كليمانس بوتينو محجوزة في بيتها في جزيرة غوادلوب الفرنسية
جاء فيروس “كورونا” ليفسد فرحة كليمانس بوتينو بفوزها بلقب ملكة جمال فرنسا، فتغيرت يومياتها وتقلصت ابتسامتها المشرقة، فالحسناء البالغة من العمر 23 ربيعاً، والمولودة في جزيرة غوادلوب الفرنسية في البحر الكاريبي، كانت تتوقع أن يكون العام الحالي سنة ملكية تقلب حياتها رأساً على عقب.يعدّ الفوز بتاج الجمال الفرنسي هو فرصة للسفر في أنحاء العالم، وحضور حفلات تكريمية باذخة وارتداء فساتين من توقيع كبار مصممي باريس، وتلقي هدايا ثمينة، وربما الحصول على فرصة للعمل في السينما، والدليل أن الكثيرات من ملكات الجمال السابقات هن اليوم نجمات تلفزيونيات أو مغنيات أو عارضات أزياء معروفات. لكن الحجر الذي فرضه تفشي الفيروس القاتل قضى على آمالها.
وقرّرت كليمانس ألّا تستسلم لليأس، وانتهزت فرصة الشّهرة التي نالتها بعد فوزها باللقب، لكي تسجل أشرطة تعرض فيها معلوماتها التاريخية، وتبثها، بعد ذلك، على الشبكة الإلكترونية. لقد زادتها أسابيع المكوث في البيت نضجاً. وهي قد بدأت نشاطها التعليمي بنشر درس أول على «أنستغرام» مدته 6 دقائق. أما الموضوع فهو كيف كان الباريسيون يصنعون الخبز في القرن الثامن عشر. وهي توضح أن الحجر جعلها تقرأ كتباً تاريخية، وتستخلص منها ما يصلح للمشاركة مع متابعيها. وتضيف في التسجيل: «كلنا يحب الخبز، لهذا أود تقديم هذا الدرس، وأرجوكم التفاعل معي، وإرسال وصفاتكم التقليدية لأنواع الخبز التي تشتهر بها مناطقكم، وسأكون سعيدة بتجربتها». كما قدمت ملكة الجمال دروساً تالية، منها درس في «اليوغا».
لا يمكن القول بأنّ «الحلوة تهرف بما لا تعرف». ذلك أن جميلة جميلات فرنسا لعام «كورونا» تحمل شهادة جامعية في تاريخ الفن من «السوربون».وصرحت الملكة في الأسابيع القلائل لـ«ولايتها» بأنها تنوي وضع شهرتها في خدمة قضايا إنسانية، منها تقديم المساعدة لكبار السن. وهي كانت قد حصلت على إجازة لمدة 3 أيام لزيارة عائلتها في غوادلوب، حين أعلنت السلطات، في مساء وصولها، حالة الطوارئ بسبب تفشي الوباء. وهكذا وجدت نفسها محجوزة هناك. وتقول: «في كل حال، ما كان أهلي يوافقون على بقائي بعيدة عنهم في مثل هذا الظرف، كما أن منظمي مسابقة الجمال يفضلون مائة مرة أن أكون وسط أسرتي على أن أبقى وحيدة في فندق باريسي».
عن يومياتها في العزل، تقول إنّ الجزيرة التي ولدت فيها تتعرض في السنوات الأخيرة للكثير من الأعاصير. لذاك اعتاد الناس حياة الطوارئ والتزام البقاء في المنازل. وهي ملتزمة بملء الاستمارة التي تتيح لها الخروج من البيت لقضاء الأمور الضرورية، لأنّ الشرطة لا تتساهل مع المخالفين، حتى لو كانوا يرتدون تاجاً ووشاحاً ملكياً. وعموماً، فإنّ أهالي الجزر والمدن الصغيرة يتضامنون مع جيرانهم في أوقات الأزمات. إنّ الأنانية تتراجع، ويسود الشعور الإنساني بأن الجميع في قارب واحد. كما أنّ مما يرفع المعنويات رؤية كبريات دور الأزياء الفرنسية، وهي تسهم بخياطة الكمامات الواقية بدل الفساتين الفخمة.
لا تنسى كليمانس مشكلات جانبية فرضتها ظروف العزلة البيتية، منها تخزين المواد الغذائية، ثم تلف الكثير منها، والاضطرار لرميها في حاويات النفايات. وهناك مشكلة تصاعد المشاحنات الزوجية، ومأزق الكثيرات من النساء المعنفات والمعتدى عليهن بالضرب المبرح، ممن لا يمكنهن ترك الشقق الصغيرة، واللجوء إلى دور الرعاية أو المستشفيات.إنّ لدى المستشفيات ما يكفيها من حالات تشكو الوباء. ولا تنسى الملكة أن تشكر الحظ الذي يجعلها تقيم في منزل واسع له حديقة تسمح لها باستنشاق الهواء النقي. كما أنّ المكوث في بيت العائلة سمح لها باستعادة ذكريات طفولتها وفتح الصناديق التي تحتفظ فيها بصور أيام المراهقة، حين كان السفر إلى باريس حلماً من الأحلام.