طفيليات تطفوا في العالم الأزرق..
وأنا أتجول بين قصائد الشعراء القدامى، إستلهمتني القصائد القومية، وجود وكرم العرب قديما. ففي وقت ليس بالبعيد، كنا نسمع فلان يحب فعل الخير، وفلان أفضاله كثيرة، فما حالنا اليوم لا خير نفعله و لا خير نترجاه، حتى من صار يفتعل الخير، عفوا يفعل الخير يشهر به أو بصاحبه لغاية في نفس يعقوب، فلا ثوابٌ ولا أجر من وراءه ولا حتى غاية إنسانية، إنما ترويج في ترويج وتلميع للصور، والظاهرة هاته كست مجتمعنا في الأيام الأخيرة لغايات محسوبة، كيفما كانت هذه الغايات المهم أنه تشهير بالخير وليس عمل خيري، ننتشي بالتظاهر والصور كما ننتشي بمآسي غيرنا. فبئسا لكم من بشر أنتم، حاشا و أن تكونوا بشرا و أنتم من شوهتم مظهر بعضنا لتلميع صورتكم أو صورة رازقكم عبر المنصات الحداثية الوهمية، التي أصبحنا نتباهى فيها حتى في مآسينا و مآتمنا “فلان في دمة الله، أجريت عملية أدعو لي، تعازينا القلبية لفلان…” والأمثلة كثيرة، وحتى بعض لصوص المال العام هناك من صار يقدسهم و يمسي و يصبح في نشر صورهم مع تلميعات تقابلها تعليقات تصل بالبعض للسب والقذف طولا و عرضا، فما عادت لا الأخلاق ولا القيم دا قيمة عند البعض. كما أصبح بعض المرتزقة يسدون جوعهم بدراهم تدفع أو على حساب ليلة خمرية رفقة بعض العاهرات، مقابل سب الأعراض و المحصنات، والنيل من الخصوم في العالم الإفتراضي. ويا للعجب في أناس هي الأخرى لم تعد تبحث عن لقمة العيش النقية، و صارت تعيش وكأنها في وطنها منفية، و تتغنى بشعارات ظاهرها ملحن بالصدق والحرية، و باطنها تمويل من أشخاص أو منظمات وهمية، وإن تَحدَّثَت باسم الوطنية تجعلك تشك في قيمك القوية، وفي الأصل تحركهم الأوراق النقدية، فلا الواقع يحركهم ولا هٓمُّ الناس يلهمهم. يا زمن ماذا صار بك؟ حتى أصبح المثقف أحمق أو منبوذ، والجاهلُ الثرثار حقوقي و بطل موعود. لا لشيء فقط لأنه يجيد النباح والمساومة مقابل ثمن بخس يبيع الشّرفَ وحتى الكرامة. فأين أنتم يا أصحاب الشهامة أراكم خلف هواتفكم تتمعنون الوقائع في صمت دون ملامة.