المرأة العمانية.. تاريخ من النضال والتنمية المستدامة

0

جسدت السياسات والخطط والبرامج الحكومية التى انتهجتها سلطنة عمان منذ فجر النهضة المباركة عام 1970 مشاركة المرأة فى كافة المجالات، وساهمت التشريعات العمانية فى إعطاء المرأة كافة حقوقها، وساعدها ذلك على قيامها بدور مهم فى التنمية إلى جانب الرجل وتعزيز دورها الوطنى فى مختلف ميادين الحياة باعتبارها فاعلًا أساسيا فى التنمية المستدامة.

وذكرت وكالة الأنباء العمانية – فى تقرير بثته اليوم /الجمعة/ ضمن ملف الخدمة الإعلامية النسوية لاتحاد وكالات الأنباء العربية (فانا)- أن وزارة التنمية الاجتماعية بدأت عام 2016 تنفيذ استراتيجية العمل الاجتماعى بالتنسيق مع الجهات المعنية، وبمشاركة خبراء محليين ودوليين، وبالتعاون مع منظمة الأمم المتحدة للطفولة (اليونيسف)، وتمتد إلى عشر سنوات (2016 -2025) وتم تطويرها وفق ثلاثة مبادئ استرشادية هى التمكين، والإنصاف، والاندماج الاجتماعى، وتم التركيز على ستة محاور فى الاستراتيجية من بينها محور التنمية الأسرية المتعلق بقطاع شؤون المرأة، ويتضمن تنمية المهارات الإنتاجية لديها، وتعزيز مشاركتها السياسية والاجتماعية، والتوعية القانونية لها، وتحديات المرأة العاملة، ومتابعة تنفيذ الاتفاقية الدولية للقضاء على أشكال التمييز ضد المرأة.

وركز النظام الأساسى للدولة على أهمية تقوية الأسرة وحمايتها كونها النواة الأساسية للمُجتمع، وأحد العوامل المؤثرة فى التنمية الاجتماعية والاقتصادية والبيئية والثقافية المستدامة.

وتساهم الأسرة فى تشكيل القِيَم والمُعتَقدات والعادات والتقاليد السّائدة فى المُجتَمع لدى الأبناء، وهى أكثر مؤسسات التنشئة الاجتماعية أهمية، فالمجتمع العُمانى مجتمع يحمل خصائص الانتماء داخل الإطار العام للهوية العُمانية، ويعلى قيمة الترابط الأُسَرى، والتواصل مع المحيط الاجتماعى للفرد والأُسرة، فالأُسرة لا تُعدُّ البيئة التى ينمو فيها الطفل فحسب، بل المؤسسة الاجتماعية الأولى التى يتم من خلالها نقل القيَم الاجتماعية والثقافية لأجيال المستقبل.

وهيأت النهضة المباركة انطلاقا من الرؤية الحضارية لبانى نهضة عمان الحديثة السلطان قابوس بن سعيد، للمرأة العُمانية اهتمامًا كبيرًا فى كافة المجالات، وتجاوبت المرأة مع هذا الاهتمام فساهمت فى مسيرة التنمية الشاملة وتحملت المسؤولية إلى جانب الرجل فى مختلف الأنشطة.

وتسعى وزارة التنمية الاجتماعية من خلال برامجها المختلفة إلى تنمية إمكانات المرأة وبناء قدراتها ومهاراتها وإعطائها الفرص المناسبة للمشاركة فى برامج التنمية، وتمكينها من المشاركة الفاعلة فى حياتها الأسرية وشؤون مجتمعها، وتخطيط وتنفيذ البرامج الموجهة لها، وتوفير كافة أشكال الدعم والتدريب.

وساهم حصول المرأة العمانية على التعليم وخروجها إلى العمل ومشاركتها فى مجالات التنمية المختلفة فى التطوير فى مفاهيم فئات المجتمع بشأن عمل المرأة أو تنميطه بوظائف محددة كالزراعة والرعى أو العمل المنزلى كما كان فى السابق، فصارت المرأة اليوم تعمل فى أغلب الأعمال والوظائف، وبفضل حصولها على فرص المساواة فى التعليم الأساسى والتعليم العالى وتشجيعها على الاختيار فى التخصصات والكليات المختلفة سواء داخل أو خارج السلطنة، فقد تمكنت من تحقيق نسب عالية فى التعليم الأساسى والتعليم العالى، وكذلك الحصول على مراتب عليا فى الوظائف وفى العديد من المجالات المتخصصة التى كانت حكرًا على الرجل.

