مابريس.تيفي/ تيفلت/ عبد السلام أحيز ون. (ع.د: نورالدين الشضمي)
عاشت مدينة تيفلت يوم أمس(الثلاثاء)يوما اسودا بما تحمله الكلمة من معنى وساعات من الجحيم،عرفت محاولة انتحار باءت بالفشل لأحد الباعة المتجولين المختص في بيع الهواتف النقالة والذي تحدث عن الحكرة التي تعرض لها من طرف عميد شرطة يتهمه باستغلال النفوذ والشطط في استعمال السلطة واحتجاجات لبعض مواطني المدينة وفوضى عارمة وتخريب لم يصدقه البعض وسانده البعض الأخر واعتقالات من طرف قوات الأمن بمختلف تلا وينها…. التي حطت الرحال من المدينة ومن المدن المجاورة… بغية السيطرة على الوضع الأمني.(مابريس.تيفي)التي كانت حاضرة في قلب الحدث،تعيد سيناريو(الثلاثاء الأسود) بالصورة والكلمة والذي لن ينساه ساكنة تيفلت مهما طال الزمان والتي جاءت أحداثه متتالية وسريعة استغلها البعض لتمرير خطاباته واستنكرها البعض الأخر،باعتبار أن المدينة في غنى عن مثل هذه الأحداث المحزنة والتي كانت ستخلف ضحايا وقتلى لولا الألطاف الربانية…….
البداية…..
أقدم شاب يبلغ حوالي 34 سنة متزوج والمعروف لدى أصدقائه ب(السوسي)ويعمل كبائع للهواتف النقالة بشارع محمد الخامس قرب وكالة بنكية،على تسلق احد الأعمدة الحديدية الخاصة بالاتصالات والمتواجدة فوق سطح المصلحة الأمنية بتيفلت،مهددا بالانتحار ووضع حد لحياته وذلك حوالي الساعة الثالثة بعد الزوال، حاملا معه هاتفه النقال وقنينة ماء مرتديا (جكيط) حمراء اللون، مطالبا بحضور الوكيل العام للملك بالرباط بغرض الاستماع إليه في شكواه التي تحدث عنها مع كل من حاول إقناعه بالعدول عن فعلته والنزول وإيجاد حل لمشكلته. وبعد دقائق معدودة، تجمهرت الجماهير التيفلتية أمام مقر مفوضية الأمن وهم يتفرجون على مشهد من الأفلام الهوليودية الغير المتوقعة لدى ساكنة المدينة التي لازالت تساير من اجل إخراجها من جب النسيان والتهميش الذي طالها لسنوات عديدة.( السوسي)،رغم إحضار أسرته الصغيرة وزوجته وابنه وأصدقائه للحديث معه لكي لايقوم بعملية الانتحار التي باءت بالفشل في أخر المطاف،كان عنيدا لأقصى الحدود ولم يستمع لكل من تدخل من مسؤولين ومنتخبين وحقوقيين،مؤكدا أن مطلبه الوحيد هو حضور الوكيل العام للملك للنظر في شكايته ضد احد المسؤولين الأمنيين الذي يتهمه بالشطط في استعمال السلطة والحكرة التي تعرض لها من طرفه……
حضور مسؤولين كبار.
مشهد التهديد بالانتحار من طرف(السوسي)، استنفر جميع الأجهزة الأمنية المحلية والإقليمية التي حضرت إلى عين المكان ودخلت في مفاوضات مباشرة مع المعني بالأمر الذي كان يتواصل معهم هاتفيا وأحيانا عبر الحديث إليهم ودلك تحت أنظار الجماهير المحلية التي كانت من حين لأخر ترفع شعارات تطالب بالحرية والعدالة والمساواة، والتي كان يرد عليها (السوسي) انه محكور وانه كره الحياة في ظل أوضاعه المادية الخانقة وحياته وما تعرض له من شطط. ورغم قدوم نائب وكيل الملك بمحكمة تيفلت للحديث معه، إلا انه رفض مؤكدا على حضور الوكيل العام إضافة إلى تدخلات أسرته لعشرات المرات وأصدقائه لكن دون نتيجة تذكر. المسؤولين بمختلف رتبهم، كانوا يبحثون عن كل معلومة تخص المعني بالأمر وعن الشكاية التي تقدم بها للقضاء،مؤكدين له أن عليه النزول من فوق العمود الذي تسلق إليه، وإيجاد حل لوضعيته وشكايته. لكن بعض التدخلات من الجماهير التي كانت هناك، تطالبه بالبقاء وعدم النزول أربكت الجميع وزادت من تعميق الأمور وتازيمها لساعات عديدة وصلت إلى أزيد من أربع ساعات كاملة.وهو الأمر الذي أدى إلى وقوع مناوشات مابين المواطنين ورجال الأمن الذين كانوا يتدخلون لتهدئة الأمور وفسح المجال لسيارة الإسعاف للولوج إلى مقر المفوضية وكدا شاحنة الوقاية المدنية التي تبين أن وسائلها جد محدودة للتدخل في مثل هذه الحالات الخطيرة…
ساعة تلوى ساعة.
