الحراك العراقي والسلطة يسيران في مساران متقاطعان قبل التصويت على الحكومة

0

تسير جماعات الحراك العراقي وقوى السلطة وأحزابها في مسارين متقاطعين لجهة النظر إلى مستقبل البلاد بشكل عام، وعملية التصويت المحتملة على حكومة رئيس الوزراء المكلف محمد توفيق علاوي غدا الإثنين، بشكل خاص، الأمر الذي قد يساهم في تعزيز المخاوف القائمة من عدم تمكن البلاد من عبور أزمتها الراهنة في حال أصرّ الطرفان على التمسك بمواقفهما المتناقضة.

وفيما تتصارع قوى السلطة على حصصها الوزارية في الحكومة المقبلة مع التذرع بشتى الأعذار، تتخذ غالبية قوى الحراك موقفا متشددا من حكومة علاوي وتهدد بالتصعيد ضدها في حال إقرارها برلمانيا. وأطلقت جماعات الحراك في الأيام الأخيرة حملة واسعة للخروج بتظاهرات حاشدة بعد غد، أي في اليوم التالي للتصويت المفترض على حكومة محمد توفيق علاوي.

التقاطع بين قوى السلطة والحراك، انعكس على شكل انتقادات وجهها الأخير لشخصيات وقوى سياسية تحدثت باسمه، حيث جوبهت بالرفض “التغريدة” التي أطلقها النائب محمد الكربولي عن “اتحاد القوى” السنية والتي أعلن فيها “الانحياز الكامل للشعب ولمطالب المتظاهرين الرافضة لتمرير حكومة المكلف علاوي”، وفهم كلام الكربولي على نطاق واسع داخل جماعات الحراك بوصفه “طريقة للابتزاز والحصول على مناصب في الحكومة الجديدة عبر التذرع بمطالب المتظاهرين”. ولاحظ مراقبون وناشطون، أن “اتحاد القوى” وقياداته لم ينشط في الدفاع عن المتظاهرين برغم تعرضهم لشتى أنواع الترويع والعنف طوال الأشهر الخمسة الماضية، إلا بعد تعرض مناصب الاتحاد الوزارية إلى الخطر في الحكومة المقبلة.

جماعات الحراك انتقدت أيضا، بيان رئيس مجلس النواب محمد الحلبوسي في سياق اعتراضه على التصويت على حكومة علاوي الذي قال في جزء منه: إن “العراق نزف كثيرا خلال الأشهر الماضية وينبغي أن يكون هناك موقف واضح من قبل القوى السياسية للخروج برؤية واضحة تلبي مطالب المتظاهرين”. ووضعت جماعات الحراك بيان الحلبوسي في ذات الإطار المتعلق بسعي الزعامات السنية إلى الحصول على “نصيب المكون” في الحكومة الجديدة، لكن بذريعة دعم المطالب الشعبية.

موقف جماعات الحراك ذاته، ينطبق على الموقف من تغريدة زعيم “التيار الصدري” مقتدى الصدر التي أطلقها أمس، ولوح فيها بمحاصرة المنطقة الرئاسية (الخضراء) في حال لم يتم التصويت على حكومة علاوي، حيث تنظر جماعات الحراك إلى موقف الصدر باعتبار أنه موقف زعيم تحالف سياسي نافذ، هو تحالف “سائرون” الداعم لرئيس الحكومة الجديدة، في مقابل رفض غالبية ساحات التظاهرات لتكليفه.

