السيد عبد العظيم الحافي (مندوب كوب 22): المغرب حقق تقدما مهما في مجال التكيف مع التغيرات المناخية
حوار الصحيفة الرقمية لوكالة المغرب العربي للأنباء (ماروك لو جور) مع السيد عبد العظيم الحافي، مندوب مؤتمر المناخ (كوب 22):
ماروك لوجور: ماهي النتائج الملموسة التي تحققت منذ قمة (كوب 22) بمراكش؟
عبد العظيم الحافي : شكل مؤتمر الأطراف في اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن المناخ بمراكش (كوب22) مؤتمر التنفيذ. بيد أن تفعيل التوصيات والمبادرات المتخذة بهذه المناسبة يتطلب عملا على المدى الطويل. إن طبيعة المفاوضات متعددة الأطراف جد معقدة ، مما يزيد من تعقيد الموضوع المرتبط بالتغيرات المناخية. ولتحقيق البعد الكوني، من الضروري التوصل إلى توافق. كما أن تقريب وجهات نظر الأطراف ال 190 في المفاوضات يعد مهمة صعبة. إن الاتفاق العالمي لباريس يواجه خطر تصدع التوافق في وقت التنفيذ والأجرأة.
وعلى الصعيد الوطني، حقق المغرب تقدما كبيرا في مجال التكيف مع التغيرات المناخية، في مجالات الطاقات المتجددة والمياه والأحواض المائية والتنوع البيولوجي …
وعلى سبيل التوضيح، فإن تدبير مخاطر حرائق الغابات يعد تحديا كبيرا سيشكل مستقبلا مصدر انشغال عالمي بسبب آثار التغيرات المناخية، ومنطقتنا بحوض البحر الأبيض المتوسط توجد في الخط الأمامي.
ويعد البرنامج الوطني لتدبير حرائق الغابات، الذي أطلق في عام 2005، أحد أنجح مخططات التكيف. ويمكن هذا البرنامج القائم على مقاربة استباقية، من تقييم، مرتين في اليوم، معامل الخطر (احتمال حدوث حريق) على مستوى الغابات الوطنية في كل كيلومتر مربع . ويحدد هذا التقييم الإجراءات الملائمة من أجل تدبير أمثل لحرائق الغابات، وذلك وفق مقاربة منسقة مع كافة الشركاء. إن تدبير حرائق الغابات يعد بالدرجة الأولى "تدبيرا للوقت" وللإجراءات مع التدخل في الوقت الحقيقي حسب طبيعة كل حريق. وتكون الفعالية رهينة بهذه المقاربات وكذا بالوسائل اللوجستية المتوفرة، بدءا بآليات التدخل الأولي مع أسطول متنقل، يتم نشرها في التدخل الأولي وبالاعتماد على أسطول الطائرات ذات الكفاءة العالية (كنداير، توربو – تريش…).
وقد مكن مخطط التكيف هذا من إرساء تعاون مهم مع دائرة الغابات في الولايات المتحدة "يو اس فوريست" وتعاون جنوب-جنوب كالذي تمت إقامته بين المندوبية السامية للمياه والغابات ومحاربة التصحر وكوستاريكا . وبالإضافة إلى ذلك، فإن المخطط الوطني لتهيئة الأحواض المائية يعد استراتيجية عملية من أجل تدبير الموارد الطبيعية، وتنظيم والحفاظ على الموارد المائية في مختلف الأحواض المائية.
ومن بين 20 مليون هكتار من الأحواض المائية التي يتوفر عليها المغرب، بما في ذلك 1,5 مليون هكتار تتطلب إجراءات عاجلة، تمت معالجة 800 ألف هكتار (التربة والأغراس.. ). وقد مكنت هذه العملية من منع تسرب المياه والحد من الفيضانات وحماية البنيات التحتية وترسبات السدود .
أية حصيلة ، برأيكم، لمؤتمر (كوب 22 ) في مراكش؟
شكل مؤتمر الأطراف (كوب 22 ) في مراكش تحديا كبيرا، على اعتبار أن تنفيذ اتفاق باريس حول المناخ كان يتطلب الانتقال إلى مستوى تنفيذ قرارات باريس، ورسم خرائط طريق ملموسة حول التمويل ونقل التكنولوجيا، والتكيف، وتكوين القدرات، وتدبير مخاطر المناخ.
كما أن الانتقال من القرار إلى التنفيذ شكل رهانا حقيقيا. وفي هذا الإطار ، كان (كوب 22 ) مؤتمرا للعمل ونقطة انطلاق عمليات واسعة النطاق في بعدها وشكلها واستدامتها، من أجل الانخراط في الهدف الطموح في أفق 2050 بحصر ارتفاع درجات حرارة الأرض في حدود درجتين مئويتين في نهاية القرن. وقد تميز هذا الحدث العالمي أيضا بعقد قمة العمل الإفريقية، التي ترأسها صاحب الجلالة الملك محمد السادس، وحضرها رؤساء الدول والحكومات الإفريقية، لمناقشة مختلف الإشكاليات ذات الصلة بالتغيرات المناخية ولرفع التحديات المناخية التي تواجهها القارة.
