كل الأماكن مشتاقة إليك.
نعم، أصبحت كل الأماكن والمرافق العمومية مشتاقة إلى المواطن البسيط، الذي يجعل من هذه المرافق ملاذه الوحيد الذي يُروّح به عن نفسه، وفي نفس الوقت تبقى تكلفة ارتيادها، كالشواطئ، وبعض المنتزهات الطبيعية ، والتجوال ليلا بِكُرنِيش مدينة طنجة، أو بين دروبها القديمة والحديثة، أمرا لا يستدعي أخذ تأشيرة مرور من هذا، أو رخصة من ذاك، فحرية التجوال من حقنا جميعا ، إلا أننا نظن أن هناك العديد من المواطنين ، أو بالأحرى نقول المسؤولين ،لم يستوعبوا بعد خطاب جلالة الملك الأخير، بمناسبة عيد العرش المجيد، والنموذج من خلال هذه الرواية التي أرويها لكم من شاطئ “وَاد أَلْيَان “، حيث يتم التمادي والسيطرة على الملك العام دون أن يُحدث هذا استنفارا أمنيا، أو شيئا آخر من هذا القبيل، بل الأدهى والأمر بمباركة بعض المسؤولين الجماعيين الموكول لهم تدبير الشأن المحلي بهذه المنطقة “وَاد أَلْيَان “، ومناطق أخرى مجاورة، بمعنى أنهم مَنحوا رخصا لأشخاص معينين لِيقوموا بِمضايقة المصطافين وابتزازهم، في يوم من أيام مصيف السنة الجارية، صدمني شاب يتمظهر بمظهر فُتُوَّة، يُشرف على عملية كراء أكواخ من القش ذات تركيبة مُورْفُولُوجية هشة، تقي المصطافين من حر الشمس بخمسين درهما على طول مسافة هذا الشاطئ ، على حد زعمه، بأن قام بمضايقتي ومنعني أنا وأفراد عائلتي من الجلوس بجانب تلك الأكواخ لنأخذ نصيبنا من أشعة الشمس، ونقضي أوقاتا طيبة رفقة الأهل والأحباب، لنكسر الروتين اليومي المهني والمنزلي الذي يصيبنا في كثير من الأحيان بالضغط والملل، والسبب راجع إلى عدم قبولي وخضوعي لطلبه، والمتمثل في رغبته الجامحة الزج بي عنوة في واحد من أكواخه بقيمة خمسين درهما ، أما الطامة الكبرى، حين حاول إحالتي على مكان بعيد غير صالح للاستحمام، حيث تنتشر أكياس من القمامات ، شرف الله قدركم، هنا وهناك، عقابا منه لنا جميعا ، لعدم انصياعنا لرغبته و لطلبه الاستفزازي، مع العلم أن مؤسسة محمد ، الذي تمنحه الفارطةالسنة فيهذا الشاطئ حصل على اللواء الأزرق اللواء “ تربية البيئية والعلامة الدولية لحماية البيئة، بشراكة مع المؤسسة الدولية للالسادس إلا أن المصطاف اليوم يجد نفسه محاطا ومتكئا على بقايا حيوانية وإنسانية ، “الأزرق ف ،ما يجعلنا نتساءل ونستفسر عن المعايير المعتمدة لتصنيف الشواطئ روائحها تزكم الأنومحتجا و حين صرخت في وجه ذاك الشاب، البعض منها علامة الجودة منحالتي يُومستنكرا سلوكه المشين ، الذي لا يستند على قاعدة قانونية، حاول آنذاك تهدئتي واستعطافي قائلا: أن هذه التجارة أو المهنة العشوائية ، سميها ما شئت، مرخص لها ، وهذا ما أثارني وكاد أن يصيبني بالغثيان من هول الصدمة، فإذا كانت كل الشواطئ المغربية تعرف فوضى ، و ابتزازا“ مُشَرْعَنا “، فلنا إذن في شاطئ “ وَاد أَلْيَان “، “ أسوة حسنة .
نفس الشيء يمكن أن يقال عن بعض المحلات التجارية، و أصحاب المقاهي والمطاعم الذين يسلبون الراجلين حقوقهم ، فكل الأرصفة والممرات العمومية بمدينة طنجة صارت مستعمرة من طرف لوبي عقاري وتجاري، لا تهمه مصلحة المواطن وحقوقه، بقدر ما يهمه تكديس الثروة على حسابه، فبهذه التجاوزات ، رَفعت العديد من الحناجر أصواتها مطالبة بمكافحتها والتصدي لها، وذلك بالضرب بيد من حديد على أيدي من يرخص أو يساهم في تسهيل وبلورة المسطرة القانونية، لتتماشى وتساير طموحات ورغبات تلك اللُّوبِيات السالفة الذكر، فكل هذه الخروقات التي استعرضنا منها النزر القليل ، قد لا تُثير
أصحاب القرار بمدينة طنجة ، ولاسيما ،من أُسندت لهم مهمة تدبير الشأن المحلي، وهذا راجع إلى عدم قراءتهم للرسالة الملكية قراءة سليمة ، أو أنهم كانوا في لحظة شرود ذهني، فوت عليهم فرصة التقاط الجزئيات من النص الخطابي ، مع العلم أن الرسالة كانت واضحة ، إلى درجة يمكن أن يَعتبر كل مسؤول، كيفما كان نفسه، من خلال المهام الموكولة له والمرتبطة بخدمة الصالح العام ، كالقابض على جمرة ، فنتمنى أن يتم ربط المسؤولية بالمحاسبة ، وأن تكون مصلحة الوطن والمواطن فوق أي اعتبار ، وأي مزايدات سياسية وصراعات حزبية، التي غالبا ما تنال من المواطن البسيط فتجعله عرضة للتهميش والإقصاء.