فوائد تدخين الشيشة !!!
مابريس / العربي الماحي
يحتضنها عاشقها في صمت، يضعها في فمه كطفل يلتقم ثدي أمه، عيناه تنظران الى لا شيء في تأمل غريب وهدوء عجيب. يجتذب نفسا عميقا يحتفظ به قليلا ثم يخرجه قرنين من الدخان من فتحتي الأنف، يعقبهما سحابة اخرى من الفم، بجواره يجلس آخرونيفعلون نفس الشيء في صمت مقدس، فيما ينتشر الجو الضبابي حول الجميع.. يتنادى عليها عشاقها بأسماء الفواكه.. تفاحة.. كنتالوب.. أناناس.. ومفردات لغتها الحجر.. النار.. الفحم.. المبسم.. المعسل..
يعرفها بليونا من البشر في العالم، ويرجع تاريخها لأربعمائة عام، ولكنها تقابل بصمت غريب، فمعظم الموسوعات تتجاهلها بالكامل، بينما تناقشها وسائل الاعلام من حيث مشاكلها الاجتماعية التي تعتبر “خطيرة” ومؤثرة. لكن الذي لا يمكن انكاره أن هذه الاداة تستعمل يوميا ولساعات طويلة بواسطة أكثير من مليون انسان من الرجال والنساء في آسيا وأفريقيا وأوربا أيضا، على المقاهي وفي المنازل.. انها “الشيشة”.. ولكن.. هل للشيشة فوائد ؟.. ذلك ما سنتطرق اليه في السطور التالية.
الاستمتاع بالشيشة لساعةٍ واحدة يعرضك لكمية من الدخان توازي إشعال 200 سيجارة، ويتسلل خلالها إلى جسدك كميات هائلة من “اليورانيوم”، وهو المعدن الثقيل ذاته الذي يُخصّب من أجل صناعة القنابل النووية، بنسبة 26 ضعفاً للحد الأقصى المسموح بالتعرض له يومياً، طبقاً للتوصيات العالمية، وذلك حسب ما أكدته دراسة أردنية حظيت نتائجها الصادمة باهتمام وسائل الإعلام العالمية وترجمت نتائجها إلى العديد من اللغات.
الدراسة، التي قام بها باحثون من الجامعة الألمانية الأردنية بالتعاون مع الجمعية العلمية الملكية في الأردن ونشرت نتائجها في الدورية العلمية BMC، كذّبت “الأسطورة العلمية” التي تقول إن مرور الدخان في ماء الشيشة يجعله أقل ضرراً، وأثبتت بتحليلاتٍ مخبرية أن الماء لا يفعل شيئاً سوى أنه يجعل الدخان أكثر برودة.
وأثبتت الدراسة ذلك بلغة الأرقام، حيث جاء فيها: “يستخلص الماء 3% فقط من المعادن الثقيلة في الدخان، كاليورانيوم والرصاص، في حين يستنشق الإنسان 57% من هذه المعادن، ويبقى 40% من المعادن الثقيلة في رماد التبغ المستخدم”.
ويتعرض الإنسان لليورانيوم من خلال ماء الشرب، إلا أن توصيات منظمة الصحة العالمية تقضي بألا يتجاوز تعرض الإنسان لهذا المعدن القاتل الـ30 مايكروغرام في اللتر، في حين أن ساعة واحدة من تدخين الشيشة تعرض الإنسان لـ26 ضعفاً مما يتعرض له من خلال مياه الشرب خلال يوم كامل، وهو ما يزيد من خطر الإصابة بمختلف أنواع الأورام الخبيثة والسرطانات، خصوصاً في الرقبة والرأس.
وتمتص نبته “التبغ” المعادن الثقيلة بنسب مختلفة بحسب التربة التي تزرع فيها. وتشمل هذه المعادن النحاس والحديد والكروم والرصاص واليورانيوم. ويزداد الأمر سوءاً بسبب عدم وجود رقابة على تصنيع التبغ الخاص بالشيشة، والذي ينتشر بالشرق الأوسط خصوصاً، لذا فإن هناك تفاوتاً في نسبة المعادن الموجودة بين نوع وآخر، بحيث إن الدراسة وجدت فروقات ملحوظة بين أربعة أنصاف من أشهر أنواع التبغ الخاص بالشيشة في المنطقة العربية.
وبعد..أكاد أسمع اصواتا لبعض القراء وهو يحتجون متسائلين.. أن عنوان الموضوع هو “فوائد تدخين الشيشة”.. فما هي هذه الفوائد ؟.. في الواقع أنه لا يوجد لتدخين الشيشة أي فوائد، ولكن – أعزائي القراء – هل كنتم ستقبلون على قراءة الموضوع بنفس الاهتمام لو كان عنوانه “مضار الشيشة ؟”