ويوضح التقرير الجامع لتقريرى السلطنة الثانى والثالث لاتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة (سيداو) الصادر فى عام 2016 أن السلطنة حرصت على الاهتمام بأوضاع المرأة الريفية، وعملت على دعم أدوارها المختلفة بما فى ذلك عملها فى قطاعات الاقتصاد غير النقدية، حيث يحتسب عمل المرأة الريفية فى الناتج القومى عند وجود أو استخراج السجلات التجارية والتراخيص البلدية وبطاقات الحيازة الزراعية الخاصة بمشاريع المرأة الريفية، وعند اشتغالهن فى مشاريع خطوط الإنتاج (كمصانع التمور وغيرها).

وتلعب المرأة الريفية والساحلية العمانية فى كافة محافظات السلطنة دورا فاعلا فى الإنتاج الزراعى والحيوانى والسمكى جنبا إلى جنب مع الجهود التى تدفع عجلة التطور قدما، وتساهم فى تعزيز جهود التنمية حيث تعمل فى نشاطات كثيرة ومتعددة فى تلك المجالات خاصة فى مجالات تربية الدواجن والأبقار وصناعة الألبان وتربية الماعز والضأن والغزل وصناعة الجلود وتربية خلايا نحل العسل والزراعة والرى والحصاد والفرز والتخزين والتصنيع الغذائى مثل صناعة المخللات، والمربى، والدبس، وصناعة السعفيات، واستخلاص الأدوية من الأعشاب، وتصنيع منتجات الثروة البحرية، وغيرها من الأنشطة الإنتاجية.

وحرصت وزارة الزراعة والثروة السمكية منذ سنوات طويلة على إبراز دور هذه الفئة فى المجتمع، وكان لأقسام المرأة الريفية والساحلية فى المديريات العامة للثروة الزراعية والحيوانية والسمكية بمحافظات السلطنة التى تعمل فيها مهندسات ومرشدات ومشرفات مؤهلات جهودًا واضحة شملت التوعية، وتنفيذ الدراسات والبرامج والأنشطة الهادفة إلى تنمية دور المرأة فى تلك المجتمعات، وإبراز دورها الإنتاجى حتى يساهم بشكل كبير فى الدخل الاقتصادى للأسرة العمانية.

وتحتفل السلطنة فى السابع عشر من أكتوبر من كل عام بيوم المرأة العمانية حيث تنظم وزارة التنمية الاجتماعية احتفالًا رسميًا بهذه المناسبة يتضمن عقد ندوة رئيسية، وعرض تجارب رائدات الأعمال العمانيات، وبعض الفعاليات التى تعنى بشؤون المرأة، وتدشين عدد من الدراسات العلمية المتعلقة بجوانب تربوية واقتصادية واجتماعية على الصعيد الأسرى.

وتشير أرقام المركز الوطنى للإحصاء والمعلومات المتعلقة بالتركيبة النوعية للسكان العمانيين إلى أن 2.1 مليون نسمة عدد النساء العمانيات عام 2016، وبلغت نسبة النوع 100 وذكرين اثنين لكل 100 أنثى، كما تشير تلك الإحصائيات إلى أن 41% من النساء العمانيات هن من الفئة العمرية (0 ـ 17)، بينما 6.23% منهن بسن الشباب (18 – 29) سنة.

