الفشل في الدراسة قد يعني التميز ووظيفة مرموقة
بعد فترة طويلة من الزمن وصراع ما بين نفسي وعقلي وصراع مع النمطية العقلية التي يعيش بها مجتمعنا بتراكماته السلبية الموروثة، كثيراً ما أقف مُتسائلاً: لماذا وجهت المدارس بشكل مُركز على تشجيع الطالب على القراءة والدراسة بعيداً عن الممارسة العملية، لماذا غاب عن مدارسنا وأساليب تدريسنا الجانب المهاري؟ تساؤلات عديدة لها أجوبة.
المثال الذي كنّا نسمعه دائماً عندما ستفشل في الدراسة ستكون إنساناً عادياً لا وظيفة لك، وستكون عاملاً أو صاحب محل أو تشتغل أي عملٍ كان، لا أدري ما السر العجيب من وراء حصر النجاح بالوظيفة، أو حصر العلم للحصول على وظيفة فقط.
ويبقى المدرس يُغذي سلبياً من حيث أنه يُحسن صنعاً في طلابه عن قصص النجاح المتعلقة بالدراسة حصراً، لم نسمع يوماً عن نجاح لا يتعلق بالدراسة في غير مدارسنا إلا ما ندر، لم نسمع قصص الذين نجحوا بدراستهم وأعمالهم واستطاعوا أن يوازنوا فقدموا نموذجاً جميلاً رائعاً.
يبقى السؤال على من يقع الدور لنعلّم الأجيال القادمة أن الحياة لا تقتصر على الدراسة فقط، يقع الدور على:
أولاً: التربويون المختصون بشؤون التربية عليهم أن يقدموا رؤية للنجاح متكاملة تتعلق بالجانب العلمي والمهاري والحرفي.
ثانياً: الأسرة لها دور مُهم في هذا الجانب أن تعزز الجانب العملي عند اطفالهم منذ السنوات للحياة تبدأ من المهمات المنزلية البسيطة إلى أن يبدأ بعد سن الرابعة عشرة يزاول أعمالاً جزئية فيما يحب ويهوى.
ثالثاً: المدرس ومقدرته على توظيف المادة العلمية وتحويلها لجانب عملي أو مهاري، والتركيز على رسالة أن العمل ضروري بضرورة القراءة والدراسة.
رابعاً: الإدارات المدرسية التي يقع على عاتقها بث هذه القيمة من خلال مكافأة الطلبة الذين يزاولون الأعمال إلى جانب الدراسة، أو الذين يمارسون هواياتهم مع المثابرة في القراءة، وممكن أن تبدع في اكتشاف الطاقات وتوظيفها عملياً.
إذاً بعد كل هذا الكلام السابق علينا أن نعزز قيمة العمل عند الطالب، وأرى أن يُركز المدرس أو المربي على الجوانب الآتية:
أولاً: العمل أياً كان وعلى الطالب أن يخصص مجموعة ساعات للعمل في المجال الذي يبدع فيه وأن يعرض نفسه على شركات كمتطوع ولو ليوم واحد أسبوعياً.
ثانياً: المهارات بكل صورها المهارية والعلمية والبدنية وتحفيز الطالب على تنميتها وتطويرها، كالألعاب الرياضية والإلقاء والحساب الذهني وغيرها.
ثالثاً: إبداع في الحرفة، الطالب الذي يحب حِرفةً معينة علينا أن نوجهه اليها ونحرص على متابعة تطوير هذه الحرفة بصورة مستمرة.
قد يتساءل البعض: هل هذه دعوة لترك الدراسة؟ بالتأكيد ليست دعوة لترك مقاعد العلم فالعلم هو الأساس وهو محور نهضة الإنسان والأمم، ولكن هي دعوةٌ للموازنة حتى لا يتفاجأ الطالب بعد 16 سنة دراسة بأنه لا يحصل على وظيفة يرى نفسه تائهاً في هذه الحياة لأنه لا يُحسن إلا هذه العلوم التي قرأها، وربما في كثير من الأحيان لا يُحسن توظيفها ولا تسويقها، إذاً علينا أن نعلم أن الدراسة خيار من خيارات الحياة وليست هي خيار الحياة الأوحد، وكذلك النجاح لا يقتصر على الوظيفة بل له مجالاتٌ متعددة على تعدد وتنوع خيارات الحياة.
المقالة الفشل في الدراسة قد يعني التميز ووظيفة مرموقة ظهرت أولا في عربي بوست — ArabicPost.net.