الموسيقى الكردية: طوّرت الألحان الأندلسية.. واخترعت الموشحات.. وقيودها وصلت حدَّ الإعدام

0

تعدّ الموسيقى الكردية الحزينة إحدى أكثر أنواع الموسيقى المثيرة للانتباه، نظراً لخصوصيتها والآلات التي تُستخدم فيها، وتنوعها ما بين الحزن الطاغي والفرح العامر.

الموسيقى الكردية عبر التاريخ ورموزها!

تاريخياً، تعتبر الموسيقى الكردية فنّاً قديماً ومتجذّراً، يعود لفترة آل «هريان»، وهم أسلاف الأكراد الحاليين.

وللموسيقيين الكرد دور كبير في الحياة الفنية خلال العصور الإسلامية، كان أحدهم الموسيقي الشهير وعبقري الأندلس «زرياب».

عمل زرياب الكردي على جلب تقاليد موسيقى الشرق الأوسط إلى إسبانيا، ودرَّب موسيقيين محلّيين على الأساليب الكردية الموسيقية المختلفة، كما قام بتأسيس الكثير من مقامات موسيقى الشرق، وتحسين بنية آلة العود.

ويعتبر زرياب «الكردي» السببَ وراء اختراع الموشحات الموسيقية، لأنه عمَّم طريقة الغناء على أصول النوبة.

وكانت هذه الطريقة هي السبب في اختراع الموشح.

كما أدخل زرياب على فن الغناء والموسيقى في الأندلس تحسينات كثيرة، وأهم هذه التحسينات:

  • جعل أوتار العود 5، مع العلم أنها كانت 4 أوتار.
  • أدخل على الموسيقى مقامات كثيرة لم تكن معروفة قبله.
  • جعل مضراب العود من ريش النسر بدلاً من الخشب.
  • افتتاح الغناء بالنشيد قبل البدء بالنقر.

وقد نقل زرياب من بغداد إلى الأندلس طريقتين في الغناء والموسيقى هما:

  • طريقة الغناء على أصول النوبة.
  • طريقة تطبيق الإيقاع الغنائي مع الإيقاع الشعري.

في حين كان إبراهيم الموصلي وإسحاق الموصلي من أهم الموسيقيين الكرد خلال الفترة العباسية. فقد ألَّفا الكثير من الأعمال في علم الموسيقى وأسرارها.

فيما كان وصفي الدين رماوي مؤسس أول مدرسة موسيقية، ومحمد الخطيب آربيلي هو الذي درس الموسيقى الشرق أوسطية بكل تفاصيلها.

الموسيقى الكردية المعاصرة

استطاعت الموسيقى الكردية الحزينة في المنفى أن تجد لها منفذاً، وكوَّنت شركات إنتاج خاصة بها، مدعومة من قبل الحكومات الأوروبية.

ومن الملاحظ أن الموسيقى الكردية المعاصرة أكثر تأثراً بالموسيقى العالمية.

مثل موسيقى البوب والكونتري سايد «الريفية» المنتشرة في الغرب، على الرغم من المحافظة على كتابة الأغاني باللغة الكردية، ومحاولة جعلها مزيجاً من ثقافتهم وثقافة الآخر.

ومن هذه الأسماء شوبن، كوما هنر، بيران قادر زاده، رونيكان هسو، ماير هيكان، وسيرفت هيزسخي وغيرهم.

كيف بدأت دراسة الموسيقى الكردية؟

دراسة الموسيقى الكردية بدأت على يد كاهن أرميني يدعى فارتابين كوميتاس عام 1904.

وأسَّسس أول مركز أكاديمي للموسقيى الكردية في مدينة يريفان، عاصمة أرمينيا، واسمها مدرسة «ماليكان»، حيث تقوم بتدريس موسيقى الدينغبيج القديمة.

كما قام الأكاديمي الكردي سيميلا سيليل بجمع الأغاني الكردية في كتابين، صَدَرا خلال عامي 1964 و1965.

أنواع الموسيقى الكردية!

منذ القدم، يقوم بتأدية الموسيقى الكردية ثلاثة أشخاص هم:

  • المنشدون.
  • رواة القصص.
  • الشعراء.

وقامت الموسيقى الكردية الحزينة الكلاسيكية على نوع معيّن يتعلق بالمحاكم الكردية، يؤدَّى بين الحشود خلال فترة المساء.

بالإضافة إلى العديد من الأغاني والمَلحميَّات التي تعكس الطبيعة الكردية الجميلة، مثل «اللاوكس» الشعبي، وهو عبارة عن أغنية أو ملحمة شعبية بطولية، تعيد سرد حكايات الأبطال الأكراد.

