عندما تفقد الأنظمة الحجة تلجأ إلى القرصنة

0

بقلم . نورالدين الشضمي

مرة أخرى، يُثبت النظام العسكري الجزائري أنه لم يغادر بعد منطق “رد الفعل” العشوائي والمتشنج، في مواجهة الديبلوماسية المغربية الهادئة والفعالة، والتي تحقق مكتسبات متتالية، خصوصًا في ملف الصحراء المغربية. فبعد الصفعات المتوالية التي تلقاها حكام قصر المرادية، سواء على الصعيد الإقليمي أو الدولي، لم يجدوا من وسيلة للتنفيس عن اختناقهم السياسي سوى تحريك أذرعهم الإلكترونية وشن هجمات سيبرانية ضد مؤسسات مغربية.

ما يُثير السخرية، بل والاستغراب، أن إعلام النظام نفسه – وتحديدًا صحيفة النهار – لم يجد حرجًا في التعبير عن “فخره” بهذا الفعل الإجرامي، في تجاهل تام للقوانين الدولية التي تُجرّم هذا النوع من الاعتداءات الرقمية، والتي تُصنّف ضمن الأعمال العدائية التي تضر بالسلم والأمن الرقميين.

الهجوم لم يكن معزولًا عن سياقه. فقد جاء تزامنًا مع المباحثات رفيعة المستوى التي أجراها وزير الخارجية المغربي ناصر بوريطة في واشنطن، والتي حملت رسائل سياسية بالغة الدلالة، خاصة من طرف مسؤولين أمريكيين بارزين. تأكيدات متجددة لاعتراف واشنطن بسيادة المغرب على أقاليمه الجنوبية، وموقف ثابت يعتبر الحكم الذاتي تحت السيادة المغربية هو الحل الواقعي والوحيد الممكن.

من جهته، ظل الإعلام الجزائري يسخر لسنوات من الموقف الأمريكي، ويصفه بتغريدة زائلة. واليوم، ها هو يرى بأمّ عينه كيف تتحول “التغريدة” إلى موقف مؤسسي راسخ، تؤكده إدارة أمريكية تلو الأخرى.

الأزمة لم تتوقف عند هذا الحد، بل تزامنت مع تدهور غير مسبوق في علاقات الجزائر مع جيرانها في الجنوب. مالي، النيجر، وبوركينافاسو، ثلاث دول قررت استدعاء سفرائها من الجزائر، متهمة النظام بارتكاب “عمل عدائي متعمد”، في إشارة إلى حادثة إسقاط طائرة مسيرة تابعة للجيش المالي. إنها ورطة دبلوماسية حقيقية تضع كابرانات الجزائر في زاوية ضيقة أمام شركائهم الأفارقة، الذين طالما حاولوا كسب ودهم.

الخلاصة أن النظام الجزائري، كلما شعر بانكشافه وعجزه، عاد إلى عادته القديمة: التشويش على نجاحات المغرب بدل التفكير في بناء نموذج تنموي خاص به. لكنه نسي أن العزلة التي يعيشها لن تُعالج بهجمات إلكترونية، ولا ببلاغات إعلامية مشحونة بالعداء. وحدها السياسة العاقلة قادرة على إعادة الجزائر إلى محيطها الطبيعي، لكن يبدو أن صوت الحكمة لا يجد طريقه وسط صخب الكابرانات.

قد يعجبك ايضا

اترك رد