الدفاع الروسية تنزع صفة السرية عن وثائق تحرير بولندا
نشرت صحيفة "إيزفيستيا" مقالا بقلم بوغدان ستيبوفوي عن وثائق سرية رفعت عنها وزارة الدفاع الروسية السرية تتناول دعم الجيش الأحمر السوفيتي لانتفاضة وارسو وفي تحرير بولندا.
كتب ستيبوفوي:
رفعت وزارة الدفاع غطاء السرية عن وثائق تعود إلى عامي 1944-1945 عن تحرير بولندا. ويتضح من هذه الوثائق أن الجيش الأحمر السوفياتي دعم بنشاط المشاركين في انتفاضة وارسو، بعكس ما كان ينشر حتى الآن من أن الانتفاضة لم تحظ بدعمه. وإضافة إلى هذا، تكشف الوثائق أن البولنديين استقبلوا الجنود السوفييت كمحررين.
وبحسب هذه الوثائق، تمكن الجيش الأحمر خلال عامي 1944-1945 من تحرير أجزاء كبيرة من بولندا بعمليتين هجوميتين – خطة باغراتيون، التي أوصلت الجيش الأحمر إلى نهر فيستولا، والعملية الاستراتيجية فيستولا–أوديرسك، التي أثمر عنها تحرير وارسو والمناطق الغربية والوسطى لبولندا، بعد مقاومة عنيفة من جانب جنرالات ألمانيا النازية، لعلمهم أن هذا هو أقصر الطرق إلى برلين.
يقول المدير العلمي للجمعية العسكرية-التاريخية الروسية ميخائيل مياغكوف إن "الجيش الأحمر فقد في هذه المعارك فقط أكثر من 600 ألف عسكري. وقد أعلنت الخارجية السوفياتية حينها أن الجيش الأحمر يدخل إلى الأراضي البولندية، الدولة الحليفة والصديقة، فيما ساهم جيشان بولنديان إلى جانب الجيش الأحمر في تحرير بولندا".
يشير مسؤول التوجيه السياسي في الجبهة الأوكرانية الأولى اللواء ياشيتشكين إلى أن "معظم سكان المدن والبلدات استقبلوا جنود الجيش الأحمر كمحررين، وكانوا يدعونهم إلى بيوتهم لتقديم الطعام إليهم ولكي يأخذوا قسطا من الراحة".
وقد تضمن التقرير، المؤرخ في 23 يناير/كانون الثاني 1945، والذي رفعه رئيس قسم التوجيه السياسي للفرقة 60 العقيد بوغوريلي، الأسباب التي جعلت الناس في بولندا تكره المحتل، ومن بينها غلق المدارس والكنائس واعتبار الفلاحين "خنازير بولندية"، وكذلك جلد كل بولندي لا يرفع قبعته في حضور أي ضابط ألماني.
ومن بين الوثائق، التي رفع عنها غطاء السرية – الرسالة التي وجهها قائد الفيلق البولندي الأول اللواء زيغمونت بيرلينغ إلى ستالين، والتي جاء فيها: "سيبقى خالدا في قلب الشعب البولندي إلى الأبد شكرنا لحليفنا الشعب السوفياتي العظيم".
iz.ru رسالة اللواء البولندي زيغمونت بيرلينغ إلى ستالين
وبالطبع لم يكن كل شيء سهلا. فبحسب تقرير قسم التوجيه السياسي للجبهة البيلاروسية الأولى، كان هناك بعض البرود والتحفظ من جانب سكان وارسو تجاه الجيش الأحمر، وذلك بسبب الإشاعات التي كان ينشرها الموالون للحكومة البولندية في بريطانيا.
وبالعودة إلى انتفاضة وارسو، يضيف ميخائيل مياغكوف: "حاليا يتهم الجيش الأحمر بأنه لم يقدم الدعم اللازم إلى انتفاضة وارسو. لقد صدرت الأوامر إلى قوات الجيش الأحمر باتخاذ مواقع دفاعية قبل انطلاق الانتفاضة، حيث بعد تحرير بيلاروس وبعض مناطق بولندا لم تعد لدى الجيش الأحمر القوة الكافية لعبور نهر فيستولا. وقد قررت الحكومة البولندية في المنفى موعد انطلاق الانتفاضة، وكان ثمن ذلك وقوع ضحايا بشرية كبيرة".
هذا، وتكشف وثائق وزارة الدفاع الروسية حجم المساعدات التي قدمها الجيش الأحمر إلى المنتفضين في وارسو، ومن بينها منع وصول الطائرات الهتلرية إلى أجواء وارسو، إضافة إلى المواد الغذائية والأسلحة والذخيرة ومضادات الدبابات التي قدمت إلى المشاركين في الانتفاضة.
كما أن وحدات الجيش الأحمر بدأت بعد تحرير وارسو بإزالة الألغام والعبوات الناسفة الموضوعة تحت الجسور وعلى طرق النقل. وسلم الاتحاد السوفياتي مدينة وارسو 60 ألف طن من القمح. وقد تم تجهيز المدينة بكل شيء بما في ذلك النفط والملح والخيوط. كما صدرت الأوامر بمنع حركة الدبابات والجرارات على الطرق البولندية المعبدة.
إلى ذلك، توضح هذه الوثائق صورة وارسو بعد التحرير، حيث المئات من جثث البولنديين الذين قتلهم الألمان مرمية في الخنادق المحاذية للطرق. وقد كتب مارشال الاتحاد السوفياتي غيورغي جوكوف في تقريره أن الهتلريين دمروا بوحشية سادية الأحياء السكنية الواحد تلو الآخر. أما الجنود فكتبوا بعد أن شاهدوا بيلاروس المحترقة: "لم نشاهد قط مثل هذا الفقر الذي يعيشه البولنديون".
ترجمة وإعداد: كامل توما