انتصار الدخيل الذي لم يره أحد مقبلا… دونالد ترامب
مابريس – و م ع
خلف الفوز غير المنتظر لقطب العقار، دونالد ترامب، بالرئاسيات الأمريكية لسنة 2016 مفاجأة ستخلق رجة في المشهد السياسي الأمريكي، كما كذبت في الوقت نفسه كل توقعات وتكهنات مختلف استطلاعات الرأي التي منحت لوزيرة الخارجية السابقة، هيلاري كلينتون، فوزا ساحقا، معلنة عن حظوظ لنجاحها بنسبة 85 في المئة، مقابل 15 في المئة فقط للملياردير النيويوركي.
وأمام حشد من أنصاره، قال الرئيس المنتخب .. "لقد تلقيت اتصالا هاتفيا من وزيرة الخارجية السابقة، هيلاري كلينتون، والتي تكرمت بتقديم التهانئ، وقد قمت بدوري بتهنئتها على الخدمات الجليلة التي قدمتها للولايات المتحدة"، مشددا على أن الوقت حان من اجل الشروع في مسلسل المصالحة الوطنية بعد حملة انتخابية تميزت بالهجمات الحادة المتبادلة بين المعسكرين.
على خلاف باقي المرشحين في الانتخابات التمهيدية والعامة على السواء، عرف دونالد ترامب، الذي قدم نفسه كمرشح مناهض للنظام، كيف يركب على موجة الحنق الواسع لدى قطاع كبير من الناخبين. كما قام بتشخيص دقيق تبين من خلاله أن حظوظه في الفوز بالاقتراع الرئاسي تمر أساسا عبر رفع عدد الناخبين البيض، وهو ما سيسمح له باحتواء أي تصويت مكثف من قبل الأقليات، خاصة من أصول إفريقية ولاتينية، لصالح مرشحة الحزب الديموقراطي.
وتبينت صحة التشخيص خاصة بولايات من قبيل فلوريدا وويسكونسين وأيوا، وأيضا ببنسلفانيا وميتشيغان والتي صوتت لصالح الرئيس باراك أوباما في انتخابات 2012. لقد كان ارتفاع تصويت الناخبين البيض حاسما.
قد يصفه البعض بالشعبوي والمدافع عن السيادة حد الموت، لكن ترامب لعب على وتر حنق الناخبين اليمينيين من وضع الجمود ومن كل ما يتعلق من قريب أو بعيد بحسابات العاصمة واشنطن، حيث لم يفتأ عن التكرار في مختلف خطاباته أنه "يتعين تجفيف مستنقع" حياة سياسية تسير على وتيرة الانقسامات الايديولوجية ضمن الكونغرس، بين الأغلبية الجمهورية بالمؤسسة التشريعية وإدارة الرئيس باراك أوباما.
وأحست الطبقة المتوسطة وعمال الياقات الزرقاء، الذين عانوا من اقتطاعات في أجورهم بسبب الأزمات المالية، أنه تم التخلي عنهم من طرف نظام ونخبة أصبحت "متعجرفة وبئيسة"، وهو المعطى الذي أخذه ترامب في مقاربته من أجل استقطاب أصوات هذه الشريحة الواسعة من المجتمع الأمريكي، التي كانت تصوت في العادة إلى الديموقراطيين، لكنها اليوم اختارت قلبت الموازين لصالحه في عدد من الولايات.
في هذا السياق حيث تواجه الطبقة السياسية اتهامات برفع حدة الاستقطاب في المشهد السياسي وتحاول تقويض التوازن المقدس بين مختلف أقطاب السلطة بالولايات المتحدة، وتنامي الاحساس بانعدام الأمان إلى مستويات قياسية بعد هجمات 11 شتنبر، استغل "ذو دونالد"، كما يناديه أنصاره، عدم الاستقرار الاقتصادي والثقافي والهوياتي لصالحه.
غداة الاخفاق سنة 2012 للمرشح الجمهوري ميت رومني في مواجهة الرئيس أوباما، قامت قيادة الحزب الجمهوري بتشخيص لهذه الصفعة الانتخابية الثانية على التوالي بعد انتخابات 2008، لتصل إلى خلاصة مفادها أن العرض الانتخابي للحزب غير قادر على جذب دعم الاقليات من أصول إفريقية ولاتينية، والتي صوتت لحظتها بكثافة إلى اوباما.
وفي خطاب فوزه، حرص ترامب على مد يده إلى الديموقراطيين والمستقلين طالبا منهم الانضمام إليه من أجل العمل على جعل الولايات المتحدة أفضل، خاصة وأنه سيمسك بزمام السلطة في وقت يتوفر فيه الحزب الجمهوري على الأغلبية بمجلسي الشيوخ والنواب.
وسيخلف ترامب، الذي ولد بتاريخ 14 يوليوز سنة 1946 بنيويورك، الرئيس المنتهية ولايته، باراك اوباما، حيث ستجري مراسم تنصيبه بمعية نائبه، حاكم ولاية إنديانا مايك بينس، يوم 20 يناير المقبل.