وحول معدلات الأميَّة فى السلطنة، فإن هناك بعض التفاوت فى انخفاض تلك المعدلات بين الذكور والإناث حسب الأعوام من 2011 – 2015 حيث تنخفض نسب الأميَّة تدريجيا، وبلغت 4.11 بالمئة فى عام 2011 وأخذت فى التراجع إلى أن وصلت إلى 1.7 % فى عام 2015 ، وبلغ معدل الأميَّة لدى الإناث فى عام 2016 1.9% منخفضًا من 7.9% فى عام 2015 ، وبلغ معدل الالتحاق الإجمالى بالتعليم ما قبل المدرسى للإناث 6.54 % خلال عام 2016، فيما بلغت نسبة الالتحاق الصافى للإناث فى المرحلة الدراسية من (1 – 6) 4.96% و7.95% فى المرحلة الدراسية من ( 7- 9 ) و3.85% فى المرحلة الدراسية من (10 -12)، وبلغ عدد الإناث فى المدارس الحكومية خلال العام الدراسى ( 2016 -2017 ) 280 ألفا و400 طالبة بنسبة 7.49% من إجمالى عدد الدارسين من بينهن 150 ألفا و196 طالبة فى الصفوف الدراسية من ( 1 -6)، وبلغ عدد الإناث المقيدات فى مؤسسات التعليم العالى داخل السلطنة 81 ألفا و786 طالبة من بين 141 ألفا و790 طالبا وطالبة مقيدين فى تلك المؤسسات فى العام الدراسى 2015 -2016.

وشكلت الإناث العاملات فى القطاع الحكومى نهاية عام 2016 ما نسبته 5.41% من إجمالى عدد العاملين، فيما بلغت نسبتهن فى قطاع الخدمة المدنية 47%، وبلغ نسبة الإناث فى وظائف الإدارة العليا والوسطى والمباشرة بالخدمة المدنية 21%، فيما بلغت نسبة الإناث العمانيات العاملات فى القطاع الخاص 24% من إجمالى عدد العمانيين العاملين فى القطاع، وبلغ عددهن فى نهاية يوليو من العام الماضى 59 ألفا و144 عاملة من بين 236 ألفا و708 عمال عمانيين فى القطاع، وشكلت نسبة الإناث المؤمن عليهن نهاية عام 2016 والمسجلات فى صناديق التقاعد 32% ونسبة الإناث المستفيدات من الضمان الاجتماعى 58%، حيث توزعت لتكون على النحو التالى 14% من المستفيدات مطلقات، و8% أرامل، و3% غير متزوجات.

وفى مجال المشاركة السياسية، فإن للمرأة العمانية الحق فى ممارسة الحقوق السياسية التى كفلتها التشريعات الوطنية حيث صدر قانون انتخاب أعضاء مجلس الشورى بالمرسوم السلطانى رقم (58/ 2013)، مبيناً على شروط الانتخاب فى عضوية المجلس، وقد جاء متوافقاً مع أحكام النظام الأساسى للدولة بحيث يتيح للمرأة حق الترشح والانتخاب دون أن يكون هناك شروط أو قيود تميز بين الرجل والمرأة، وتمثل النساء فى مجلس الدولة نسبة (17%) خلال الفترة السادسة الحالية للمجلس، بينما تمثل نسبة (1%) فى مجلس الشورى فى فترته السابعة 2016-2020، و40.3% فى المجالس البلدية للفترة 2016-2020.

وانضمت السلطنة إلى اتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة بالمرسوم السلطانى رقم:(42 /2005)، وشكلت وزارة التنمية الاجتماعية لجنة معنية بمتابعة تنفيذ هذه الاتفاقية ممثلة بعدد من الجهات الحكومية والأهلية، وفى مطلع عام 2016 رفعت السلطنة تقريرها الوطنى الجامع للتقريرين الثانى والثالث لاتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة، وتمت مناقشته خلال الدورة الـ(68) للجنة المعنية بمتابعة تنفيذ الاتفاقية بالأمم المتحدة.

وأمنَّت السلطنة حماية المرأة من كافة أشكال العنف بما فى ذلك العنف الجنسى، والإيذاء داخل الأسرة، والتحرش الجنسى فى مكان العمل من خلال عدد من التشريعات التى تم تطويرها منها قانون العمل الصادر بالمرسوم السلطانى رقم (35 / 2003) الذى أفرد فصلاً خاصًّا بتشغيل النساء، حيث أكدت المادة (80) من القانون ذاته على عدم التمييز بين الجنسين فى العمل الواحد، كما تم حظر تشغيل النساء فى الفترة بين الساعة التاسعة مساءً، والسادسة صباحًا فى المادة (81)، وفى المادة ( 82 ) تم حظر تشغيل النساء فى الأعمال الضارة صِحِّيًّا والأعمال الشاقة وغيرها من الأعمال التى يصدر بتحديدها قرار من وزير القوى العاملة، وجاءت المادة (84 ) لتحظر على صاحب العمل فصل العاملة لغيابها بسبب مرض يثبت بشهادة طبية أنه نتيجة الحمل أو الوضع، وأنه لا يمكنها العودة إلى عملها بشرط أن لا تتجاوز مدة الغياب فى مجموعها ( 6 ) أشهر.

