قال محمد مومن، باحث في علم الاجتماع بالمعهد الملكي لتكوين الأطر، إن “ظاهرة تزويج القاصرات ما زالت تعرفُ انتشارًا كبيرًا في المغرب؛ وهو ما يجعلها ظاهرة مركبة وعامة، حيث أظهرت الإحصائيات أنه يوجد 70 ألف حالة وفاة سنويًا بسبب الزواج المبكر بحسب تقديرات اليونيسف”.
وأورد الباحث في علم الاجتماع، الذي كان يتحدّث في كلمة افتتاحية خلال أشغال الندوة الوطنية حول “تزويج القاصرات وتعديل المادة الـ20 من مدونة الأسرة”، أن “من أسباب تزويج القاصرات في المغرب ما هو اجتماعي يرتبط بالوضع الهش للأسر المغربية، خاصة في العالم القروي”.
ويعرّج مومن، في تحليله للأسباب الاجتماعية لظاهرة تزويج القاصرات في المغرب، على مشكل الفقر “الذي يدفع الآباء إلى تزويج بناتهم قصد تخفيف العبء المادي. كما يمثّل جهل الأسر المغربية وتخوف بعض الآباء من سقوط بناتهم في فخّ العنوسة في ظل المجتمع المغربي، وهو ما يجعلهم يستغلون أي فرصة لتزويج القاصرات، أحد أسباب هذه الظاهرة”.
ويرصدُ الباحث المغربي آثار الظاهرة عبر ثلاثة أصناف ممثلة في “المشاكل الاجتماعية الممثلة في انفصال الفتاة عن زميلاتها في المدرسة وبالتالي يصبحن عرضة للعنف المنزلي”، بالإضافة إلى الآثار النفسية، التي “تتمثّل في المشاكل النفسية التي تعيشها الفتاة والتي تتجلى في الاكتئاب والوسواس القهري وانفصام الشخصية”.
أما بشأن المشاكل الصحية، فتتمثل، حسب الباحث المتخصص في علم الاجتماع، “في أن الفتاة القاصر يضعف جسدها بعد الزواج، ولا يتحمل الكثير من المتاعب”، داعيًا إلى “إعادة مراجعة مدونة الأسرة، خاصة المادة الـ20، مع إلزامية التعليم إلى مستوى البكالوريا لصالح الفتيات، كما على الدولة أن تلتزم بحماية القاصرات”، يقول مومن.
من جانبه، قال عبد الحميد مبركي، عضو المجلس الوطني لنادي قضاة المغرب، أنّ “مدونة الأسرة مكنت القضاء المغربي من لعب دور حمائي للأسر، حيث إن المشرع تصدّى لظاهرة تزويج القاصرات عبر ترسانة قانونية؛ فقد حدد القانون السن الأهلية للزواج في 18 سنة، إلا أن الإشكال المطروح هو أن المشرع ترك هامشًا استثنائيًا يسمح بزواج الفتيات خارج هذا السن وترك المجال مفتوحًا في تحديد السن هل أقل من 18 سنة أو أكثر”.
وأورد القاضي مبركي أنّ “الشريعة الإسلامية تجيز زواج القاصر”، داعيًا إلى إعادة قراءة الآراء الفقهية التي تشدد على بلوغ سن الرشد في حالة الزواج”، مبرزًا أنّ “القضاء حاول أن يبدع آليات تمكنه من الوقوف على الحالات قبول إذن الزواج”.
وأشار مبركي إلى أنّ “الفراغ التشريعي يشجع على انتشار زواج الفاتحة؛ بينما القاضي يجب أن يراعي سن الزّوج وينظر إلى فارق السن، كما يجب عليه أن يتأكد من رغبته وقدرته المادية على الزواج”.
أما محمد النحيلي، رئيس منظمة بدائل للطفولة والشباب، فأكد أنه “يجب القطع مع تزويج الفتاة القاصر من خلال التوعية والتحسيس والتواصل”، مضيفًا أنّ “تنظيم هذا اللقاء يأتي لتعزيز الحوار المجتمعي حول قضية تزويج الفتاة القاصر والتحسيس بعواقبه على الأسرة والمجتمع”.
يذكر أن هذه الندوة العلمية الوطنية، التي تناولت موضوع “تزويج القاصرات وتعديل المادة الـ20 من مدونة الأسرة”، تأتي في إطار تخليد المنتظم الدولي للذكرى الـ30 لاعتماد الاتفاقية الأممية لحقوق الطفل.