الحجاج يتوجهون إلى جبل عرفات في أجواء حارة لأداء الركن الأعظم
بدأ الحجّاج بالصلاة والدعاء عند جبل عرفات قرب مكة المكرمة منذ فجر الثلاثاء، في ذروة مناسك الحجّ التي يتوقع أن تسجّل أعدادا قياسية هذا العام في أجواء شديدة الحرارة.
وأمضى الحجّاج، وعددهم يناهز مليوني حاج، الليل في مخيّمات مكيفة في وادي منى، على بُعد سبعة كيلومترات من المسجد الحرام في مكّة المكرّمة، أقدس مدن المسلمين.
وفي الساعات الأولى من فجر الثلاثاء، توجّهوا إلى منطقة عرفات، حيث ألقى النبي محمد خطبته الأخيرة، لأداء الركن الأعظم من الحجّ.
وسيبقون طوال اليوم في الموقع نفسه، يصلّون ويبتهلون ويتلون القرآن الكريم، والكثير منهم سيعتلي جبل الرحمة ويجلس بين صخوره.
وبعد غروب الشمس، يتوجّه الحجّاج إلى مزدلفة، في منتصف الطريق بين عرفات ومنى، ليبيتوا في الهواء الطلق، قبل بدء رمي الجمرات الأربعاء، أول أيام عيد الأضحى.
ولا تزال المعلمة المصرية تسنيم جمال (35 عاما) لا تصدق أنها ضمن الحجيج هذا العام بعد محاولات سابقة باءت بالفشل.
وقالت الشابة التي تعيش في المملكة: “لا يمكنني وصف مشاعري؛ أعيش فرحة كبيرة”. واستفادت جمال التي جاءت رفقة صديقاتها من قرار السلطات السعودية إلغاء شرط وجود مرافق رجل مع النساء.
يُقام موسم الحجّ هذا العام بدون أي قيود من ناحية أعداد الحجاج أو أعمارهم، بعد ثلاثة أعوام من تنظيم حج محدود على خلفية تفشي جائحة “كوفيد”.
وعادةً ما يكون الحجّ أحد أكبر التجمّعات الدينيّة السنويّة في العالم، وهو من بين أركان الإسلام الخمسة، ويتوجّب على كلّ مسلم قادر على تأديته أن يقوم به مرّةً واحدة على الأقلّ.
في 2019، شارك نحو 2,5 مليون مسلم من جميع أنحاء العالم في المناسك. لكنّ تفشي فيروس كورونا أجبر السلطات السعوديّة على تقليص الأعداد إلى حدّ كبير، فشارك فيها فقط 60 ألف مواطن ومقيم عام 2021 مقارنة ببضعة آلاف عام 2020، و926 ألف حاج في 2022.
فرصة لا تتكرر
قد يُصبح الحجّ مرهقًا جسديًا، حتّى في الظروف المثاليّة.
ويؤدي الحجاج المناسك، والكثير منها في الهواء الطلق، تحت شمس حارقة وفي أجواء خانقة، تتسبب في كثير من الأحيان في ضربات شمس وحالات إعياء، إضافة إلى توقف عضلة القلب، حتى إن الهواتف الذكية تتوقف عن تأدية بعض المهام ما لم “تبرد”.
وتوقع المركز الوطني للأرصاد أن تتراوح درجات الحرارة في مكة بين 43 و45 درجة نهارا خلال موسم الحج.
وأقامت السلطات الكثير من المرافق الصحّية والعيادات المتنقّلة، وجهّزت سيّارات إسعاف ونشرت 32 ألف مسعف لتلبية احتياجات الحجّاج. وحذرت الحجاج من التعرض “لضربات الشمس”.
وتحمل بعض مناسك الحج مشقة، إذ لا يمكن للرجال وضع قبّعات منذ لحظة الإحرام ونيّة الحجّ.
وخلال هذا الأسبوع، شوهد كثيرون في المسجد الحرام يحمون أنفسهم بالمظلات وسجّادات الصلاة والأوراق المقوّاة، فيما تُغطّي النساء رؤوسهنّ بالحجاب.
وعند جبل عرفات، بكى حجّاج وهم يصلّون، وقد حملوا مظلات استعدادًا لارتفاع درجات الحرارة في وقت لاحق من اليوم.
وقبل توجهّه إلى عرفات، أعرب المهندس الأميركي أحمد أحمدين (37 عاما) عن سعادته لأن “الله اختاره من بين ملايين” المسلمين لأداء الحج.
وقال بحماس: “أحاول التركيز في الدعاء لأهلي وأصدقائي والصلاة لأنها فرصة لا تتكرر”.
والأربعاء، يُشارك الحجّاج في رمي الجمرات، آخر أهمّ المناسك-وقد أدّت في السنوات الماضية إلى عمليات تدافع مميتة-قبل أن يتوجّهوا إلى المسجد الحرام في مكّة لأداء “طواف الوداع” حول الكعبة، في أوّل أيّام عيد الأضحى.
على مر العقود، وقعت كثير من الحوادث راح ضحيتها المئات بسبب عمليات التدافع في الأماكن الضيقة. لكنّ لم تسجل أي حوادث كبيرة منذ العام 2015 حين تسبّب تدافع أثناء شعائر رمي الجمرات في منى قرب مكة في وفاة نحو 2300 من الحجيج في أسوأ كارثة على الإطلاق في موسم حج.
وقامت السلطات السعودية بعدها بتشييد مبنى ضخم متعدد الطوابق مخصص لرمي الجمرات لتفادي أي ازدحام أو حوادث.
أ ف ب