الشاعر والناقد المغربي صلاح بوسريف يصدر”بيانات في حداثة الكتابة”
يوقّع الشاعر والناقد المغربي صلاح بوسريف كتابا جديدا معنوَنا بـ”السّهم والوتَر- بياناتٌ في حداثَة الكِتابَة”، صادرا عن خطوط وظلال للنّشر والتّوزيع، في السنة الجارية 2020.
ويمكن، في سياق قراءة هذا الكتاب النظري أو التنظيري، العودة إلى مجموعِ أعمال صلاح بوسريف النظرية السابقة؛ وعلى رأسها كتاب «حداثة الكتابة في الشعر العربي المعاصر»، الذي كان الأطروحة المركزية لما ذهب إليه من تصوُّر للكتابة، أو لمفهوم العمل الشِّعري.
“والسّهم والوتر” بيانات يعمل فيها بوسريف على “بناء التصورات والمفاهيم الشعرية التي يقتضيها مفهوم الكتابة، في تجافٍ واضح مع «القصيدة»، المفهوم الذي نستعمله، دون مُساءلته، ودون استعادة المعنى والبناء، كما تأصَّل فيهما، أو هما ما قامت «القصيدة» عليه، باعتبارها تشطيراً، وتوازياً، وصدراً يقابله العجز، وهو المعنى المفهومي الذي جاءت منه، إضافة إلى مفاهيم مثل «البيت» و «القافية» وغيرها من المفاهيم التي تعود إلى ماضي الثقافة العربية، في ما حاضرها وحديثها، مغاير ومختلف في الرؤية والتصور، معاً”.
ويتساءل بوسريف: “هل معنى هذا أننا، بطبعنا، نميل إلى المحافظة في التحديث، أو أننا لا نقبل بتسميات تليق بزمننا، واكتفينا بالأسلاف، حتى نحن ندعي تجاوزهم!؟”.
ويزيد الكاتب: “في هذا الكتاب، مفاهيم الشِّعر تخضع للمساءلة والتفكيك والاختبار، كما يسعى الكتاب إلى تكريس مفهوم الكتابة أو حداثة الكتابة، على اعتبار أن الشعر هو مفهوم لا علاقة له بـ«القصيدة»، التي اعتبرناها هي الشِّعر، فيما «القصيدة» هي نوع شعري، والشِّعر هو جامع أنواع”.
وخلخلة الشاعر والناقد صلاح بوسريف هذه “تعبير عن رغبة في الخروج بمفهوم الحداثة من اختناقاتِه، خصوصاً أن الشفاهة والصوت ما زالا هما ما يحكم البنية الأم للشعرية العربية المعاصرة، الخطاب الغنائي المنبري، كما نجد في أعمال تميل إلى الكتابة وتوظيف الصفحة كدال شعري، مثل «الكتاب أمس المكان الآن» الذي بقي الصوت فيه مهيمناً، قياساً بالرموز والعلامات التي تتظافر مع التعبير اللغوي، وكذلك الفراغات والبياضات، وشكل توزيع الجمل والصور والمقاطع من صفحة إلى أخرى”.
ويسترسل بوسريف شارحا: “ليس هذا المهم، بل المهم هو كيف تعمل الكتابة على وضع الصوت كمكون، مثل التفعيلة، وليس هو ما يحكم بناء الخطاب، الذي لم يرق إلى مستوى النص”.
هذان المفهومان يعيد “السهم والوتر” مراجعتهما بدورهما، كاشفا: “التصاق الخطاب بالشفاهة، لأنه جاء من الخطبة والكلام المباشر، أو ما يمكن اعتباره مع ميرلو بونتي بـ «كلام الله»، لأن الله تكلم، ولم يكتب”. وقدوم مفهوم النص “مِنَ النّسج والعمل الذي تتدخل فيه الحياكة بالأصابع، مثل أصابع إرَتْشَنْ، في الأسطورة، التي تُجيد الحياكة بسحر بأصابعها التي مصدر إبداعيّتها”.
ويُثير هذا المنشور الجديد قضايا يرى أنّ على القارئ تأمُّلَها، أو مُحاورتَها، “مِن داخل الشعر، ذاته، ماضيه وحاضره، وبحجة النصوص الشعرية نفسها، وليس بالتشبث بالمفاهيم التي أصبحت عندنا ثوابت، لا تقبل التغيير، لأننا استعملناها، في غفلة منا، دون تفكيكها ومراجعتها ونقدها.”؛ وهو ما يُفهَم به معنى “السهم والوتر”، الذي هو: “إعمال الأصابع في التسديد، من خلال دوال جديدة، أهمها الكتابة التي هي الأفق الشعري الجديد الذي يقترحه الشاعر صلاح بوسريف في عدد من أعماله النظرية والشعرية، التي تقوم على مبدأَي المغايرة والاختلاف”.