ميرا ضاهر تُعلن بذلها مجهودًا كبيرًا لتسهيل عودة اللبنانيين من روما إلى بلادهم
كشفت سفيرة لبنان لدى إيطاليا ميرا ضاهر، عن الأزمات التي واجهت المواطنين اللبنانيين المقيمين في إيطاليا مع تفشّي وباء فيروس “كورونا” وحصده أرواح الآلاف، وأكّدت أنها كانت على تواصل دائم مع اللبنانيين بمَن فيهم الطلاب الذين اعتبرتهم أولادها لتسهيل الأمور عليهم.وقالت سفيرة لبنان لدى إيطاليا في بداية حديثها، بشأن الوباء الذي ضرب إيطاليا: “صحيح أصبحت إيطاليا حقل تجارب لكنها تعاملت مع الوباء بمهنية عالية جدا إذ تتميز إيطاليا بأنها من الدول الرائدة في مجال الطب خصوصاً في شمال إيطاليا، ولقد اتخذت كل الإجراءات اللازمة لمواجهة الوباء. وهنا لا بد من التنويه بأن لبنان اتخذ الإجراءات الوقائية للحد من انتشار الفيروس، إذ تتعامل الدولة اللبنانية مع الوباء بالطريقة الصحيحة ضمن الإمكانيات المتاحة لها، لأنه بالنهاية تقع المسؤولية على عاتق المواطنين أيضاً، فكل شخص مسؤول عن صحته وصحة الآخرين وعليه أن يلتزم بالتعليمات والإرشادات الصحية منعاً لانتقال العدوى”.
وأضافت السفيرة ميرا ظاهر في مقابلة نشرتها “الأفكار”: “وفي إيطاليا يتصرف اللبناني بمسؤولية كبيرة وأخص بالذكر الشباب اللبناني الذين يتابعون دراستهم الجامعية إذ إنهم على قدر عال من المسؤولية، ولهذا لم نقم بتسهيل عودة اللبنانيين من ميلانو وروما إلى لبنان عن عبث لأننا كنا نعرف تماماً بأن لديهم الوعي الكافي بأن لا يعرّضوا أنفسهم والآخرين للعدوى والحمد لله لم تُسجل حالة إصابة بينهم”.
وتتابع السفيرة ميرا ضاهر: “لمسنا التعاون من الدولة الإيطالية إذ إنها حريصة على صحة وسلامة كل المواطنين الذين يقيمون على أراضيها وبدون أي تمييز، فمع بداية انتشار الفيروس كانت الأمور غامضة، وكان التعاطي مع الموضوع غير واضح بالنسبة إلينا لأننا لم نكن نعلم ماذا يحصل وتحولّت إيطاليا إلى حقل تجارب، إلا أن الأمر الوحيد الذي كنا متأكدين منه أن هذا الفيروس ينتقل بين البشر، وبالتالي من غير المسموح أن يعرّض الشخص حياة الآخرين للخطر بنقل العدوى إليهم حتى لو لم يكن يعلم ما إذا كان هو نفسه مصاب بالفيروس أم لا. أعتقد بأن الأمر لم يعد خطيرا إذ أصبحنا نعلم ما هو “كوفيد – 19” وأصبحت المستشفيات مجهزة لمعالجة المصابين بالفيروس. ما كان خطيراً مع بداية انتشار الفيروس أنه لم يكن يتم تشخيص الإصابة كما الآن إذ كانوا يظنون أنها أعراض الكريب فيُرسل الشخص إلى بيته بدون أن يعلم أنه مصاب بهذا الفيروس وهكذا كانت العدوى تنتقل”.
وكشفت عن طريقة تعاملها مع ملف عودة اللبنانيين إلى بلادهم، قائلة: “في البداية طالب اللبنانيون المقيمون في إيطاليا بالعودة إلى لبنان أو على الأقل بالإفراج عن أموالهم في المصارف اللبنانية ليقدروا أن يستمروا هنا. هناك نوعان من المطالبة: أولاً الطلاب اللبنانيون في إيطاليا كانوا بالأساس يعانون من الأزمة الاقتصادية التي يعانون منها في لبنان لكنهم كانوا يعملون لتأمين مصاريفهم هنا بكرامة وعزة نفس، ولكن عندما بدأ الوباء لم يعد أمامهم حل آخر سوى العودة إلى وطنهم حتى لو كان لبنان يعاني من أزمة معيشية واقتصادية. وبالنسبة إليّ كسفيرة أتواصل يومياً مع المصارف في لبنان ومع رئيس “جمعية المصارف” الدكتور سليم صفير لتسهيل تحويل الأموال من الأهالي لأبنائهم في إيطاليا ليتدبروا أمورهم. ومن جهتنا نحاول قدر المستطاع تسهيل الأمر عليهم ولكن بالنهاية لبنان أيضاً يرزح تحت وضع اقتصادي ومالي صعب فنحن لا نعاني من فيروس “كورونا” وحسب بل نعاني من وضع اقتصادي صعب، لذا أصبحت حياة اللبناني مثقلة جداً بالهموم والمشاكل”.
