قراءة في الأسئلة المطروحة في مادة الانظمة الدستورية على طلبة كلية السطات

0

إن النقاش الدائر الذي يغوض في المسألة فهو من موضوعاتنا الفكرية ووعينا الفكري لا يقل أهمية عن صفائنا الروحي، ولهذا فإن النقاش حول المسألة فهو من المواضيع الهامة التي تستدعي جميع التخصصات بشعبها ( العودة الى التكامل المعرفي أي ادماج العلوم الاسلامية في التخصصات الاخرى، ولا سيما أننا في عصر من العصور التي تلتقي فيها المذاهب والحضارات ومثل هذه العصور تلتبس فيها المفاهيم وتتشابك فيها العقائد وتتداخل المذاهب، ولذلك كان من الضروري من أجل فهم المسألة في صورتها الصافية وذلك يقتضي العودة من جهة الى أصولها ومصادرها الاصلية الاولى من الكتاب والسنة وفهم الصدر الاول له، ومن جهة اخرى رفع الغشاوات التي غطت عليه ومعرفة العوامل التي اترث في تغيير بعض مفاهيمه. ويمكن النظر في المسالة من اوجه منها:

1_ هذه الظاهرة تلفت النظر إلى أن الاستاذ الباحث درس العلوم المرتبطة بالحقوق بمعزل عن العلوم الاسلامية والمفاهيم ومدلولاتها المرتبطة بالأمانة العلمية الكاملة على غاية من الاهمية والخطورة، ألا وهي قضية الالتزام بضوابط الفهم الصحيح للنصوص، وتحديد مدلولاته على هدي هذه الضوابط وما ترشد اليه. إن أخطر شيء في المعرفة والعلم الحق، ان يجعله تابعا لرايه وهواه، ورغباته وافكاره التي عبَّها سابقا، ولهذا جاء التحذير في القران الكريم من الهوى والانسياق وراء الهوى.

2_ إن من ينظر الى الاسئلة المطروحة على الباحثين، يجد أنها تدور أساسا حول التأويل للمفاهيم وصرفها عن ظاهرها الى الوجهة الصحيحة التي يراه الاستاذ المحترم حسب تصريحه لتسهيل معناها وتقريب محتواها الى الباحثين،

وبناء على هذا المعطى فإنه ظل قريب من فلسفة التشريع الاسلامي من حيث مراتب وأدلة أصول التشريع، ولا يوجد ما يطعن في الموضوع، على اعتبار ان الاستاذ جعل في مرتبة أصول التشريع الاولى و(المعبر عنها بهرم الدستور) الله عز وجل وهو بهذا المقام لا يخالف جميع المذاهب الفقهية، كما جعل الاصل الثاني السنة الشريفة المعبر عنها ب( يتبعه الرسول صلى الله عليه وسلم) والاصل الثالث، أولي الامر وقد اختلف فيه العلماء منهم من قال المقصود به الخليفة ومنهم من قال المقصود العلماء، وفي تعبير الاستاذ المحترم (ثم المقام الثالث، سبط الرسول الذي يسوس الامة ويراقب ممثليها).

ولا ننسى أن الاستاذ كانت منطلقات أسئلته لا تخرج عن الدستور المغربي أي القوانين التنظيمية للمملكة المغربية، بحيث نجد الفصل السادس ينص على:" الاسلام دين الدولة، والدولة تضمن لكل واحد حرية ممارسة شؤونه الدينية". وكذا الفصل الاول ينص على :" نظام الحكم بالمغرب نظام ملكية دستورية ديموقراطية واجتماعية".

وأثار السؤال ردود كثيرة منها:

أ) أثار نص السؤال ردود فعل غاضبة وسط أساتذة كلية الحقوق بسطات، لكن بسبب عدم وجود نص قانوني يسمح بممارسة الرقابة على الأساتذة فيما يخص حريتهم في طرح أسئلة الامتحانات. ب) ليس هذا نص فقهي مأخوذ من كتب فقهاء السلاطين.

الرد الاول: ومن وجهت نظري بالنسبة لردود أساتذة الحقوق على زميلهم تبقى ضيقة من حيث المقاربة التجزيئية التي بنوا عليها الحكم على الاطار التربوي، وانما الاشكال لم يتطرقوا الى المقاربة الشمولية التربوية، وانما الداء هو الفراغ في المواد المدروسة وغياب العلوم الاسلامية ضمن مواد التدريس بالتخصصات ولهذا نرى مثل ثلك المصطلحات الغير المنضبطة بفلسفة الدراسات الاسلامية، فلا نلوم الاطار التربوي وانما نلوم الفلسفات التربوية التي تغيب العلوم الاسلامية بالشعب وبالتالي يكون تغيب المفاهيم المرتبطة بأسلمة العلوم الاخرى.

والرد الثاني: اما بالنسبة للرد الثاني من قبل الباحثين القائل:" ليس هذا نص فقهي مأخوذ من كتب فقهاء السلاطين". كان بعيد عن الصواب، ويمكن ان يستفيد الباحث من سؤال النبي صلى الله عليه لمعاذ رضي الله عنه:" لما بعثه الى اليمن قال أريت إن عرض لك قضاء كيف تقضي قال اقضي بكتاب الله قال فان لم يكن في كتاب الله قال فبسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال فان لم يكن في سنة رسول الله قال اجتهد رايي ولا الو قال فضرب صدره ثم قال الحمد لله الذي وفق رسول رسول الله لما يرضي رسول الله".

وبالتالي كان على الباحثين أن يقفوا في النقاش على أسئلة الاستاذ التي اثارت اشكالا مفاهيميا التبس على مستوى فهم الباحثين وزملائه التربويين مما أدى الى الخلط بين التشريع السماوي المعبر عنه " الله يوجد في الهرم السياسي " والتشريع الوضعي.

لذرء هذا الالتباس، كان يجب عليه ان يفرق بين القانون الوضعي الذي هو تنظيم بشري من صنع الناس، ولا ينبغي مقارنته بالتشريع السماوي الذي جاء من عند الله، للفرق بين الخالق والمخلوق، ولن يستوي لدى العقول أن يقارن ما صنعه الناس بما صنعه رب الناس.

قد يعجبك ايضا

اترك رد