“المغاربة يبكون دون دموع هذه الأيام”، جملة لن يختلف عليها كثيرون، يقول ياسين سائق سيارة الأجرة الصغيرة في العاصمة الاقتصادية، “منذ قرابة ست سنوات وأنا أشغل هذه المهنة، ولم ألحظ قطا مستوى من التذمر لدى الزبائن مثل اليوم، الجميع يشتكي من تتالي الضربات، بعد رمضان والعطلة والدخول المدرسي ها هي قرون الكبش تطل على الجميع”.
بالنسبة لهذا الشاب الثلاثيني ورب أسرة مكونة من طفلين، فإن من طبيعة سائق الطاكسي أن يصغي للجميع، لكن فترة عيد الأضحى هذا العام، دفعت استخدام مذياع سيارته لتجنب تذمر الركاب من الغلاء”.
على بعد أسبوع من حلول يوم عيد الأضحى، تحولت الميتروبول البيضاوي إلى بادية “متمدنة”، بعدما حلت بها قطعان من الأغنام، واستوطنت كراجات سواء الأزقة الواقعة في الأحياء الشعبية أم الراقية، فيما ظهر مهن العيد في كل التقاطعات، وسارع شبان كثر، أغلبهم من العاطلين أو التجار الموسميين، إلى بائعي بصل وفحم وسكاكين، كل مستلزمات العيد، قربت من المواطن.
منذ أن اختفت الأسواق الكبيرة “الرحبا” من مدينة البيضاء، سواء في سيدي مومن أو “افريقيا”، صار الكسابون يلجؤون إلى الكراجات، يقول محمد جغار، وهو شاب متزوج حديثا، سيقتني أضحية العيد للمرة الأولى، “اقتينت كبشن لي وللوالدين بما مجموعه 5500 درهم، فضلت اللجوء إلى كراجات الحي، ربحا للوقت والمال أيضا، فأنا على يقين أن الأثمان سترتفع ابتداء من يوم الثلاثاء، لأن أغلب الموظفين ستوصلون حينها بأجورهم، وهو ما سيدفع الكسابة إلى رفع الأثمان”.
ويسترسل محمد المسؤول عن البرمجة بأحد معامل النسيج بالمنطقة الصناعية مولاي رشيد، “صحيح أن عيد الأضحى جاء في توقيت خانق، لكن لا يكلف الله نفسا إلا وسعها، في كل عام يشتكي الناس، وفي النهاية نجد أن خمسة ملايين رأس ذبحت يوم العيد”.
بعيدا عن كراجات المدينة حيث تتزاحم أكباش في بضع مترات مربعة، هناك من يفضل اللجوء إلى الاسواق الأسبوعية للقرى والبوادي المحيطة بالدارالبيضاء، من ثلاثاء بوسكورة أو خميس مديونة أو السبيت، وهو ما ينطبق على الحاج محمد الذي ألف دوما اقتناء أضحيته من أحد الأسواق الأسبوعية، يقول “منذ قرابة عقد من الزمن، أتوجه رفقة أربعة أصدقاء صوب أحد الأسواق الأسبوعية، وبما أننا خمسة أشخاص فإننا نفاوض من موقع قوة، للحصول على خمسة أكباش بثمن مناسب”.
الحاج محمد لا يأبه كثيرا لأحاديث التذمر من ارتفاع الأضاحي، ويرى أنه من المنطقي أن يعرف كل عام ارتفاعا في الاثمان مقارنة مع سابقيه، ويختم “رغم هذا الهرج، فإنك ما غادي تدي غير اللي مقسم ليك الله”.