وفي هذا الإطار، يقول الناشط في ساحة التحرير ببغداد محمد الازيرجاوي، إن “موقف الساحة رافض تماما لتولي محمد علاوي، لذلك منذ أيام ونحن نحضر للرد على ذلك بمظاهرة يوم 25 الجاري”. ويؤكد الازيرجاوي في حديث لـ”الشرق الأوسط” أن “ساحة التحرير وبقية الساحات غير معنية بدعوة الصدر للخروج بمظاهرة مليونية للضغط بهدف تمرير حكومة علاوي التي نرفضها جملة وتفصيلا”. ويضيف أن “قوى السلطة وأحزابها ما زالت تريد الإتيان برئيس وزراء طبقا لمقاساتها ومصالحها، وهي غير معنية بمطالب الحراك مهما بلغت ادعاءاتها، لذلك لن يقبل الحراك إلا بشخصية وطنية لا تمت للأحزاب بصلة ولا تخرج من تحت عباءتها”.

وعن أسباب تحديد الخامس والعشرين من الشهر الجاري للمظاهرة، يقول الازيرجاوي: إنه “حدد تيمنا بتظاهرات 25 فبراير (شباط) عام 2011 ضد حكومة نوري المالكي، وتاريخ 25 أكتوبر (تشرين الأول) الماضي الذي انطلقت فيه التظاهرات الاحتجاجية الحالية، وأيضا لأنه يأتي بعد يوم من تصويت البرلمان المفترض على حكومة علاوي”.

ويتفق الناشط والمحامي في واسط سجاد سالم على عدم اتفاق جماعات الحراك مع دعوة مقتدى الصدر وإصرارها على زيادة التصعيد ضد حكومة رئيس الوزراء المكلف والخروج بتظاهرات حاشدة الثلاثاء. ويقول سالم لـ”الشرق الأوسط”: “لن نخرج مع أتباع الصدر في تظاهراتهم المرتقبة إن وقعت، هم يريدون تمرير حكومة علاوي ونحن نرفض ذلك”. وكشف سجاد عن “قيام جماعات الحراك في الأيام الأخيرة وفي جميع الساحات بتنسيق جهودها لتصعيد الضغط على السلطات وقواها”.

وحول ما تناقله ناشطون، أمس، عن الاعتداء الذي تعرض له الناشط من مدينة الناصرية علاء الركابي بعد حضوره إلى ساحة الاعتصام في الكوت، يقول سالم: “حضر الدكتور الركابي إلى ساحة اعتصام الكوت بهدف تنسيق المواقف، لكن عناصر من أتباع التيار الصدري اعترضوا على وجوده ورفضوا زيارته، لكنهم لم يعتدوا عليه”.

وفيما أفاد ناشطون عن تعرض ساحة الحبوبي في الناصرية إلى إطلاق نار من مصادر مجهولة لم توقع إصابات بين صفوف المتظاهرين، منعت القوات الأمنية، أمس، وفد ناشطين من النجف من دخول المدينة.

من جهتها، وصفت شرطة محافظة ذي قار الوفد النجفي بـ”عناصر تخريبية” جاءت لإثارة “الفوضى”.

وقالت الشرطة في بيان: إن “جميع أجهزة شرطة ذي قار تعمل لتشديد الحماية للمتظاهرين ومنع أي خروقات محتملة”. وبحسب البيان، فإن التنسيقيات في المدينة “طالبت قائد شرطة ذي قار بعدم السماح للقادمين من النجف الدخول إلى المحافظة كونهم عناصر مسيئة ومنبوذة وتريد إحداث الفوضى والبلبلة وقد تعرض حياة أبنائنا للخطر أو جرهم في أمور لا يحمد عاقبتها”.

وفي إطار جهوده المتواصلة منذ أسابيع في دعم الحراك الاحتجاجي، قال رئيس الوزراء الأسبق إياد علاوي إن “العراق على موعد جديد مع أبنائه، لتجديد الولاء والانتماء، العراقي سيد نفسه ولن يأبه لحملات القمع والخطف والقتل والترويع”. وأعرب علاوي في تغريدة عبر “تويتر”، أمس، عن دعمه للتظاهرات المرتقبة بعد غد، معتبرا أنها “ستكون أفضل ردٍ على سياسات المحاصصة والفساد ودكاكين الاستقواء بالميليشيات أو الارتهان للنفوذ الخارجي”.

 

اترك رد