الباقورة والغمر أراضٍ أردنية.. الملك الأردني يعلن عدم تجديد ملحقين من اتفاقية السلام مع إسرائيل
أعلن العاهل الأردني، الملك عبد الله الثاني، الأحد 21 أكتوبر/تشرين الأول 2018، أنَّه لا يعتزم تجديد ملحقين من اتفاقية السلام مع إسرائيل حول الباقورة والغمر ، التي أُبرِمت قبل 24 عاماً، وذلك في ظل ضغوط شعبية للرد على نقل السفارة الأميركية إلى القدس.
ونشر الحساب الرسمي للملك عبدالله الثاني على تويتر تغريدة، تضمنت إعلام إسرائيل بقرار الأردن إنهاء العمل بالاتفاقية.
وبحسب بيان الديوان الملكي، قال الملك: » الباقورة والغمر أراضٍ أردنية، وستظل أردنية، وسنمارس السيادة الكاملة على أراضينا».
تغريدة الملك، التي كانت تصريحاً خلال لقائه شخصيات سياسية أردنية في قصر الحسينية، أنهت جدلاً شعبياً واسعاً ولاقت ترحيباً على مختلف المستويات بالأردن.
» قرار تاريخي وحكيم حول الباقورة والغمر»
وتعود قصة الباقورة والغمر إلى عام 1926؛ عندما منح المندوب السامي في الأردن الشركة الكهربائية الفلسطينية المحدودة حق الامتياز بإقامة مشروع لتوليد وتوزيع الكهرباء لمدة 70 عاماً في منطقة (فلسطين وشرق الأردن)، وهو ما عُرف باسم مشروع روتنبرغ، وتشير المراجع إلى تنازل الحكومة الأردنية عن 6 آلاف دونم لمصلحة هذه الشركة، التي كان يملكها بنحاس روتنبرغ، وهو صهيوني روسي من مؤسسي عصابة الهجانا الصهيونية.
قرار إنهاء العمل بالاتفاقية الذي أعلنه الملك عبد الله، لا يعني عودة الأراضي إلى الحضن الأردني؛ إذ تنص بنود الاتفاقية على أن ذلك يتطلب مشاورات بين الطرفين، وفي حال لم تصل هذه المشاورات إلى نتيجة يتم اللجوء إلى التحكيم الدولي.
المحامي الأردني راتب النوايسة قال في تصريحات صحافية، إن إسرائيل ستضغط باتجاه الذهاب إلى التحكيم الدولي؛ بسبب تكلفته العالية التي تصل إلى مئات الملايين من الدولارات، ويستغرق عدداً من السنوات، الأمر الذي يشكل ضغطاً على الأردن؛ نظراً إلى موارده المحدودة.
الملك عبد الله أعلن نهاية اتفاق وادي عربة / رويترز
الإسرائيليون يطالبون بتمديد «اتفاق وادي عربة «
وتنتهي مدة التأجير في 25 أكتوبر/تشرين الأول ؛2019 ومن ثم تلغى مباشرة الترتيبات الخاصة كافةً التي نص عليها ملحق ب/1 من اتفاقية «وادي عربة» دون مفاوضات، مع احترام أي ملكية خاصة شرعية للأجانب، ولكن تنطبق على هؤلاء الأجانب وعقاراتهم أحكام التشريعات الأردنية، فلا يدخل أرض الباقورة دون تأشيرة دخول، ويخضع جميع من فيها للتشريعات الأردنية، ومن ضمنها الجمركية والجنائية (العقوبات)، ولا يدخلها جيش ولا شرطة لدولة أجنبية بسلاح أو من دونه.
بدوره، ردَّ رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، على تصريحات الملك عبدالله الثاني، بأنهم سيطلبون من الأردن تمديد الاتفاقية، في وقت قال وزير الخارجية وشؤون المغتربين أيمن الصفدي، إن الأردن لم يتلقَّ طلباً رسمياً من الحكومة الإسرائيلية لإجراء مشاورات حول تمديد العمل بملحقي الباقورة والغمر.
وقال النائب السابق والكاتب الصحافي المتخصص بالشأن الفلسطيني والإسرائيلي حمادة فراعنة، لـ «عربي بوست»، إن «الأردن يملك أوراقاً أقوى منهم، فالأرض أردنية وهم يُقرون بذلك، وبنود الاتفاق تُجيز الإلغاء، مثلما تُجيز التجديد بعد مرور 25 عاماً».
وأضاف أن الأوراق الملعوب بها ستكون سياسية بامتياز، وهذا «مصدر قوتنا وفهمنا وعلاقتنا، وإمكانات التسلل الاستخباراتي للتأزيم الإسرائيلي مكشوفة، ولا أوراق إسرائيلية عندنا، ولكننا نملك أوراقاً أردنية عندهم، وأولها شعبنا العربي الفلسطيني على الأرض الفلسطينية بالكامل».