إن خارطة الطريق أو "إعلان مراكش"، التي توجت أشغال هذه القمة، تكتسي أهمية كبيرة من حيث أنها تحدد نموذجا عمليا حقيقيا، أولا من خلال "المبادرة من أجل تكييف الفلاحة الإفريقية مع التغيرات المناخية"، التي اقترحها المغرب، ومبادرة " أمن، استدامة واستقرار" التي اقترحتها المملكة والسينغال.
وتبرز أهمية القمة لكونها لم تعرف فقط حضور رؤساء الدول والحكومات الإفريقية ، ولكن أيضا لاستضافتها للشركاء غير الحكوميين والمانحين . وقد أولى المغرب، الذي تحول إلى صوت دول الجنوب، أهمية كبيرة لتنفيذ القرارات المتخذة على أرض الواقع، خاصة تعبئة الموارد المالية الكفيلة بتسريع وتيرة إنجاز المشاريع المناخية المبتكرة.
بالإضافة إلى ذلك، عرف مؤتمر (كوب 22 ) بمراكش نجاحا كبيرا، ذلك أن تدبير حدث من هذا النوع خلال أسبوعين مع حضور أزيد من 50 ألف مشارك، شكل تحديا تمكن المغرب من رفعه بنجاح.
كما أن هذه التظاهرة شكلت موعدا مهما للتفكير والتفاعل بين الخبراء وصانعي القرار والفاعلين الجمعويين حول مختلف القضايا المناخية . وقد تم رفع التقسيمات التقليدية بين المنطقة الزرقاء (منطقة المفاوضين) والمنطقة الخضراء (المجتمع المدني) من أجل إرساء اندماج للجميع بغية تحقيق الهدف المشترك المتمثل في تدبير التحدي المناخي.
وكانت قضية التكيف أيضا في صلب الانشغالات خلال مؤتمر (كوب 22 ) بسبب خصوصية القارة الإفريقية التي تعاني من آثار التغيرات المناخية رغم عدم مسؤوليتها تاريخيا عن ذلك. والواقع أن الأحداث المناخية الكبرى مثل الأعاصير وموجات الجفاف والفيضانات وحرائق الغابات … هي انعكاسات مباشرة لتغيرات المناخ التي يتعين اتخاذ إجراءات للتكيف معها.
ما هو الدور المرتقب للمغرب لضمان نجاح (كوب 23 ) التي ستترأسها جزر فيجي؟
إن الدولة التي ترأس مؤتمر الأطراف حول المناخ (كوب) تواصل عملها إلى غاية شهر يوليوز حيث تعطي المشعل تدريجيا إلى الرئاسة الجديدة، التي تصبح نهائية وفعلية مع عقد الدورة الثالثة والعشرين لمؤتمر الأطراف في نونبر. وحتى ذلك الحين، تواصل المملكة مهمتها، ولا سيما على مستوى المفاوضات لتسريع النقاش والقرارات بشأن ما كان أساس أولويات الرئاسة المغربية أولا، ثم حول القضايا الأساسية للهياكل والإجراءات والمخططات العملية من أجل أجرأة ما تقرر . كما سيواصل المغرب التزامه الكامل من خلال السهر على تفعيل القرارات التي تم اتخاذها خلال (كوب 22).
وخلال الأسبوع الأول من (كوب 23 ) الذي سينعقد ببون، سيكون المغرب حاضرا إلى جانب جزر فيجي، قبل تقديم حصيلة حول الإنجازات المسجلة منذ مؤتمر (كوب22). وسيظل المغرب، القوي بتجربته الناجحة، منخرطا بشكل قوي في الجهود العالمية الرامية إلى رفع تحدي التغيرات المناخية.
ما هي بنظركم الصعوبات التي تعيق تنفيذ اتفاق باريس حول المناخ ؟
خلال المفاوضات، ما حدث على مستوى الانتخابات الرئاسية الأمريكية أثر على الحماس العام. وأعربت مختلف الأطراف عن قلقها من أن الإجماع، الذي كان إحدى السمات الرئيسية لاتفاق باريس، قد يتلاشى . وفي الوقت الذي كنا نتطلع فيه إلى أن تعطي الولايات المتحدة إشارات سياسية قوية للدفع قدما باتفاق باريس. كانت هناك، على العكس من ذلك، شكوك، مع المس بشيء أساسي، وهو الطابع الاستعجالي للعمل وما يترتب عليه من تكلفة باهظة ناجمة عن عدم العمل عبر الرغبة في إعادة التفاوض بشأن اتفاق باريس، في حين يتعين العمل سريعا بشكل مكثف وجماعي في إطار التوافق "المنتزع" في باريس. ذلك أنه لا يوجد كوكب بديل أو اتفاق بديل للاتفاق الذي تم التوصل إليه بصعوبة.
………………
الصحيفة الرقمية لوكالة ومع (ماروك لو جور)
5/11/2017