سياسة دون الصفر
ات الإنحطاط السمة الطاغية في كل شيء ، و بات التملق و التحلل من الحد الأدنى للأخلاق صفة مهيمنة على المشهد العام .
أقول هذا الكلام بمناسبة درس المقاطعة الذي يلقنه "المداويخ" للطبقة الفوقية التي تسير الشأن العام ، و هنا يجب أن أشير إلى أن هذه الفئة هي دون مستوى الوعي الشعبي و لم تصل إلى مستوى الصفر في الذكاء السياسي ، فبغض النظر عمن أطلق الحملة و من خلفها ، قد لاقت تجاوبا من لدن فئات شعبية عريضة تتألم تحت و طأة الدخل المحدود و غلاء المعيشة و تناقضات الغنى الفاحش و الفقر المدقع.
إذا كان المطلوب من السياسيين نظريا تلقف نبض المجتمع و التعاطي مع متغيراته و مشاكله بروح المبادرة ، فإن السياسيين المغاربة أثبتوا أنهم فاشلون و أنهم يمارسون السياسة لإلصاق مؤخراتهم بالكراسي الناعمة و لهف الإمتازات فرب كرسي أخرج "مكرد" من شقاء الزلط إلى ترف العيش . أما النقابات فتلك هي الطامة الكبرى و لن يجرنا الحديث عنها إلا لمزيد من القدح نترفع عنه في هذا المقام .
نعم أيها السادة السياسيون عندنا يدارون بأجهزة التحكم و لا يشتغلون إلا بالتعليمات ، حيث انتظروا أكثر من أسبوعين كي يتفاعلوا مع المقاطعين و ليتهم ما فعلوا ، إذ أظهروا أسلوب هواة في التعاطي مع مشكل حقيقي تعاني منه فئات عريضة من المجتمع . المشكل أيها السادة ليس في شركة بعينها المشكل في غلاء المعيشة و تدني الأجور و التوزيع الظالم للثروة ، المشكل في الزواج غير الشرعي بين السلطة و المال ، المشكل في فساد الإدارة و غياب المتابعات رغم أن تقارير جطو تخرج واحدا تلو الآخر و لم نسمع أن مسؤولا واحدا توبع ، المشكل أن لصا يُقبض عليه و يخرج استثناء من السجن لدفن والدته ثم لا يعود إليه بل و يؤسس مقاولة و يشتغل بكل أريحية(خالد عليوة) ، المشكل هو أن وزيرا (أخنوش)بجرة قلم يعفي صديقة (حفيظ العلمي) من أموال ضريبية قد السخط لفائدة خزينة الدولة ثم يحدثوننا عن الوطنية ، المشكل أن الإرادة الحقيقية للقطع مع الفساد لازالت في غيابات المجهول .
نجحت المقاطعة و فشل السياسيون و فشلت مقارباتهم المهترئة في التعاطي مع شباب الفيسبوك و حتى ردات فعلهم كانت عشوائية يغلب عليها التخبط كمن يحاول أن يمشي في ظلام حالك . نجحت المقاطعة و أثبت الشعب أنه أكبر من كيد الإنتهازيين و الباطرونا النرجسية .
الحكومة الآن في مأزق حقيقي و الهوة اتسعت بينها و بين الشعب و لا سبيل لرأب الصدع سوى بتغيير النهج الإقتصادي و التوزيع العادل و الحقيقي للثروة ، بالله عليكم كل أرقام النمو الإقتصادي لا نجد لها أثرا على جيب المواطن البسيط بقدر ما تزيد من " الشحمة ف ضهر المعلوف " ينبغي كذلك التوقف عن التعامل معنا كقاصرين و القطع مع دابر الفساد و التوقف عن سنة عفا الله عما سلف و ربط المسؤلية بالمحاسبة عسانا نصير كباقي الدول التي تحترم نفسها .