والأجواء القمعية بشكل عام، وفق تقرير صحيفة Politico الأميركية.
الخارجية الأميركية توصي بعدم الاهتمام بحقوق الإنسان ما دام الأمر يتعلق بالحلفاء الأقوياء
وفي إحدى النقاط، تقول المذكرة التي أُرسلت إلى وزير الخارجية الأميركي في 21 أغسطس/آب 2018: «المناخ العام لحقوق الإنسان في مصر يستمر في التدهور». الوثيقة التي حصلت عليها صحيفة Politico الأميركية هذا الأسبوع، تعرض نظرةً متعمقةً في واحدةٍ من قضيتين حديثتين، قرَّرَ بومبيو على أثرها أن أولويات الأمن القومي الأميركي ينبغي أن تتجاوز المخاوف بشأن حقوق الإنسان، حين يتعلَّق الأمر بدعم عسكري لحلفائها الأجانب.
وفي وقتٍ سابق من الشهر الجاري (سبتمبر/أيلول 2018)، صرَّح بومبيو للكونغرس بأن التحالف بقيادة السعودية، الذي يحارب الحوثيين المدعومين من إيران في اليمن، يقوم بما يكفي لحماية المدنيين، مُمَهِّداً الطريق لبقاء الدعم اللوجيستي المقدَّم من الولايات المتحدة إلى السعودية.
جاء القرار رغم تقرير الأمم المتحدة الذي يدَّعي أن السعودية ترتكب جرائم حرب في اليمن، وسط تصاعُدِ غضبٍ حزبيٍّ داخل الكونغرس حول ما تقوم به السعودية. وكشفت صحيفة The Wall Street Journal الأميركية في تقرير له، أن قرار بومبيو بشأن اليمن قد يكون متعلقاً بمخاوف من أن التخلي عن السعودية قد يؤثِّر سلباً على مبيعات الأسلحة الأميركية، وهو ما نفاه بومبيو.
ومصر حليف رئيسي للولايات المتحدة الأميركية
لطالما كانت مصر حليفاً رئيسياً للولايات المتحدة، حتى بعد الانقلاب العسكري الذي قاده وزير الدفاع المصري آنذاك عبد الفتاح السيسي. تمنح الولايات المتحدة مصر معونةً عسكريةً بقيمة 1.3 مليار دولار أميركي، لتأتي ثانيةً بعد إسرائيل.
وبحسب الصحيفة الأميركية، فإن إدارة ترمب ليست الأولى التي تغض الطرف عن حقوق الإنسان؛ لأنها تؤمن بأن مصالحها الاستراتيجية على المحك. مع استثناءاتٍ نادرة ومؤقتة، لطالما تجاهَلَ الجمهوريون والديمقراطيون في إدارة ترمب، على مدار عقودٍ من الزمن، ملف حقوق الإنسان في مصر، فقط لاستمرار تدفق المعونة إلى مصر حتى تبقى حليفةً لهم.
لذلك، صَدَمَ أول وزير خارجية بإدارة ترمب، ريكس تيلرسون، المجتمع الدولي العام الماضي (2017)، بحجب المعونة العسكرية إلى مصر، وقيمتها 195 مليون دولار أميركي، مستنداً إلى القانون.
رغم سياسات السلطة التي تنتهك حقوق الإنسان، فإن أميركا تدعمها
وأشارت الصحيفة الأميركية إلى أن السيسي أثار غضب تيلرسون حين فَرَضَ قانوناً يُقيِّد منظمات المجتمع المدني بشدة، وأُثيرَ غضب تيلرسون كذلك من أن مصر لا تقوم بالعمل الكافي حتى تنأى بنفسها عن المقارنة بكوريا الشمالية. لم يكن تيلرسون سعيداً بالملاحقات القانونية للعشرات ممن يعملون في منظماتٍ غير حكومية تدعو إلى الديمقراطية وأغراض أخرى. شملت قائمة المتهمين 17 أميركياً، وحوكم أغلبهم غيابياً.
