علاقات المغرب وإسبانيا…أي أفق!؟

0

لم تكن الدولة الإسبانية تفكر أنها ستجد نفسها في مأزق كبير وهي تهم بتنسيق غبي مع جنرلات الجزائر، لترتيب رحلة علاجية -كما زعموا – لزعيم الجمهورية الوهمية بوثائق مزورة نحو أراضيها،دون أدنى اعتبار للمصالح المشتركة والعلاقات الجيوستراتيجية التاريخية، التي تجمع بينها وبين المغرب، كبلد جار كان من المفترض أن تحترم كرامته وتقدر مشاعره تجاه قضيته الوطنية الأولى التي لا تقبل المساومة في قلوب الشعب المغربي، فهل كانت صحة شخص أجنبي مطالَب لدى القضاء الإسباني نفسه ، بتهمة جرائم انتهاك حقوق الإنسان المتمثلة في الإبادة الجماعية والاغتصاب وغيرها، أهم من سمعة استقلال العدالة والديمقراطية الإسبانية التي وضعها هذا القرار الشارد في موقف الشك أمام الرأي العام الدولي ؟؟هل كان ضروريا إلى هذه الدرجة المخاطرة بمعاكسة بلد جار، تربطها معه شراكات اقتصادية،أمنية وسياسية…باستقبال مجرم فوق ترابها قادما إليها من الجزائر عبر طائرة خاصة بعد أن رفضت دول عديدة تحترم نفسها استقباله، لأنها تعرف أن مكانه الطبيعي هو السجن ؟؟.

وكيف ما كانت خلفيات هذا القرار، لدواعي إنسانية أو سياسية أو استفزازية…فهو بالنسبة إلى المغرب غير مبرر وغير مقبول ،فإسبانيا بهذا أخطأت في حق المغرب مرتين، مرة عندما استضافت إبرهيم غالي على أراضيها ومرة حينما قبلته ضيفا باسم مستعار وبجواز سفر مزور وهي على علم بذلك، بل وشاركت في عملية التزوير ، و يمكن القول أن معاكسة مصالح المغرب أضحت ثابتة في حق إسبانيا بفعل هذا السلوك ،ما دامت الحكومة الإسبانية ماضية في التصعيد وصب المزيد من الزيت على نار العلاقات الدبلوماسية المغربية _الاسبانية، فعوض استحضار الحكمة والعودة إلى جادة الصواب -لما فضحت المخابرات المغربية أمرها- بالجلوس على طاولة الحوار مع المغرب لتجاوز خطورة ما أقدمت عليه والبحث عن حلول مشتركة تحفظ ماء وجهها وتعيد الاعتبار لقضائها الذي مرغه “محمد بطوش” في الوحل،ولا سيما كدولة تتبجح بالديمقراطية وحقوق الإنسان، هاهي تفضل سياسة الهروب إلى الأمام باتهامها المغرب بالضغط والمقايضة إثر الهفوة المرتبطة بالهجرة التي وقعت بين مدينة المضيق الفنيدق وسبتة المحتلة، والتي ليست هي الأولى من نوعها ولن تكون الأخيرة، و بذلك تحاول صرف نظر الرأي العام الدولي عن الفضاعة السياسة التي ارتكبتها أولا على حساب سمعة ديمقراطيتها واستقلالية قضائها في منظور العالم ،وضدا في طموحات المغرب في استكمال وحدته الترابية ثانيا،وطبعا لن تجني من وراء هذا التمادي غير تعطيل مصالحها مع شريك استراتيجي يعد التعاون معه في ملفات حارقة وحساسة جدا أمرا لا محيد عنه.

إسبانيا تدرك جيدا أن المغرب قضاء وقدر لامفر منه، لكن يبدو أنها لم تومن بخيره وشره كما يجب، فظلت رؤيتها ومنظورها للملكة المغربية كلاسيكيا و تقليديا لم يتغير،فمغرب اليوم لا يمكن أن يقبل بالأدوار الصغيرة ويكتفي بدور الدركي وحارس الحدود الإسبانية، فإما أن يكون التعاون شاملا يخضع لمعايير العلاقات الدولية المتعارف عليها،لا لأهواء ومزاج إسبانيا ! فيكون المغرب في شريكا أساسيا وحليفا استراتيجيا عندما يتعلق الأمر بالهجرة والإرهاب والصيد البحري…ثم يتحول إلى دولة توسعية تسعى إلى استقلال مدينتي سبتة ومليلية و استرجاع الفردوس المفقود عندما يتعلق الأمر بوحدته الترابية، وإما أن تتحلى إسبانيا بالشجاعة الكافية لتحديد موقف صريح بخصوص القضايا المغربية المصيرية ،و الذي سيحدد المغرب على ضوئه أيضا مواقفه وحدود علاقاته معها بالوضوح اللازم.

الحكومة الإسبانية مطالبة بتحمل مسؤولتها السياسية فيما يجري،ومطالبة أيضا بالاسراع إلى فتح قنوات الحوار الدبلوماسي مع المغرب وتكون الصحراء المغربية في صدارة نقط جدول أعماله،لتفسير كل الدوافع التي أدت بها إلى فتح احضانها المجالية في وجه زعيم جماعة مسلحة أعلن الحرب بالأمس ورفع بنادقه المهترئة في وجه القوات المسلحة الملكية، وعرقل الحركة التجارية بمعبر الكركرات في اتجاه موريطانيا وباقي دول جنوب الصحراء ،وإلا فمستقبل العلاقات الدبلوماسية بينها وبين المغرب سيكون مجهولا وسيكون الأمر مضحكا ومقززا عندما يعرف العالم أن سبب الأزمة هو تواطؤ دولة إسمها إسبانيا تزعم الديمقراطية وتدعي حقوق الإنسان في التستر على استقبال مجرم على أراضيها والمشاركة في تزوير وثائق هذا الشخص الذي ترعاه الجزائر لمعاكسة الوحدة الترابية لبلد إسمه المغرب تعترف له إدارة أقوى دولة في العالم بمغربية الصحراء.

المغرب لن يقبل منذ اليوم أن يكون حارسا مجانيا لحدود الآخرين ! بقلم: ذ سعيد بن معنان

قد يعجبك ايضا

اترك رد