والــ «هيرانس» أو أغنية الحب الشهيرة، التي تتحدث عن كآبة الفراق أو الحب المستحيل.

وهناك موسيقى دينية تدعى «اللاوجي»، وأغاني الخريف «بايزوكس»، والأغاني الإيروتيكية التي تتحدث عن الحب والجنس، وتفاصيل حياة الإنسان الكردي البسيط.

في إيران تناغم وتألق!

كانت مساحات الحرية للموسيقى الكردية أكثر اتساعاً من الدول الأخرى، وقد تأثَّر أكراد إيران بالموسيقى الفارسية الصوفية القديمة، وعَمِلوا على إنتاج لون جديد لها، يتقاطع مع تركيبتهم الكردية.

ومن الأسماء المهمة التي ظهرت «حسن زيراك»، الذي أنتج نحو 1000 أغنية، ومحمد ماملي المعروف بجمال صوته، وعباس كاماندي، وعزيز شاروخ.

بينما برزت فرقة الكامكارز من مدينة الساين، باعتبارها أكثر الفرق شهرةً، وتضم رمزين للموسيقى الكردية، هما آرسلان وهوشهانغ كمكار، وقد أنتجا أعمالاً فردية وأخرى جماعية.

كما أثَّر بعض مطربي الكرد في الموسيقى الإيرانية الكلاسيكية، مثل سعيد علي آسغار كوردستاني، وشهرام نزيري، وكيهان كالهور، وجامشيد آنداليبي.

أكراد العراق .. قيود وصلت حدَّ الإعدام!

امتلك أكراد العراق في بادئ الأمر حريّة الغناء، بعيداً عن التطرق للمواضيع السياسية. وكان «علي مردان» أحد أهم الملحنين والمطربين الكرد.

وقد بدأت ممارسة القيود على الموسيقى الكردية تظهر ببطء، بحيث وصلت إلى إعدام بعضهم مثل «إيرديوان زاخولي وكريم كابان»، وبالتالي ازدهرت السوق السوداء في تداول الأغاني الكردية بشكل سري.

وشارك الكثير من مغني كردستان العراق في محافل موسيقية عربية عدة، وهو ما جعل الموسيقى الكردية تتأثر بالموسيقى العربية، وهو ما نجده في أعمال «تحسين طه، وعلي مردان، وكريم كابان، وإياز يوسف، وعيسى بيرواري، وكاويس آغا، وشمال سايب، وعازف الكمان الشهير دلشاد».

كما اشتهر زكريا عبدالله وعدنان كريم بموسيقى البوب الكردية في العراق.

في سوريا.. نجوم لامعة

رغم غياب التعليم الأكاديمي الموسيقي، فإن بعض الكرد استطاعوا تحقيق الشهرة في سوريا، أمثال غيرابيتي خاكو، ومرادي كاين، وسعيد يوسف «أمير البزق»، ومحمد سيخو صاحب الأغاني الوطنية الرمزية، التي تسبَّبت في حبسه عدة مرات.

بالإضافة إلى آرام تيغران، ومحمد عزيز، ومحمد علي زكير، وفارس بافي فارس، وبانغن، وميكو كينديس، وسيوان هاكو المشهور بغنائه البوب الكردي الغربي، وخيرو عباس، المعروف بأغانيه الجميلة.

في نهاية هذه السلسلة التي تحدثنا فيها عن أجمل ما يتميّز به الأكراد أو «الكرد» كما يحبون أن يطلقوا على أنفسهم، لاسيما (الأعياد، و الزي القومي، والموسيقى الكردية).

نذكِّر بأن الشعب الكردي يعدُّ في حقيقته شعباً محباً للموسيقى، وخالقاً لها؛ لأن الموسيقى بالنسبة له هي أداة التعبير عمَّا يحتويه وجدانه وأحساسه.

ونستطيع أن نلاحظ تفاعل موسيقاهم وتداخلها مع موسيقى مَن حولهم من الشعوب، حين احتوت المقامات الموسيقية الشرقية على مقامين كرديين هما «الكرد، والنهاوند».

وإنّه من المحزن فعلاً أن تكون الموسيقى الكردية مقتصرة على بعض المستمعين دون غيرهم، بسبب عامل اللغة، وبساطة الترويج لها.

The post الموسيقى الكردية: طوّرت الألحان الأندلسية.. واخترعت الموشحات.. وقيودها وصلت حدَّ الإعدام appeared first on عربي بوست — ArabicPost.net.

قد يعجبك ايضا

اترك رد