كان القرار مفاجئاً وخصوصاً بعد تودُّد ترمب إلى السيسي، واصفاً الأخير بأنه «شخصٌ رائع». قلَّل تيلرسون نفسه من أهمية الترويج للقيم الأميركية خارج حدود الولايات المتحدة. ولكن قرار حجب المعونة كان له تأثيرٌ بعض الشيء؛ إذ تقرَّر الإعداد لمحاكمةٍ جديدة لعاملي المنظمات غير الحكومية، على سبيل المثال.
رفض تيلرسون أن يصدر قراراً ضرورياً بحكم القانون الأميركي للسماح بتقديم المعونة بقيمة 195 مليون دولار أميركي، وفي مذكرة بومبيو الأخيرة للكونغرس، قال إنه لا يستطيع أيضاً إصدار القرار.
ما قام به بومبيو هو أنه استفاد من نصٍّ قانوني يسمح له بتجنُّب الحاجة للقرار وفقاً لمقتضيات الأمن القومي الأميركي (وحسب تقارير إعلامية، قام تيلرسون بذلك أيضاً، إلا أنَّه قرَّر حجب المعونة على أي حال).
ويخشى البعض أن يكون تحرُّك الخارجية الأميركية بالإفراج عن معونة مصر متسرِّعاً
ويخشى بعض المراقبين أن يكون تحرُّك بومبيو بالإفراج عن المعونة مُتسرِّعاً، وأن مصر سوف ترتد حتى في أمور بدت أنها أحرزت تقدُّماً فيها، وضمنها الملاحقات القانونية للعاملين بالمنظمات غير الحكومية.
يقول أندرو ميلر، نائب مدير منظمة مشروع الديمقراطية بالشرق الأوسط، التى تسعى لتمكين نشطاء ديمقراطيين في المنطقة: «الرسالة التي تمحوها مصر هي أنهم غير مضطرين إلى أخذ هذه القضايا بجدية، ولن تُخضِعها الولايات المتحدة للمساءلة في ما يخص انتهاكات حقوق الإنسان، وفي نهاية المطاف ستقوم الولايات المتحدة بكل ما هو ممكن حتى تمنح مصر المعونة؛ لأنها ترى مصر عنصراً أساسياً لمصالحها الأمنية».
وتوضح مذكرة بومبيو غير السرية بعض هذه المصالح؛ إذ تذكر أن مصر لا تزال تتحكَّم في قناة السويس، التي تُعد نقطة عبور بالغة الأهمية. وتذكر أن مصر أيضاً: «تمنح الجيش الأميركي موافقاتٍ على عبور المجال الجوي، لأغراض الدعم المناهض للعمليات الإرهابية». وتشير المذكرة إلى احترام مصر اتفاقية السلام مع إسرائيل، أحد أبرز حلفاء الولايات المتحدة.
ولكن أغلب صفحات المذكرة الأربع ركَّزَت على تفصيل مآسي حقوق الإنسان الهائلة.
وتذكر إحدى الفقرات: «تجري عمليات الاعتقال غالباً بلا أوامر قضائية، والأوضاع في السجون ومراكز الاعتقال قاسية؛ بسبب التكدُّس والاعتداءات الجسدية، وسوء الرعاية الصحية، وسوء التهوية. وتستمر المحاكم المصرية في إصدار أحكام جماعية بالإعدام، وهي إجراءات قانونية أخفقت في أن تتماشى مع التزامات مصر الدولية تجاه ملف حقوق الإنسان».
وفي بيانٍ بشأن المذكرة، صرَّحت وزارة الخارجية لصحيفة Politico، بأن الولايات المتحدة «لديها مخاوف حقيقية بشأن ملف حقوق الإنسان بمصر، وسنستمر في طرح هذه المخاوف مع المسؤولين المصريين، ومع من يشغل منهم أعلى المراكز بالحكومة».
وصرَّح المتحدث الرسمي: «تعزيز التعاون الأمني مع مصر مهمٌ لأمن الولايات المتحدة القومي».
اقتراح تصحيح