بعدما مرت ساعة تلوى ساعة، واتضح للمسؤولين أن (السوسي) مصر على مطلبه وعدم رغبته للعدول عن فعلته التي تابعتها المئات من الجماهير المحلية بمختلف أعمارهم، وتيقنوا أن المعني جد مصر على قدوم الوكيل العام للملك رغم التدخلات التي قامت بها الأجهزة الأمنية الإقليمية والمحلية، تم اتخاذ قرار أخير، يصبو إلى الاستعانة ب( البونج) في المكان الذي يوجد تحت(السوسي) ورشه بالماء لإسقاطه مادام أن الوصول إليه يبقى مستحيلا ويشكل خطرا عليه وعلى من كان سوف يقوم بعملية الصعود اتجاهه من طرف رجال الوقاية المدنية، اقتنع (السوسي) أن لامفر له سوى النزول والعدول عن فكرة الانتحار،وهو الأمر الذي استحسنه الجميع ممن تابعوا حلقة من (ساعة الجحيم) التي عرفتها المدينة آنذاك. قام بمفرده بالنزول، لكن سقوطه أدى إلى إصابته بكسر مزدوج في رجله، حثم نقله على وجه السرعة إلى مستشفى ابن سينا بالرباط لتلقي العلاجات تحت حراسة أمنية مشددة عليه. لكن المفاجأة الغير المنتظرة،هي قيام بعض الشبان برشق مقر الأمن بالحجارة والهجوم على رجال الأمن المحليين وإصابة البعض منهم.وهو الأمر الذي أدى إلى اندلاع فوضى خطيرة وتخريب لممتلكات الغير من سيارات والتي وصل عددها إلى عشرة،وتخريب واجهة إحدى الوكالات البنكية ومخدع هاتفي وكسر زجاج سيارة رجل سلطة وأخرى تابعة للمصلحة الأمنية وسيارة إسعاف خاصة كانت على متنها امرأة حامل….
فوضى وإنزال امني.
لم يخطر ببال المسؤولين أو المواطنين،أن نهاية (الثلاثاء الأسود) بتيفلت ستكون أكثر من بدايتها،بعدما عمد العديد من الشبان بمختلف أعمارهم لاستعمال الحجارة ورشق واجهات المقاهي وسيارات الأمن،وهو الأمر الذي زاد عن حده، أدى إلى طلب تعزيزات أمنية من الخميسات وسيدي علال البحراوي التي نزلت إلى عين المكان وبدأت عملية الكر والفر والاعتقالات التي وصلت إلى 13 شابا تم اعتقالهم والتخريب الغير المفهوم الذي اقلق كل الغيورين عن هذه المدينة العزيزة والذين طالبوا بعدم إحداث الفوضى،لكن مع إعمال مبدأ المحاسبة وعدم الإفلات من العقاب لكل مسؤول امني أو غيره سولت له نفسه الاعتداء على الآخرين واستعمال الشطط في السلطة واستغلال منصبه الوظيفي للانتقام من الآخرين……………
مدينة في حاجة إلى عناية
إن الفوضى لا تولد سوى الفوضى والمقاربة الأمنية الصادمة من طرف بعض المسؤولين،لن تجدي نفعا في مدينة تطالب برفع التهميش عنها لسنوات عديدة، بإيجاد حلول واقعية لآفة البطالة التي تنخر أبنائها وبناتها والتي زادت من تعميق الأوضاع الاجتماعية والاقتصادية إلى ابعد الحدود، سوى بوضع إستراتيجية محكمة وعاجلة،لإخراج المجال الصناعي لعين الجوهرة إلى حيز الوجود وإعطاء الأولوية القصوى لأبناء المدينة والنواحي والإقليم الزموري للعمل بالشركات التي قيل أنها ستحط الرحال بالمجال الصناعي لعين الجوهرة لسنوات عديدة….. فهذا الحل والمطلب هو الكفيل بإعادة الثقة لساكنة تيفلت المجاورة لعاصمة المملكة الرباط والتي توجد في موقع استراتيجي الغنية بثرواتها الفلاحية والغابوية والطبيعية والتي أصبحت محلا لاستقرار العديد من المواطنين من مختلف مدن المغرب،نظرا لكرم أهلها ولتوفر المعيشة بشكل لاباس به،لكن غياب فرص الشغل وغياب معامل ومصانع والضرب بيد من حديد على المفسدين خاصة بعض المنتخبين الذين عمروا طويلا في التسيير دون فائدة تذكر لن يزيد الوضع إلا تشاؤما ويأسا والنظر إلى الغد بنظرة كلها خوف وخيبة أمل…… فهل من مجيب?!???