وألزمت المادة (85) صاحب العمل عند تشغيل عاملة أو أكثر أن يضع فى مكان العمل نسخة من نظام تشغيل النساء.

وتجدر الإشارة هنا إلى أن الاتحاد العام لعمال السلطنة فى إطار جهوده الحقوقية والنقابية شارك بمجموعة من المقترحات تتعلق بالمرأة العاملة فى مشروع قانون العمل الجديد، منها زيادة عدد أيام الإجازة، وعدد مرات إجازة الوضع ومدتها، وساعات العمل، وتخصيص فترات للعاملة المرضعة لإرضاع مولودها.

وتشارك المرأة العُمانية الرجل فى تمثيل دولتها فى المحافل الدولية، حيث إن هناك العديدَ من الموظفات العُمانيات اللاتى يعملن فى السلك الدبلوماسى، ويعملن فى سفارات السلطنة، ومنهن سفيرات فى عددٍ من الدول، كما أن المندوبة الدائمة للسلطنة لدى الأمم المتحدة ترأست لجنة الإعلام التابعة لمنظمة الأمم المتحدة خلال الفترة من أبريل 2013 إلى أبريل 2015، وشهد تمثيل المرأة فى المجال الدبلوماسى تطورًا ملحوظًا خلال السنوات الأخيرة 2011-2015 فقد بلغ عدد النساء العاملات فى وزارة الخارجية نحو ( 219 ) موظفة، حيث تشكل المرأة ما نسبته (11 ) فى المائة من العاملين فى السلك الدبلوماسى.

وقد تبوأت المرأة العُمانية مناصب رئيسية فى العمل الدبلوماسى كسفيرة وغيرها، وتشارك المرأة العُمانية العاملة فى جميع الوزارات والهيئات الحكومية فى الوفود التى تمثل السلطنة، وفى اللجان الحكومية على المستويين الدولى والإقليمى، وفى المؤتمرات والندوات والفعاليات الأخرى، كما تقوم العديد من النساء برئاسة تلك الوفود بحكم مناصبهن القيادية فى مختلف المجالات.

وبالنظر للدور الذى تلعبه المرأة فى المجال الاجتماعى ومدى وعيها بثقافة العمل التطوعى، ومشاركتها فى خدمة المجتمع، فهناك 4 مراكز لتنمية المرأة العمانية، و(62) جمعية للمرأة العمانية فى كافة محافظات السلطنة تمارس من خلالها المرأة نشاطها فى الجوانب الاجتماعية، والثقافية والرياضية، وخدمة المجتمع بشكل عام وفق نطاقها الجغرافى ووفق القوانين المتبعة فى هذا الشأن، كما تقدم الجمعيات الأهلية التخصصية برامج وخدمات للمرأة وفق الاختصاص.

وتؤكد الدراسات نجاح خطط الحكومة الرامية إلى توفير كافة فرص التدريب والتأهيل والتعليم إيمانًا منها بالدور الحيوى للمرأة العمانية فى بناء المجتمع ومساهمتها الكبيرة فى دفع عجلة التنمية إلى الأمام، كما توضح المؤشرات أن المرأة العمانية قادرة على تحمل الدور الوطنى المناط بها فتجدها تتفوق فى كافة المجالات العلمية، والعملية، والصحية، والرياضية مستفيدة من الدعم السامى للسلطان قابوس بن سعيد من خلال توفير البرامج الحكومية التى تهدف إلى تمكين المرأة فى كافة القطاعات السياسية والاجتماعية والاقتصادية.

قد يعجبك ايضا

اترك رد