في بلادي ظلموني…نشيد جماهيري أم رسالة سياسية مقصودة ؟
بقلم: يوسف الإدريسي
قد يختلف كثيرون حول سلوكات بعض الجماهير الرياضية المنضوية تحت لواء ما يسمى ب(الإلتراس) وهي كلمة لاتينية تعني المتطرفين في العشق، كما لا يمكن أن يستسيغ بعضنا مشاهد كراسي المدرجات وهي تتطاير في فضاء الملعب بعد انتهاء المباريات وما يعقب ذلك من أعمال شغب، بغض النظر عن كونها أفعالا أو ردود أفعال…
غير أن نشيد (في بلادي ظلموني) الذي تغنت به جماهير الرجاء البيضاوي بإبداع فني وجماهيري وصل مداه إلى خارج البلاد، يظل نمطا جديدا ينضاف إلى أنماط وأشكال الحركة الاحتجاجية الشعبية والتي تتطلب تحليلا سوسيولوجيا وسياسيا من شأنه الوقوف على الأسباب الحقيقية بهدف تفكيك مسارات الفعل الاجتماعي التي بات يشهدها الشارع المغربي، بدل استهداف الجماهير والتضييق على تجمعاتهم وانتماءاتهم الفصائلية.
في الماضي كان المغاربة يتعرضون لمختلف أشكال وأنواع الإهانة والإذلال، ومع ذلك ولا ينددون ولا يستنكرون بل لا يستطيعون حتى فتح أفواههم للكلام، خوفا من آذان الجدران أو ماشابه ذلك من الأساطير التي باتت اليوم متهالكة ومكشوفة أمام مواطنين شباب يعترفون ضمن شعاراتهم وأهازيجهم وبصوت مشترك، أنهم يجدون في فريق لكرة القدم، القدر الكافي من المواساة التي لم يجدوها في الأجهزة الحاكمة في البلاد. ما يوحي إلى أن مغاربة اليوم صارت لهم الجرأة اللاهبة والقناعة الراسخة كون دولتهم بجميع هياكلها ومصالحها، تخطئ في حقهم كثيرا وتمارس إزاءهم الظلم الاجتماعي والسياسي.
المسألة ليست متعة كما جاء في كلمات نشيد جماهير الرجاء (قتلتو لا باسيون)، بل الأمر أكبر بكثير من ذلك، هو وعي جمعي يتطور مع تعاقب الأجيال وتوالي الانتكاسات السياسية والاجتماعية، وهو السبب ذاته الذي أخرج، عقب قرار ترسيم الساعة الإضافية، تلاميذ مختلف المؤسسات التعليمية من فصولهم في حركة احتجاجية تلمذية عنوانها البارز "في بلادي ظلموني، لمن نشكي حالي، الشكوى للرب العالي).
ما يجب أن يعلمه المسؤولون النافذون في الدولة هو أن (صرخة في بلادي ظلموني) هي صرخة ثورية ذات طابع إبداعي وسلمي وهي ممتدة في الزمان والمكان وقد تأخذ مع مرور الأيام أشكالا أكثر تمردا إن لم يتم الإصغاء جيدا إليها، طبعا دونما مقاربة أمنية قد تشعل فتيل قنبلة خامدة.