عفو ملكي واسع يشمل صحافيين ونشطاء ومدانين في قضايا الإرهاب
في مبادرة إنسانية بامتياز جرى، اليوم الإثنين، الإعلان رسميا عن عفو ملكي شمل صحافيين ونشطاء ومدانين في قضايا الإرهاب، تزامنا مع الاحتفاء بالذكرى الخامسة والعشرين لعيد العرش.
واستفاد من العفو الملكي كل من توفيق بوعشرين وعمر الراضي وسليمان الريسوني، إلى جانب النشطاء رضا الطاوجني ويوسف الحيرش وسعيدة العلمي ومحمد قنزوز، بعدما قضوا مددا متباينة من العقوبة السالبة للحرية على ذمة أحكام في ملفات قضائية مختلفة؛ ينضاف إليهم 16 مدانا بمقتضيات قانون مكافحة الإرهاب، ومجموعة أخرى من المدانين قضائيا في حالة سراح، بمن فيهم عماد استيتو وعفاف برناني وهشام المنصوري وعبد الصمد آيت عيشة.
ويتم تنفيذ العفو الملكي السامي كآلية “لترسيخ قيم العفو والتسامح التي تبقى من مرتكزات العدل وتحفظ حقوق الضحايا، سواء على مستوى الحقوق أو على مستوى الأثر القانوني بعد تحقق الإنصاف القانوني الذي يبتغيه الضحايا بمجرد صدور أحكام القضاء وصيروتها”.
ولقيت الخطوة الملكية ترحيبا شعبيا وحقوقيا كبيرا على اعتبار أنها أتت في سياق خاص يتزامن مع الاحتفاء بالذكرى الخامسة والعشرين لوصول الملك محمد السادس إلى العرش. ونظيرا لسموها دستوريا وكونها حصرية في يد الملك، وفق مقتضيات الدستور، وبذلك نالت المبادرة الملكية استحسان الجسم الحقوقي مادامت “تحفظ حقوق الضحايا وتحقق جزءا من فلسفة الرأفة”.
وفي هذا الصدد أكدت فاطمة الزهراء الشاوي، محامية ورئيسة الجمعية المغربية لمناهضة العنف ضد النساء، “أهمية ورمزية المبادرة الملكية بالعفو عن عدد من الأفراد الذين أدينوا في قضايا متصلة بالحق العام، إذ يبقى العفو حقا حصريا للملك بموجب الفصل الثامن والخمسين من الدستور، ولا يمكن مناقشته، بينما نثمنه ونؤكد عليه”، بتعبيرها.
وأضافت الشاوي، في تصريح لهسبريس، أن “أهمية العفو الملكي تكمن كذلك في أنه لا يسمح بنسيان حقوق الآخرين، ولا يؤكد براءة أي مدان في ملفات ذات ارتباطٍ بالحق العام”، مردفة: “رغم كوننا متابعات لحقوق الضحايا ومدافعات عن حقوق الإنسان بشكل عام إلا أنه لا يمكننا إلا أن نشيد بهذه المبادرة الملكية المهمة”.
وتابعت المتحدثة ذاتها: “من جانب آخر نؤكد تثميننا للعفو الملكي، فنحن كجسمٍ حقوقي نترافع عن الحرية كأولى حقوق الإنسان ومن أهمها، ولا يمكن أن نتمنى حرمان أحدٍ منها، رغم اقتناعي شخصيا بحقوق الضحايا في أحد الملفات حيث كنت ضمن الدفاع”.
وأشارت المحامية نفسها إلى “أهمية أن يكون المتمتعون بالعفو الملكي في مستوى المبادرة الملكية”، مسترسلة: “الردع في نهاية المطاف كان في الدعوى العمومية والمدنية، في حين أننا سنستمر في دعم المطالب المدنية بجبر الضرر وتنفيذ ما حكمت به المحكمة”.
وخلصت الشاوي إلى أن “الخطوة الملكية تحصد الإشادة والتثمين مادامت لا تُقر ببراءة أي أحد ولا تضر بحقوق الطرف الآخر”.
من جهة أخرى؛ ثمّن محمد الطاوسي، محام بهيئة الدار البيضاء، العفو الملكي واعتبره “مبادرة لا تضر بمصالح الآخرين ولا تشكل أي ضرر لبقية الأطراف، ولا تعني إقرارا ببراءة شخص في حد ذاته”، واضاف: “نحن أمام ملفات مختلفة ترتبط أساسا بالعفو العام، وجرت في ما سبق مباشرة مختلف المساطر بخصوصها داخل المحاكم”.
وأكد الطاوسي، في تصريحٍ لهسبريس، أنه “من المهم جدا أن يُصدر الملك عفوه عن شخص محكوم بالسجن وتمتيعه بوضعية أخرى تتميز أساسا بمعانقة الحرية”، موردا أن “العفو الملكي عادة ما يشمل مواطنين كل سنة، وهو ذو تأثير قوي عندما يتعلق الأمر بملفات معينة؛ على الرغم من كونها تظل في عمقها متصلة بقضايا الحق العام”.
ولفت المتحدث الانتباه إلى أن “من إيجابيات المبادرة الملكية، التي تبقى آلية حصرية للملك، أن العفو يشمل فقط العقوبة أو ما تبقى منها، ولا يشمل بأي وجه المطالب المدنية للضحايا وحتى الغرامات؛ فالمهم هنا أن آلية العفو الملكي تحمي حقوق الضحايا”، مجددا التأكيد في الأخير على “أهمية هذا القرار الملكي الحصري”.