تغيير إسم الجزيرة الرياضية
بدأ عام 2014 بخبر مهم في عالم الإعلام الرياضي العربي، فقد أعلنت قناة الجزيرة الرياضية رسمياً تغيير اسمها وشعارها إلى بي ان سبورتس، تغيير فتح المجال أمام التكهنات حول سبب هذه الخطوة، وكالعادة في مجال الإعلام , كل الأسباب التي أدت إلى تغيير البرتقالية إلى البنفسجية. العالمية: وتغيرت اللعبة، هكذا عنون الموقع الجديد للقناة المشروع الجديد، فاللعبة تغيرت والشبكة لم تعد تفكر في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا فقط، بل هي ساعية إلى منافسة عالمية من خلال حقوق القناة التي تملكها في فرنسا حيث تبث الدوري المحلي والألماني ودوري الأبطال هناك، كما أنها صاحبة حقوق الدوري الاسباني والإيطالي والفرنسي في أمريكا الشمالية، ومع حقوقها الكثيرة في المنطقة العربية تصبح هذه الشبكة فريدة من نوعها حيث لا مثيل لها من حيث الانتشار في 4 قارات، حيث لا يجب أن أنسى ذكر حقوق البث التي تملكها في روسيا واندونيسيا والفلبين وتايلاند وهونج كونغ. لنكن صريحين، العالم في الخارج لن يقبل باسم عربي بسهولة مما يعيق من انتشاره، والتحول إلى الاسم الجديد مهم في تسهيل الانتشار وسرعته، بل إن وصول الجزيرة الإخبارية إلى أمريكا جعل عدة كتاب هناك يتساءلون عن مدى قبول الأمريكان للقناة مع اطلاق قناة الجزيرة أمريكا لمنتج معروف أن مصدره عربي أولاً ومرتبط بأحداث سياسية معينة ثانياً. العالمية هي الهدف الآن من بي ان سبورتس العالمية, فصل الرياضة عن السياسة : وهو أمر تم إشاعته منذ عدة أشهر، بأن قناة الجزيرة الرياضية باتت متأثرة بقناتها السياسية، فمع الأحداث التي شهدها العالم العربي ونتج عنها تغيير أنظمة في أماكن وحروب أهلية في أماكن أخرى باتت القناة الإخبارية في محور الصراع بشكل واضح لا يمكن نفيه، وتم اتهام القناة بالانحياز لتيارات معينة مما جعل القناة الرياضية متأثرة بهذا الأمر حتى في منح بعض حقوق البث المحلية وتصاريح التغطية. وقالت مصادر البعض من داخل القناة بوجود نوع من التضييق بات يتم على مراسليها الرياضيين في بعض المناطق، وأن تصاريح تغطيتهم للأحداث بدأت متأثرة أيضاً، وهو أمر اعترف به رئيس القناة ناصر الخليفي في تصريحه لموقع كورة قائلاً “جاء الوقت للتخصص في مجال الرياضة فقط ، دون أن نخلط بينها وبين السياسة ،لاسيما أن الإسم الجديد سيكون وسيلة جيدة للتحرك بشكل أفضل ،ونقل الأحداث والفعاليات الرياضية دون أي خلط بين ما نقوم به ،وبين السياسة”. الخليفي اعترف بضرورة فصل السياسة عن الرياضة .. داخلياً وخارجياً: أمر أخر مؤكد احتاجته الشبكة الرياضية بالاستقلال عن الشبكة الإخبارية، فالقناة الرياضية بحاجة لنوع من المرونة في مسائل العقود والتعيينات والتعاقدات والأجور أيضاً، ولكن كونها ضمن الشبكة الإخبارية يقيدها وهو أمر تعاني منه المؤسسات الإعلامية الكبرى. ذلك من ناحية داخلية، أما من ناحية خارجية فالأحداث الأخيرة ساهمت ببعض الجدل حول بعض الشخصيات والاتهامات للقناة الرياضية رابطين ما يجري مع السياسة، فكان محل تساؤل وجود أحد المحللين مثلاً والمعروف بمهاجمته المتكررة تيار “الاخوان” المقرب من قناة الجزيرة الإخبارية، في حين اعتبر كثيرون وضع أحد الرياضيين السابقين مديراً لإحدى استوديوهات التحليل المهمة تكريماً له, على موقفه المتفق مع القناة السياسية من الأحداث والتغييرات الأخيرة في مصر بعد 30 يونيو. بلغة أخرى، فإن كل حركة في الجزيرة الرياضية داخلياً كانت مرتبطة بما يجري بالقناة الإخبارية، وكان من حق العاملين في الأخيرة التذمر والمطالبة بالمساواة في حال كان هناك إنفاق وسلم أجور أعلى في الرياضية من جهة، وكانت خارجيا مقيدة ببعض التحركات من جهة أخرى! العالمية لأسباب مالية: نظرياً؛ لا يمكن لقناة الجزيرة الرياضية تحقيق أرباح في المنطقة العربية في ظل ما تملكه من حقوق بث عديدة مرتفعة التكاليف وأسعار اشتراكات منخفضة، وذلك بسبب القدرة الشرائية المنخفضة في معظم الدول العربية ووجود حلول أخرى لدى المعلنين للوصول إلى الشباب من دون الاضطرار لدفع أسعار إعلانات مرتفعة على قناة واحدة، ما دام بإمكانها الإعلان على قنوات أخرى تبث أفلام أمريكية وبرامج يهتم بها الشباب في أماكن أخرى بأسعار أقل، وذلك نتيجة عدم تطور العقلية التسويقية في المنطقة العربية أيضاً حتى الآن. منطقياً؛ لا يمكن للقناة أن تواصل العمل بتحقيق خسائر مالية مهما كانت الأهداف من خلف ذلك فهناك حدود لكل شيء ومع كل حقوق جديدة تحصل عليها القناة فنحن نتحدث عن مئات الملايين من الدولارات لدفع الحقوق من جهة وفريق العمل والتكاليف الأخرى من جهة ثانية، بل إنه في أواخر عام 2012 انتشرت تقارير في الإعلام الغربي تتحدث عن رغبة بالتركيز على الجانب الرياضي في شبكة الجزيرة كجانب ربحي، وهو تقرير بدأ ينتشر مع تصريحات لبروفيسور الاعلام فيليب سيب صاحب كتاب “تأثير الجزيرة” – Al Jazeera effect -. بمزج نظرياً مع منطقياً، فإن التحول للعالمية لم يكن هدفاً لتحقيق طموحات شخصية بل هو ضرورة لجعل الشبكة الرياضية بشكل عام تربح وبالتالي يكون أمر مواصلة السيطرة والهيمنة قابلاً للتحقيق ، وبالتالي فإن الحقوق التي تملكها القناة ستخدمها في هذا الهدف وتجعلها تفاوض على مناطق عديدة بدلاً من التفاوض بشكل منفصل، فالعالم الغربي متقدم بمسألة حماية الحقوق والدفع مقابل المشاهدة على العكس من منطقتنا، كما أنه أعلى من حيث معدل القدرة الشرائية.
كريم العاطي الله
الثلاثاء 7 يناير 2014