تل أبيب وراء هجمات باريس؟…
مابريس – ر ي – إياد قاسم
“جنت على نفسها براقش”، مثل ربما ينطبق على إسرائيل التي حاولت تجنيد المجتمع الدولي لصالحها فيما يخص هجمات باريس، لكنها اصطدمت بعدو أوروبي لدود لسعها وأوقفها عند حدها.
لم تنته باريس من تضميد جراحها من الهجمات الارهابية حتى سارعت تل أبيب إلى توزيع الاتهامات على خصومها بشأن هذه الهجمات الدامية ، ليأتي الرد الصاعق من وزيرة الخارجية السويدية، مارغوت والستروم على شكل تصريح تقول فيه إن إسرائيل تقف بشكل غير مباشر وراء الهجمات في باريس.
بنيامين نتانياهو رئيس الوزراء الإسرائيلي لا يفتأ أن يترك فرصة إلا ويوجه فيها الاتهامات للفلسطينيين، مقارنا إياهم بتنظيم “داعش”، ظنا منه أنه بذلك سيسكت الانتقادات الدولية الموجهة إلى تل أبيب بسبب الإجراءات التضييقية التي قامت وتقوم بها في حق الفلسطينيين بالضفة الغربية وقطاع غزة.
خرج نتانياهو السبت بعد هجمات باريس ليقول إن الحرب على “الإرهاب” يجب أن تستمر وأن يشارك فيها الجميع، مضيفا أن “إسرائيل تعاني من هذا “الإرهاب”، حسب قوله، منذ قيامها.
كانت الوزيرة والستروم قد قالت بعد الهجمات خلال مقابلة على قناة “SVT2 ” السويدية إن التطرف الإسلامي سببه الصراع بين فلسطين وإسرائيل ومشاريع الأخيرة الاستيطانية وقمعها غير المبرر للفلسطينيين.
والستروم في تصريحها هذا حاولت البحث ربما عن الأسباب الكامنة، لكن تصريحها لاقى موجة تنديد واسعة، حيث ردد نتانياهو أقوالها في كل مناسبة خلال الأيام الأخيرة.
لم ينته التنديد على لسان المسؤولين الإسرائيليين، بل ذهبت وسائل الإعلام الإسرائيلية باتهام الوزيرة السويدية بمعاداة السامية وبكرهها لإسرائيل ولشعبها، وشنت حملة شرسة عليها ، معتبرة تصريحها بالمشين والمسيئ للعلاقات التي تجمع إسرائيل والسويد، كما طالبت الحكومة السويدية بالاعتذار عما صدر عن والستروم.
فيما وصفت الخارجية الإسرائيلية تصريح الوزيرة السويدية بأنه معادٍ وصادم ووقح، وذلك وفق ما نقلته وسائل إعلام عبرية.
يرى مراقبون أن إسرائيل تحاول توظيف تنظيم “داعش”، وهو القشة التي يتعلق بها نتانياهو، لتبرير سياسة ممنهجة في الأراضي الفلسطينية بغية توسيع الاستيطان في الضفة الغربية والقدس والتغطية على الأحداث في المسجد الأقصى.
الخلاف الإسرائيلي السويدي لم يبدأ بالتصريح الناري لوزيرة خارجية هذا البلد الأوروبي، بل مع وصول الحزب الاشتراكي إلى سدة الحكم في ستوكهولم، الذي كان يدعو على الدوام إلى الاعتراف بالدولة الفلسطينية على حدود الرابع من حزيران عام 1967 وعاصمتها القدس الشرقية.
يقول محللون إن القرار السويدي بالاعتراف بالدولة الفلسطينية أحدث شرخا كبيرا في المواقف الأوروبية التي كانت دائما تتأرجح بين الاعتراف بفلسطين من عدمه، وهو ما جعل إسرائيل تستغيث بواشنطن لتمارس الولايات المتحدة ضغوطها على القارة العجوز.
إن اعتراف السويد هذا قد يجر بعض الدول الأوروبية إلى الاعتراف أيضا، ولعل الاتحاد الاوروبي كان ينتظر لحظة كسر الجليد من قبل إحدى دوله ، حيث سارعت الدول الأوروبية ممثلة ببرلماناتها إلى التصويت لصالح قرار الاعتراف، ولو كان رمزيا.
لكن تل أبيب ترى بهذه التطورات خطرا يحاصرها، فالاعترافات المتتالية تحشر الحكومة الاسرائيلية في الزاوية، أضف إلى ذلك أن تعثر المفاوضات بين الفلسطينيين والإسرائيليين واستمرار التوسع الاستيطاني ولاءات نتانياهو تزيد الطين بلة بالنسبة للأوروبيين الذين يسارعون في هذه الأيام إلى مقاطعة المنتجات الإسرائيلية، وتخوض تل أبيب صراعا على كل الجبهات لمنع ذلك، لكن دون جدوى.