خارطة طريق ملكية سامية لمغاربة العالم و سؤال تحسين حكامة المسؤولين
مرت سنوات على خطاب جلالة الملك بمناسبة ذكرى ثورة الملك والشعب، والذي تضمن خارطة طريق تجيب و تستجيب لانتظارات مغاربة العالم.
مع كامل الأسف لم تستجب الوزارة الوصية ومعها الحكومة للاستراتيجية الكبرى لجلالة الملك. وغرقت في الشعارات و الخطابات
الموسمية ، في حين كان عليها الانكباب على ملف الجالية المغربية بالخارج بضمير و حرقة و تشجيع استثماراتها لترقى نوعًا وكمًا، كما ارتآها جلالة الملك خاصة في القطاعات الاستراتيجية و الحيوية .
بما يفيد مرافقة مشاريع الجالية خلال مدة من التأسيس إلى الاشتغال الفعلي خاصة وأن مغاربة العالم كلهم رغبة قوية في المساهمة في تنمية وطنهم الأم ورفع علمها عاليا بخدمة مصالح الوطن.
كفاءات مغاربة العالم، يشهد لها و يحرص جلالة الملك على إعطاء تعليماته و توجيهاته على تعبئة الموارد البشرية الممكنة منها و طاقاتها خاصة ذوي المؤهلات العالية والموهوبين، لنقل المعرفة والتكنولوجيا التي قد تكون المملكة بحاجة إليها أحيانا خاصة و ان المغرب صار قوة إقليمية تشكل جسرا كبيرا بين أوروبا و أفريقيا . بما يفيد أيضا الابتعاد عن النظرة الضيقة للجالية من زاوية الاستغلال الانتخابي الموسمي ، أو أكثر من ذلك من خلال التفاعل مع الجالية من زاوية التسييس ليس فقط الداخلي و لكن الخارجي بالامتدادات نحو توجهات تختلف في منطق حضورها إما كتنظيم أو كطائفة ، فالثوابت الوطنية تبقى ثوابت داخل و خارج المملكة .
ففي الوقت الذي لم تقوى فيه الوزارة الوصية عن مسايرة نهج جلالة الملك بخصوص ملف مغاربة العالم وكذا عجز إدارات مؤسسة الحسن الثاني لمغاربة العالم ، و مجلس الجالية المغربية بالخارج، عن حل المشاكل التي تعاني منها الجالية بالرغم من كل المجهودات ، بالإضافة إلى التقصير في ملف الهجرة المغربية، فإنها لم تستطع تسليط الأضواء على الكفاءات المغربية عبر العالم في المجالات الحيوية وذات البعد الاستراتيجي للمملكة.
وفي هذا السياق سيأتي خطاب جلالة الملك محمد السادس بمناسبة تخليد البلاد الذكرى الـ49 للمسيرة الخضراء، حيث سيخصص حيزا كبيرا منه لقضايا مغاربة العالم، موجها الحكومة إلى إعادة هيكلة المؤسسات المعنية بالجالية، خاصة مجلس الجالية المغربية بالخارج، الذي دعا إلى الإسراع في إخراج إطاره القانوني الجديد.
كما سيعلن جلالته، في ذات الخطاب، إلى التوجه نحو إحداث “المؤسسة المحمدية للمغاربة المقيمين بالخارج” التي ستُعنى بتنسيق وإعداد الاستراتيجيات الوطنية الموجهة لفائدة الجالية في إطار هذا التحول الجديد في تدبير شؤون قضايا الجاليات بالخارج، معربا في الوقت ذاته عن انتظاره من هذه المؤسسة، عبر القطاعات الوزارية المعنية ومختلف الفاعلين، إعطاء دفعة قوية للتأطير الثقافي واللغوي والديني لمغاربة العالم على اختلاف أجيالهم، حاملة على عاتقها قيادة وتطوير سياسات مستدامة تستجيب بشكل شامل للاحتياجات الخاصة للجالية المغربية، وتتجاوز المقاربات الظرفية التي تميزت بها سابقا، وتتجاوز العقم التفكيري في الملف.
الدكتور طارق أتلاتي
رئيس المركز المغربي للدراسات و الأبحاث الاستراتيجية وخبير العلاقات الدولية