واستطردت “يقيم في إيطاليا نحو 5000 لبناني، أما عدد الطلاب فيبلغ تقريباً 800 طالب وطالبة يقيمون في روما وشمال وجنوب إيطاليا، ومعظم المدن الجامعية هي في شمال إيطاليا حيث تفشى الفيروس، وتقريباً كل طلابنا يتابعون دراساتهم الجامعية هناك ولكنهم التزموا بالحجر المنزلي منذ البداية وعلى مدى أشهر وأقاموا في غرف صغيرة، وبالرغم من صعوبة الأمر فقد كانوا على قدر عال من المسؤولية. وأذكر هنا حادثة صغيرة إذ كنت أتواصل مع أحد الطلاب وعلمت بأنه لا يريد ان يكمل دراسته الجامعية في إيطاليا إذ أراد أن يعود إلى لبنان وعندها قلت له: عليك أن تدرس وتنجح، وبعد أربعة أيام اتصل بي وأعلمني أنه خضع للامتحان ونجح إكراماً لي فشعرت بسعادة كبيرة وكأن ابني نجح بالامتحان. كما اننا قمنا بتحويل خط ساخن للتواصل مع اللبنانيين في إيطاليا، إذ وُضعت الخطوط الساخنة بالتصرف والتي كانت تابعة للقنصل العام في ميلانو والقنصلية في روما وكل الموظفين ما بين روما وميلانو إضافة إلى القناصل الفخريين المعتمدين إذ كلهم وضعوا أنفسهم بالتصرف للتواصل معنا بأي لحظة طوال فترة الجائحة.
وكشفت عن عدد الطلاب الذين عادوا إلى لبنان، قائلة: “كما ذكرت أنه كان حوالي 800 طالب وطالبة يقيمون في إيطاليا، وأول رحلة من روما إلى لبنان ضمت 122 لبنانياً من بينهم 110 طلاب وطلبة، وكانت الرحلة الثانية من ميلانو إذ كان على متنها 87 لبنانياً والعدد الأكبر منهم كان من الطلاب. وبعدما قامت إيطاليا بفتح البلاد يفضّل الطلاب اللبنانيون الذين سيتخرجون من الجامعات أن يبقوا في إيطاليا إذ إن الدراسة تتم “أونلاين”، ولهذا كنت أسعى بأن تقوم المصارف اللبنانية بتحويل الأموال إلى الطلاب في إيطاليا لإكمال الدراسة الجامعية. وهنا أود أن أشكر مؤسسة الوليد بن طلال والوزيرة ليلى الصلح التي دفعت بالكامل ثمن تذاكر سفر الطلاب (110 طلاب الذين غادروا إلى لبنان بأول طائرة من روما) كما أشكر فاعل الخير الذي سمع صوتنا وساعد الطلاب خصوصاً بأول مرحلة إذ كانوا بحاجة للمساعدة، وبدورنا عملنا ضمن إمكانياتنا وساعدنا كثيرا”.
وأكدت أنها تفتخر بالأطباء اللبنانيين الذين يواجهون الوباء بتفان لا مثيل له، وتقول: “منذ أيام تحدثت مع أحد الأطباء وقال لي أنهم كانوا ثلاثة او أربعة أطباء يمارسون يومياً عملهم خلال انتشار الفيروس والطبيب الذي لم يتوقف عن العمل ليلاً ونهاراً كان لبنانياً. إذ كما يعلم الجميع أنه مع انتشار الفيروس اضطُرت المستشفيات في إيطاليا أن تتحول لمعالجة مصابي “الكورونا”، إذ بلغني أن أحد الأطباء اللبنانيين -وهو رئيس قسم في مستشفى- قال للطاقم الطبي: تحوّلت المستشفى للـ”كورونا” ونحن كأطباء في هذا القسم سنتحوّل كلنا للمساعدة، وحاول بعض الأطباء الهروب من المسؤولية بسبب الخوف من الفيروس في البداية، فأجابهم الطبيب اللبناني: هذا واجبنا الوطني والانساني، فتخيلي كم نشعر بالفخر بالطبيب اللبناني. وطبعاً الأطباء الإيطاليون أبدوا تفانيهم أيضا وهم في الصفوف الأمامية لمواجهة “الكورونا”.