وقد تلجأ إلى سياسة الأرض المحروقة
من ناحيته، قال أستاذ القانون الدولي الوزير السابق أمين المشاقبة، إن إسرائيل قد تماطل في مفاوضاتها بشأن تمديد ملحقي الباقورة والغمر، بهدف التأثير والضغط على قرار الأردن.
وأكد أن الأردن يحتاج دعماً دولياً أمام الرأي العام العالمي من خلال جامعة الدول العربية، ولا سيما أن إسرائيل قد تعمل بعقلية تسليم الأراضي محروقة خالية من أي منشآت أو مزارع.
لميس أندوني، الكاتبة الصحافية والخبيرة في الشأن الفلسطيني، قالت لـ «عربي بوست»، إن الأصل في الباقورة والغمر أنهما ليستا من خطة تقسيم فلسطين بقانون الأمم المتحدة رقم 81، فخارطتهم ليست من ضمنها هاتان المنطقتان.
وأضافت أندوني: «إنْ كان بيع الباقورة تم لليهود، فهو قبل إنشاء إسرائيل، وكان عام 1924، ما يعني أن الملكية لليهود وليس السيادة، فحتى القانون الدولي يؤكد سيادة الأردن على تلك الأرض، وهذا مؤشر القوة الذي لا يجب الاستهانة أو التفريط فيه».
وأكدت: «حتى إن معاهدة وادي عربة (المجحفة) بيَّنت وأكدت سيادة الأردن على الباقورة والغمر».
وبيَّنت الكاتبة الصحافية أن «الواجب معرفته أن شراء أراضٍ من قِبل أي جنسية لا يعني انتماءها إلى سيادة دولته، يعني إن اشترى أحد يحمل الجنسية العراقية على سبيل المثال، أرضاً في عمّان فهذا لا يعني أن الأرض باتت تحت السيادة العراقية».
تنازلت الحكومة الأردنية عن 6 آلاف دونم لمصلحة تالشركة، التي كان يملكها بنحاس روتنبرغ/ Social media
التحكيم الدولي هو الحل
وأكدت أنهم ينتظرون العام المقبل (2019)، الذي يُفرض على الأردن التجهيز التام وخوض معركة لاستراجاع الأرض، استناداً إلى القانون الداعم وهو القانون الدولي، وما تضمنته اتفاقية «وادي عربة»، بعيداً عن بعض الأفراد الذين يشككون في ملكية الأرض وسيادتها لصالح الأردن.
وأشارت إلى أن «كل ما حدث مع القدس وفرض إسرائيل سيطرتها واحتلالها عليها، وما زالت وستبقى القدس عربية، وهنا ما زلنا، وسنطالب بالطرق كافة لإرجاع الباقورة والغمر، وبنفَس طويل استرجاع السيادة والسيطرة على الأرض الأردنية».
ووصفت خطوة الملك بالمهمة سياسياً، فالسيادة أردنية وإن كانت اليوم الملكية ليست للأردن.
المحامية والناشطة نور الإمام قالت إن الحكومة نفذت رغبة الملك بإشعار الإسرائيليين بعدم التجديد؛ لذا فالأصل تشكيل لجنة لكلا الطرفين، وخلال سنة من الآن، تصدر اللجنة قرارها بأحقية رجوع الباقورة والغمر، وإن لم يتم ذلك يكون هناك تحكيم دولي.
وقال شاؤول مشعال، أستاذ السياسة والتاريخ الأردني والفلسطيني بجامعة تل أبيب: «من وجهة نظري، هذا الأمر لا يمثل تغيُّراً جذرياً كما يبدو. فمن الناحية التاريخية، العلاقة بين إسرائيل والأردن علاقة ممتدة منذ سنوات طويلة، وببساطة لا يمكن أن يوجد الأردن من دون إسرائيل».
وأوضح أنَّ نتنياهو -على الأرجح- كان على علم بهذا القرار مسبقاً، وأنَّه قرار «رمزي، أكثر من أي شيءٍ آخر، لكسب تأييد المعارضة».
وقال عوديد عيران، سفير إسرائيل السابق لدى الأردن: «لستُ مندهشاً من أي تطور في العلاقات بين الدولتين». واستدرك: «لكن الأردن يواجه بعض المشكلات فيما يتعلق بالمياه والطاقة، إضافة إلى وجود 1.5 مليون لاجئ سوري على أراضيه. وتشير هذه المعطيات إلى أنَّه من مصلحة الأردن الاستمرار في الالتزام بمعاهدة السلام».
The post الباقورة والغمر أراضٍ أردنية.. الملك الأردني يعلن عدم تجديد ملحقين من اتفاقية السلام مع إسرائيل appeared first on عربي بوست — ArabicPost.net.